قصة البيان الأول لثورة 25يناير (5)

طلبت من جميع الحضور فى مكتب شركة سفير للسياحة، وكانوا يمثلون أغلبية القوى الوطنية وشباب الثورة، أن ينصتوا لأمر مهم، وكان الجميع من فضل الله يحترموننى ويحترمون ما أطرحه من أفكار وآراء، فأخبرتهم بفكرة البيان الأول للثورة وذكرتهم بأنى سبق أن عرضت البيان عليهم يوم الأربعاء، ومنهم محسن راضى والدكتور عبدالجليل مصطفى والدكتور محمد البلتاجى وكثير من الشخصيات المستقلة وحتى الحزبية، وقلت لهم لقد تأخرنا ومعادلة الوقت مهمة فى الثورات لا بد من إصدار البيان الأول للثورة اليوم حتى يعلن الشعب نجاح الثورة ونهاية النظام ولا بد من إعلان أهداف ومبادئ ومطالب الثورة فى هذا البيان وأخبرتهم أن هناك مسودة أعدها الدكتور جاد الله لا تختلف عما أعددته من قبل لكن من الأفضل أن نختار لجنة لصياغة البيان من الحضور يكونون جميعا من المستقلين وما تقرره اللجنة من صياغة نصوت عليه ثم نصدره باسم جماهير الثورة المصرية، لاقى العرض قبولا من الجميع، وأود أن أذكر هنا الدور الذى لعبه معى الزميل محسن راضى الذى ساعد على أن تكون اللجنة من المستقلين، حيث كان البعض يميل إلى إدخال شخصيات حزبية فى اللجنة لكننا رفضنا رفضا قاطعا، وتم الاتفاق على تشكيل اللجنة من سبعة أعضاء برئاسة المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، وعضوية المستشار محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار القانونى الحالى لرئيس الجمهورية، وأحمد نجيب، من شباب الثورة، والدكتور هانى حنا، الأستاذ بمعهد الدراسات القبطية، والدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، والزميل حسين عبدالغنى وأحمد منصور، وشاب قبطى وأكاديمى، وكان هذا تقريبا نسيج الميدان. لم يكن هناك مكان نجلس فيه، فالمكتب كان ممتلئا بالناس بعضهم جاء ليستريح أو يشاهد البث الفضائى، وكان الأمر بحاجة إلى الحزم حتى ننجز البيان فى أقرب وقت ولأنى دائما أتصدر لما فيه حزم ومواجهة قمت بقطع البث الفضائى وطلبت من جميع من ليس له دور أن يخرج من مقر الشركة، وكان على رأسهم حازم صلاح أبوإسماعيل، وكنت لا أعرفه آنذاك، ورغم أن أسلوبى الحازم أغضب البعض فإن الجميع تقبله، طلبت أيضا من أحد الشباب أن يغلق الباب وألا يسمح لأحد بالدخول، كما طالبت الجميع بعدم التصوير، رغم أن هذا يخالف عملى كإعلامى، فقد كنت دائما أخشى على الناس وأراعى المصلحة العامة، وحتى الآن ألوم نفسى أنى حرمت كثيرا من المصورين من تسجيل هذه اللحظة التاريخية، لكن البعض قام بالتصوير بأجهزة الهاتف النقال، جلسنا فى جانب من مكتب شركة السياحة وكنا كمن نجلس فى الشارع، فالمكان رغم كل ما فعلته كان ممتلئا بالحضور والنقاشات والحوارات المختلفة والمتطفلين وعملاء النظام، ووسط هذا الجو كنا نعمل وبعد ما يقرب من ساعة من النقاش والصياغات والمسودات ومراجعة دقة الألفاظ وقانونيتها واختصارها وحدتها لخصنا كل المطالب وانتهينا من المسودة النهائية للبيان وبدأ حسين عبدالغنى يبيض النسخة الأخيرة بخط يده، ما زالت عندى، وأعتقد أن حسين يمكن أن يدفع الكثير حتى يحصل عليها ويورثها لأبنائه وأحفاده، وكان يقوم الدكتور محمد فؤاد جاد الله بمراجعتها ثم يعطيها لى فأقوم بمراجعتها ثم قراءتها على رئيس اللجنة المستشار محمود الخضيرى وبقية الأعضاء حتى يبدوا ملاحظاتهم، ثم أقوم بإملائها بعد اعتماد كافة أعضاء اللجنة لها على شاب كان يكتبها على جهاز الكمبيوتر، وقد بقيت سبعة أشهر أبحث عن هذا الشاب حتى عرفت أن اسمه محمد رفاعى المراغى وهو مهندس من حى بولاق الدكرور وكان ضمن الفريق المتطوع الذى كان يساعد الزملاء فى قناة الجزيرة، الذين كانوا يقومون بتغطية الأحداث من ميدان التحرير رغم الإغلاق الرسمى للمكتب، وقد التقيت مع محمد رفاعى المراغى فى صلاة عيد الفطر فى ميدان التحرير يوم الثلاثاء 30 أغسطس 2011 وقد دلنى عليه الزميل سيد حافظ، أحد المسئولين عن الإذاعة خلال أيام الثورة، وقد سعدت كثيرا بهذا لأن محمد المراغى أضاف لى بعض المعلومات التى كنت أبحث عنها لاستكمال قصة البيان. نكمل غدا.

Total
0
Shares
السابق

قصة البيان الأول لثورة25 يناير (4)

التالي

قصة البيان الأول لثورة 25يناير (6)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share