صناعة الكراهية للرئيس مرسى

كما يُصنع الحبُّ بالسلوك تُصنع الكراهيةُ كذلك، وقد بدأ الرئيس المصرى محمد مرسى من اللحظة الأولى بصناعة الحب لدى المصريين بل ولدى غيرهم خارج مصر، وكان ظهوره فى ميدان التحرير وسط الحشود التى جاوزت المليون بعد انتخابه وصورته المشهورة وهو يفتح الجاكت الذى كان يرتديه ويقول للشعب إنه لا يرتدى واقياً من الرصاص من الأسباب التى دفعت حتى أعداءه إلى احترامه، كما حرص الرئيس على التمسك بالبقاء فى شقته المؤجرة فى القاهرة الجديدة وصلاة الفجر فى المسجد القريب من بيته كما كان يفعل، وذهب إلى سيناء مرتين بعد الحادث الإجرامى الذى وقع هناك وأدى لمقتل سبعة عشر عسكرياً مصرياً، وفى الوقت المناسب أقال قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسط ابتهاج الشعب وابتهاج القوات المسلحة نفسها، وغيَّر عدداً من المحافظين فى انتظار استكمال البقية، وسعى لترسيخ الأمن من خلال ما تقوم به وزارة الداخلية الآن، وإن كان الملف أكبر من أن يتم إنجازه خلال أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، وكان من أبرز سمات قرب مرسى من الشعب هو صلاته للجمعة الأولى فى مسجد «الحمد» القريب من بيته فى القاهرة الجديدة، وقد صادف هذا وجودى فى مصر وصلاتى فى نفس المسجد، حيث أشرت فى مقال سابق يمكن الرجوع إليه «الجمعة الأولى للرئيس» إلى أنى لم أدرك وجود أى مظاهر لوجود الرئيس فى المسجد حتى إن معظم من كانوا يصلون فى المسجد لم يدركوا أو يعلموا أن الرئيس كان يصلى فى المسجد إلا بعد انتهاء الصلاة، الأمر تغيَّر إلى حد كبير فى الجمع التالية بعد ذلك للرئيس وتحديداً منذ صلاة الجمعة التى تمت فى مسجد «الحصرى» فى مدينة 6 أكتوبر والتى تم فيها وضع أجهزة إنذار على أبواب المسجد وأغلقت أبواب المسجد أمام المصلين بعد دخول الرئيس، وكان هناك حشد كبير من قوات الأمن أمام المسجد، كما أن صلاة العيد فى مسجد «عمرو بن العاص» كذلك حظيت بأمور شبيهة، غير أن من أكبر النقد الذى وُجه حول صلاة الرئيس العيد فى مسجد «عمرو بن العاص» هو ما نشر – ولا أدرى مدى دقته – أن سجاد المسجد قد تم تغييره بالكامل بسجاد جديد قبل صلاة العيد بيوم واحد، رغم أن السجاد الذى كان فى المسجد كان جديداً، حسب الخبر المنشور، لكن صلاة الجمعة الأخيرة للرئيس فى مسجد «السيدة زينب» كانت الأكثر نقداً، فقد لوحظ أن حجم قوات الشرطة كان كبيراً وبدأت تصل إلى مرحلة إيذاء الناس، وهذه هى بداية صناعة الكراهية للرئيس مرسى، لقد صنعت الشرطة الدور الأكبر فى صناعة الكراهية لمبارك ونظامه، وعلى الرئيس مرسى ألا يقع فى نفس الفخ الذى يقع فيه عادة كل الرؤساء والزعماء الذين يأتون فى البداية قريبين من الناس ثم يصبحون طغاة وظلمة بحكم مَن حولهم مِن المنتفعين والحواريين الذين يصنعون كل يوم حاجزاً بين الحاكم والشعب حتى يتحول فى النهاية إلى ديكتاتور دون أن يدرى أو يشعر، وهنا أضرب مثالاً صغيراً عايشته بنفسى، فبعد قيام على عبدالله صالح بتوحيد شطرى اليمن اعتبر كثير من اليمنيين هذا إنجازاً سيغير البلاد، بعدها ذهبتُ لليمن لإجراء حوار مع الرئيس، ومن عادتى أن أمشى فى الأسواق وأتجول بين الناس وأسمع آراءهم، فكان معظم من ألقاهم من بسطاء الناس يقولون لى «إياك أن تحرج الرئيس»، «ترفق فى الحوار مع الرئيس»، «نحن نحب الرئيس»، لكن بعد خمس سنوات حينما ذهبت لإجراء حوار آخر مع الرئيس كان الجميع يلعنه، وتحول الناس من محبين إلى كارهين، لأن على عبدالله صالح وأجهزته ومن حوله استخدموا ماكينة صناعة الكراهية فكرهه الشعب ثم خلعه وأزاله، لقد بدأت ماكينة الكراهية للرئيس مرسى تعمل، وعلى مرسى أن يكون حذراً، وإذا كانت صلاته كل أسبوع فى مسجد ستؤدى إلى أذى الناس وصناعة الكراهية له فليصلِّ حيث هو ولا يؤذى الناس، وعلى المحيطين به أن يكونوا أمناء وينصحوه بما هو خير له، وإلا فإن الشعب الذى خلع مبارك سوف يخلعه إذا كرهه.

Total
0
Shares
السابق

مأساة عجول أستراليا فى مصر

التالي

تسويق إنجازات الرئاسة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share