قصة البيان الأول لثورة25 يناير (3)

التقيت عصر الأربعاء 9 فبراير 2011 مع الدكتور مرسى منصور والدكتور عصام النظامى والزميل داوود حسن خلف المنصة الرئيسية فى ميدان التحرير وقررنا الذهاب لمطعم «فلفلة» القريب من الميدان لنأكل أو نشرب شيئاً ونتحاور بهدوء حول فكرة جديدة بعيداً عن صخب الميدان. بعد قليل غادر داوود بعد اتصال وبقيت مع د.عصام النظامى ود.مرسى منصور، وطرحت عليهما فكرة البيان الأول للثورة فرحّبا بها وأخرج الدكتور مرسى أوراقاً من حقيبته التى كانت تلازمه، وقال: حتى نكون عمليين.. ليكتب كل منا تصوره للبيان الأول للثورة ونخرج ببيان موحد تعرضه أنت على القوى السياسية فى الميدان حيث يثقون بك ويحترمونك، بعدما أنهيت كتابة المسودة أخذها الدكتور مرسى ولما قرأها بصوت عال حتى يسمع الدكتور عصام، أبدى كل منهما إعجابه بها، وقال الدكتور مرسى: هذا البيان يغنى عما كتبته، فقد حوى كل ما يريده الشعب من مطالب، كما أنه بصياغته الأدبية القوية ذكرنى ببيانات الثورات والانقلابات العسكرية، ضحكنا ثم قلت لهم: لا بد أن نذهب حتى نعرضه على ممثلى القوى السياسية ونحاول أن نصدره اليوم إن استطعنا، تحركنا قبيل المغرب بقليل عائدين للميدان، كان البيان به ديباجة ومطالب مباشرة وقصيرة هى أهم ما يطالب به الشعب من إسقاط للرئيس مبارك ونائبه وحكومة أحمد شفيق وتشكيل مجلس رئاسى مؤقت وإلغاء الدستور وحل مجلسى الشعب والشورى وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، إلى غير ذلك من المطالب التى يطالب بها الشعب والمعتصمون فى ميدان التحرير، عدنا للميدان حتى نعرض الفكرة والبيان على القوى السياسية الرئيسية.. عرضت البيان على الدكتور عبدالجليل مصطفى رئيس الجمعية الوطنية للتغيير والدكتور محمد البلتاجى من الإخوان المسلمين والمستشار محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض السابق والزميل محسن راضى والدكتور خالد عبدالقادر عودة العالم الجيولوجى المعروف وابن الشهيد الفقيه القانونى الدكتور عبدالقادر عودة الذى أعدمه عبدالناصر عام 1954 بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين كما عرضته على الدكتور صفوت حجازى وكثير غيرهم، فوجدت تجاوباً كبيراً وترحيباً واسعاً من الجميع لم أجده من قبل، مع تعديلات كان يطلبها هذا أو يضيفها ذاك، وكان واضحاً أنى عرضت البيان فى لحظة تاريخية ونفسية كان ينتظرها الجميع، لكن المشكلة أن البيان كان بخط يدى وبه بعض التعديلات والإضافات وكان لا بد من طباعته على جهاز كمبيوتر بشكل واضح حتى نعلنه ونوزعه على الصحفيين ووكالات الأنباء، أخذت أبحث عمن يطبع البيان وكان حولى بعض الشباب المتحمسين وبعض العناصر الفاعلة فى الميدان فقال لى عبدالجليل الشرنوبى مسئول موقع «إخوان أون لاين» آنذاك، أنا أستطيع أن أطبعه وأعود لكم به خلال وقت قصير.. بحثنا عن مكان أراجع فيه المسودة مع التعديلات مع عبدالجليل فلم أجد فراجعناها فى حضور جمع من الناس فى الممر خلف المنصة، وذهب عبدالجليل الشرنوبى بمسودة البيان الأول التى كتبتها واعتمدتها من رموز القوى السياسية يوم الأربعاء 9 فبراير لكنه لم يعد ولم أره حتى كتابتى هذه السطور ولا أعرف مصير هذه المسودة حتى الآن، وقفت أنتظره وأبحث عنه حتى منتصف الليل لكنى لم أعثر عليه، وشعرت بشىء من الإحباط فى نفسى، فقد كان أملى أن يقرأ البيان على وسائل الإعلام وعلى الشعب المعتصم فى الميدان فى تلك الليلة حتى نرفع المعنويات، ويعرف مبارك ونظامه أنه انتهى وأن البيان الأول للثورة قد صدر، وأن نصنع خبراً جديداً تتناوله وكالات الأنباء ووسائل الإعلام وفق الخطة الجديدة التى وضعناها أن نصنع كل يوم خبراً جديداً، قلت فى نفسى وأنا أهم بمغادرة الميدان فى تلك الليلة، سأعيد كتابة البيان مرة أخرى حينما أعود لبيتى، وأحضره صباح الخميس 10 فبراير، لكنى حينما عدت وجلست لأكتب لم أجد الدفقة العاطفية والروح الوثابة التى كتبت بها المسودة الأولى فى مطعم «فلفلة» كما كنت مرهقاً إلى حد بعيد، فقلت لأبحث عن عبدالجليل فى الصباح ربما يعود بالبيان مكتوباً.. نكمل غداً.

Total
0
Shares
السابق

قصة البيان الأول لثورة 25يناير(2)

التالي

قصة البيان الأول لثورة25 يناير (4)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share