الفارق بين حكام إسرائيل والحكام العرب

كان من أهم ما ذكره جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكليكس، فى لقائى معه عن إسرائيل هو أنها تملك شركات أمنية عالمية تدير كثيرا من مطارات العالم ومن ثم تتحكم فى معلومات الركاب والمسافرين وحركة الطيران، وتستطيع رصد وملاحقة الكثير ممن تعتبرهم أعداءها أو حتى مقربين منها، والأمر لا يقف عند السيطرة على أمن المطارات بل تتجاوزه إلى المهرجانات العالمية سواء الرياضية أو الفنية، وكذلك أمن الشركات العابرة للقارات والأهم من كل ذلك شركات الاتصالات، والأخطر من كل ذلك تأمين قصور الحكم؛ فتحت شعارات عالمية اخترقت إسرائيل معظم الشركات الأمنية العالمية أو أسست هى شركات خاصة بها أخذت شهرة عالمية دخلت من خلالها بيوت كثير من زعماء العالم، بل وسيطرت على بعض شركات الاتصالات وشركات تصنيع الأجهزة والتدريب الأمنى والعسكرى، ومن ثم أصبحت المعلومات كلها متاحة بسهولة تحت يديها وأصبحت حركات الجميع عبر المطارات مرصودة لديها، بل وكثير من قصور الحكم والشركات والمؤسسات التى تعمل فى المجالات الدقيقة. أما فيما يتعلق بالدول العربية فقد كانت من أهم الوثائق التى كشفها أسانج عن اليمن آنذاك ولم تكن الثورة قد قامت فيها: وثيقة أمريكية ذكرت أن الرئيس على عبدالله صالح بدأ يفقد السيطرة على البلاد وأن الوضع أصبح هشا فى اليمن، وأن إدارة على عبدالله صالح لها إدارة فاشلة، هذا فى الوقت الذى كان فيه صالح حليفا للأمريكان، ولم تمض سوى أسابيع حتى اندلعت الثورة فى اليمن. أما السودان فقد كان هناك أكثر من ثلاثة آلاف وثيقة سُربت عنها حتى ذلك الوقت، كانت من بينها وثيقة تتحدث عن تحويلات قيمتها 9 مليارات دولار حولها الرئيس البشير لبعض المصارف فى لندن، لكن الحكومة السودانية نفت علمها بهذا الأمر. أما الوثائق التى كانت تتعلق بالقذافى وفضائحه فلا شك أن قصصه مع النساء كانت تحتل حيزا لا بأس به فى الوثائق الأمريكية وكان هذا بطبيعة الحال مدخلا لمعرفة هذه الشخصية المنحلة أخلاقيا، وبعد سقوطه كشفت الحقائق عن أن ما بالوثائق كان أقل بكثير مما فى الواقع. أما تونس التى اندلعت فيها الثورة بعد أيام من هذا الحوار فقد ركز أسانج فى الوثائق التى كشفها عن الفساد المحيط بالرئيس بن على وعائلة زوجته ليلى الطرابلسى، وأكدت الوثائق أن هذا المحيط الفاسد يدير تونس على غرار عصابات المافيا، وما هى إلا أيام إلا واندلعت الثورة فى تونس وسقطت عصابة المافيا التى كانت تحكمها برئاسة بن على. الوثائق الخاصة بمصر ركزت على ما كشفته الحقائق بعد ذلك حينما اندلعت الثورة المصرية، وهى العلاقة الخاصة والحميمية التى ربطت مبارك بإسرائيل رغم عدم زيارته لها، ومخاوف الإسرائيليين من سقوطه وأن يكون مصيره مثل شاه إيران، وبعد سقوط مبارك أكد الإسرائيليون أنه كان «الكنز الاستراتيجى» لإسرائيل، كما تحدثت الوثائق عن ملف التوريث وموقف الجيش منه، وبعد أيام اندلعت الثورة فى مصر. وعن قناة «الجزيرة» وما تسببه من إزعاج للأمريكيين قال أسانج إن هناك أكثر من خمسمائة وثيقة اكتشفها آنذاك تتحدث عن قناة «الجزيرة» وانزعاج الأمريكيين منها، غير أن أهم الوثائق تحدثت عن مساع أمريكية إماراتية لم تكلل بالنجاح لتأسيس محطة إخبارية تختطف الأضواء من قناة «الجزيرة»، لكن التجربة فشلت. أما أهم ما خلصت إليه الوثائق فهو أنها فضحت علاقة الدبلوماسيين الأمريكيين بمصادرهم؛ فكل من قال لدبلوماسى أمريكى كيف حالك؟ أرسلها الدبلوماسى فى وثيقة إلى واشنطن، كما أن هذه الوثائق كشفت عن شىء مهم، أنه فى الوقت الذى انشغلت فيه إسرائيل باختراق العالم كان الحكام العرب مشغولين بنهب شعوبهم والتفرغ لشهواتهم. فى البداية تعاونت مع جوليان أسانج كثير من وسائل الإعلام العالمية مثل «دير شبيجل» الألمانية، و«جارديان» البريطانية، و«نيويورك تايمز» الأمريكية، وقناة «الجزيرة»، لكن الولايات المتحدة والدول الغربية شكلت ضغوطا هائلة على المؤسسات التابعة لها فانسحبت من اتفاقها، مما أتاح لأسانج أن يوجه مئات الآلاف من الوثائق إلى معظم وسائل الإعلام فى العالم أو يتركها متاحة على موقع ويكيلكس لمن أراد، والسؤال هنا: من الذى كان يلاحق أسانج؟ ولماذا؟ نكمل يوم السبت.

Total
0
Shares
السابق

من السجن إلى كرسى الرئاسة

التالي

مغامرة فى الريف الإنجليزى

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share