قصة البيان الأول لثورة 25 يناير(8)

فى تلك اللحظة كان بث البيان الأول للثورة ونشره هو همى الأساسى وقلت للدكتور البلتاجى لن نتأخر دقيقة واحدة، يجب أن نعلن البيان الأول للثورة الآن من على المنصة وعبر وسائل الإعلام ولن ننتظر رأى أحد فقد خسرنا الوقت بسبب التلكؤ غير المبرر ولو أعلنا البيان قبل تنحى مبارك أو خلعه لكان وقعه أكبر، اتفقنا أن يتلو البيان أحد القضاة من على المنصة الرئيسية، وكان هناك عدد من القضاة منهم المستشار محمود الخضيرى والمستشار محمد فؤاد جادالله وكلاهما شارك فى صياغة البيان، كما كان المستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض نائب رئيس الجمهورية الحالى، صاحب الموقف الشهير فى العام 2005 مع المستشار البسطويسى حينما تصديا لعملية تزوير الانتخابات وقضاة آخرين لا أذكرهم الآن، أجمعنا بعد تشاور سريع أن يتلوا البيان المستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض، وبالفعل صعد المستشار محمود مكى ومعه المستشار محمود الخضيرى إلى المنصة الرئيسية وناديت الشاب الذى معه جهاز الكمبيوتر المحمول محمد رفاعى المراغى، فصعد معى للمنصة، وكان لا بد من تعديل البيان بعدما تحقق المطلب الأول للثورة بعزل رئيس الجمهورية ونائبه، أمسك الشاب بالجهاز المكتوب عليه البيان وقمت وأنا أقف إلى جوار المستشار مكى على المنصة بتعديل مقدمة البيان بما يتناسب مع الواقع الجديد، حيث أضفت إليها جملة «وبعد نجاح الثورة فى إسقاط النظام الفاسد وقيادته» ثم حذفت أولاً التى كانت تنص على «عزل رئيس الجمهورية ونائبه والحكومة»، لكن المشكلة أن تعديل المطلبين ثانياً وثالثاً سيأخذ وقتاً، وكانت كل ثانية تعنى بالنسبة لى كإعلامى يعرف قيمة الحدث الكثير، فقلت للمستشار محمود مكى لقد عدلت فى صياغة البيان، أرجو أن تراعى وأنت تقرأ البيان أن ثانياً هى أولاً وثالثاً هى ثانياً وهكذا؛ لأننا حذفنا أولاً بعد أن تحققت، وبقيت إلى جواره إلى أن انتهى من قراءة البيان الأول للثورة المصرية على مليونى مصرى كانوا محتشدين فى ميدان التحرير فى ذلك الوقت يستمعون إلى بيان صدر باسم شعب مصر، الذى قام بالثورة وليس باسم طغمة من الضباط أو الانقلابيين الذين قادوا العالم العربى للهلاك فى العقود الماضية، بعد انتهاء المستشار مكى من قراءة البيان ضجت الحشود بالتكبير والتأييد والهتاف، وشعرت أن البيان الأول للثورة قد نقل المشهد بالكامل مع تنحى مبارك إلى مشهد آخر جديد. فقد كانت دموع الفرحة بنصر الله تملأ العيون، بعدها أخذت المراغى بالجهاز وعدلت البيان بشكل نهائى، وقلت لنفس المجموعة التى شاركت فى صياغة البيان الأول: لقد أصبحت السلطة الآن فى يد العسكر ولا بد أن نقوم بإعداد البيان الثانى للثورة كما أننا يجب أن نرسل نسخة من كل منهما إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الآن ونسلمها بشكل رسمى حتى يعلموا أن السلطة الآن للشعب وليست لهم، قام الزميل محسن راضى بالاتصال باللواء محسن الفنجرى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو المشهور بتأدية التحية العسكرية للشهداء فى البيان الذى أظهر وقوف الجيش إلى جوار الثورة، ثم بيانه الآخر الذى أشار فيه بإصبعه للشعب، وكان محسن على معرفة به من خلال كونهما من بلدة واحدة، وأبلغه بصدور البيان الأول للثورة وأننا بصدد كتابة البيان الثانى، ثم جلسنا مرة أخرى نفس المجموعة التى كتبت البيان الأول وكتبنا البيان الثانى، وطبعه المراغى على جهازه، وكان يحوى مطالب واضحة من أول يوم من المجلس العسكرى ويؤكد أن السلطة للشعب وتدعوه للقبول بكل قرارات الشعب فى البيان الأول وتنفيذها وتسليم السلطة للشعب، وقد حقق المجلس بعضها ثم استكملها الرئيس مرسى فى قراره التاريخى بإقالة المجلس العسكرى، عرضت البيان على الذين أقروا البيان الأول وكانوا حاضرين جميعاً فأقروه ومنهم الدكتور خالد عودة عالم الجولوجيا المميز وأحد مؤسسى مجلس أمناء الثورة الذى كان أحد شباب الميدان البارزين بشعره الأبيض والذى ظل مرابطاً فى الميدان حتى أخذنا قراراً بمغادرته مساء السبت 12 فبراير، أما نص البيان الثانى فسوف تقرؤونه غداً.

Total
0
Shares
السابق

قصة البيان الأول لثورة 25يناير(7)

التالي

قصة البيان الأول لثورة 25 يناير (9)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share