قصة البيان الأول لثورة 25يناير(7)

كان كثيرون فى القاعة يلتقطون الصور بالهواتف النقالة، فى هذه الأثناء أذكر أن الزميل داود حسن، وهو منتج برامج وثائقية وكان من الناشطين فى الميدان، جاءنى فقال لى: يا أحمد هذه لحظة تاريخية ويجب أن نصورها وأعدك أنى سأسجلها ولن أقوم ببثها إلا إذا نجحت الثورة. قلت له: يا دواد هذه مسئولية وهؤلاء الناس جميعا يحملون أرواحهم على أكفهم ولا أريد تعريض أى منهم للخطر. قال: أعدك بذلك، وكان الوحيد الذى صور هذا المشهد تليفزيونيا حيث بث بعد نجاح الثورة على قناة الجزيرة وربما قنوات أخرى وأعتقد أن داود لديه الشريط الأصلى. واجهتنا مشكلة بعد موافقة ممثلى القوى السياسية والشباب والشخصيات العامة التى كانت موجودة على البيان، هى أن الدكتور محمد البلتاجى الذى كان يمثل الإخوان المسلمين طلب منى التمهل فى نشر البيان حتى تأتى الموافقة النهائية من الإخوان وقوى أخرى. قلت له: إن الوقت مهم جدا فى المسألة وكل دقيقة لها حسابها ولو تأخرنا أكثر من ذلك فقد البيان قيمته فالبيان سيحرك أشياء كثيرة لاسيما مطلبه الأول الخاص بإقالة الرئيس ونائبه وحكومة أحمد شفيق، ويؤكد أن هذا المطلب الرئيسى للثورة ليس فيه مساومة. رغم ذلك لم أعتبر أن هذا الأمر مشكلة لأن البلتاجى من ناحيته كان موافقا وكذلك الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب الحالى والمنسق الميدانى للإخوان، ولأننا جعلنا توقيع البيان باسم جماهير الثورة ولم تكن هناك أسماء لقوى سياسية، لذلك لم أكن أخشى من اعتراض أحد إذا نشرنا البيان، لكنى حرصت على الالتزام بالشورى والإجماع، وبقيت المشكلة الأساسية بعد كتابة البيان هى طباعته على الورق حتى نوزعه على وكالات الأنباء ووسائل الإعلام ونقرأه من خلال إذاعة الميدان على مليونين كانا محتشدين فيه، لذلك طلبت من كل من فى القاعة بصوت عالٍ ومعه شريحة أن يعطينى إياها حتى أنسخ له نسخة من البيان ليذهب لأقرب مكان به طابعة لطباعته والمجىء به، مد كثيرون أيديهم لى بشرائح كنت أعطيها للمراغى ينسخ البيان عليها ثم يأخذها صاحبها لكن لم يعد منهم أحد، شخص واحد كنت أثق أنه سينفذ المهمة من بين كل هؤلاء هو محمد رفاعى المراغى نفس الشاب الذى كتب البيان على الكمبيوتر المحمول الخاص به، كنت أشعر أنه يعمل بقلبه وروحه مثل كثير من المخلصين الذين لا يعرفهم أحد فى الميدان، قال لى المراغى بعد ذلك: ذهبت أبحث عن مكان أطبع فيه فى منطقة باب اللوق لكنى لم أجد، المكتبات معظمها مغلق والمفتوح منها ربما ليس لديه جهاز كمبيوتر أو طابعة، لكن شخصا دلنى على شركة سياحة قلت لصاحبها بصراحة لدى أمر مهم أريد طباعته، وحينما علم الرجل أنه البيان الأول للثورة قام بفرح شديد بأخذى إلى مكتبه فى الطابق الرابع من العمارة وقال لى: اطبع ما شئت من النسخ، فطبعت هذه الكمية لكم، لكنى وجدت الطباعة باهتة وغير واضحة وبخط صغير للغاية ولا يمكن أن نوزعها بهذه الطريقة. فشكرته على ما قام به من جهد، وقلت: نستخدمها إن لم نجد بدا. كانت الأخبار تصلنا تباعا من الذين ذهبوا لحصار القصر الجمهورى، وكذلك التظاهرات فى باقى أنحاء مصر وكنا نشعر أن هذا يوم فاصل فى تاريخ مصر، حل الغروب والذين ذهبوا لطباعة البيان لم يعد منهم إلا المراغى، كما أن الجواب الذى ينتظره الدكتور البلتاجى وأسامة ياسين من قيادتهم لم يصل بعد وكنت أغلى من داخلى لكن بهدوء، أذن المغرب فقمنا لصلاة المغرب والعشاء جمع تقديم كما كنا نصلى دائما فى الميدان، وكان الجميع يلهجون بالدعاء على الحاكم الظالم حسنى مبارك ومن حوله. انتهينا من صلاة المغرب وقمنا نصلى العشاء وأثناء صلاة العشاء ضج الميدان بالهتافات حيث خرج عمر سليمان وتلا بيانه الشهير بتخلى مبارك عن رئاسة الجمهورية، وبينما تماسك كثيرون فى استكمال الصلاة وكنت منهم خرج آخرون من الصلاة دون وعى وهم يهتفون من شدة الفرح ويكبرون، انتهت صلاة العشاء واشتعل الميدان بهتافات النصر. نكمل غدا.

Total
0
Shares
السابق
محمد المقريف

محمد المقريف (2) :القذافى حاول إبادة الشعب الليبي بنشر الأمراض والأخطار البيئية

التالي

قصة البيان الأول لثورة 25 يناير(8)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share