تسويق إنجازات الرئاسة

من المشكلات الأساسية التى تواجهها مؤسسة الرئاسة المصرية أنها لا تستطيع التسويق لإنجازاتها، وبقيت محصورة فى إطار وعود الرئيس بإنجازات المائة يوم التى أصبحت محدودة للغاية مقارنة بما تم إنجازه على أرض الواقع من أمور كان ينتظر أن تتم خلال سنوات وليس خلال أيام وأسابيع كما حدث، ولعل الحدث الأكبر والإنجاز المهم للرئاسة المصرية والذى يتفق عليه المؤيدون والمعارضون ما حدث فى 12 أغسطس الماضى من إزاحة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان وإنهاء هيمنة العسكر على السلطة فى مصر بعد ستين عاما، واختيار وزير دفاع عسكرى محترف حسن السمعة ومحبوب حتى الآن داخل الجيش، وهذا فى حد ذاته يعتبر من أكبر الإنجازات التاريخية التى ستوضع على رأس إنجازات الرئيس مرسى مهما كانت إنجازاته أو إخفاقاته بعد ذلك. أيضا من الإنجازات الكبرى للرئيس مرسى قيامه بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين بما فيهم المحكوم عليهم بالإعدام، وتصفية قوائم الترقب والوصول لمئات الآلاف من المصريين الذين كانوا يتعرضون للإهانة فى المطارات حين وصولهم وحين سفرهم. ومن إنجازاته المهمة إسقاط الديون ما دون العشرة آلاف جنيه عن الفلاحين الذين حوّل مبارك مائة وخمسين ألفا منهم إلى المحاكم فى عهده بتهم التعثر فجاء مرسى وأزاح هذا الكابوس عنهم. ومن إنجازات مرسى الأخرى أنه ولأول مرة فى تاريخ المخابرات العامة المصرية يأتى مدير لجهاز المخابرات من داخل الجهاز وليس من خارجه، فمنذ تأسيس الجهاز منتصف الخمسينيات ورئيس الجهاز يعين من خارجه، أما مديره الحالى فهو من أبناء الجهاز وهذا أعطى أملا كبيرا وعمقا بالانتماء لدى العاملين بالجهاز الذين كان أقصى ما يمكن أن يصله أى منهم وظيفيا هو وكيل الجهاز. كذلك هى المرة الأولى فى تاريخ جهاز الرقابة الإدارية التى يأتى فيها رئيس للجهاز من داخله، فدائما كان الرؤساء فى العهد البائد يعينون رئيس الجهاز من خارج الجهاز حتى يضمنون ولاءه وحتى يغطى على ملفات الفساد الخاصة بهم وبأعوانهم، وهذا ما حدث مع رئيس الجهاز الذى أقاله الرئيس مرسى والمحول الآن إلى التحقيق بتهم التستر على ملفات فساد الرئيس المخلوع وأبنائه وحاشيته. كذلك لأول مرة فى تاريخ وزارة الطيران المدنى أن يأتيها وزير من أبناء مصر للطيران تدرج فى المراتب الوظيفية لمصر للطيران حتى أصبح وزيرا، فأصبح كل موظفى ومهندسى وطيارى مصر للطيران يدركون أنه يمكن لأى منهم أن يصبح وزيرا إذا جد واجتهد. أما ما قامت به وزارة الداخلية من محاولة تنظيف البؤر الإجرامية مثل بحيرة المنزلة التى بقيت ثلاثين عاما مأوى للمجرمين والخارجين على القانون، فرغم عدم نجاح المهمة وهروب معظم المطلوبين فإن الوجود الأمنى بهذه الطريقة بحد ذاته والتعاون الذى جرى بين الجيش والشرطة فى هذه الحملة أعاد هيبة الدولة وأعطى رسالة واضحة للمجرمين والخارجين على القانون فى كل أنحاء مصر بأن دورهم قادم أيا كانت المناطق التى هم بها. وكذلك السعى إلى تنظيف معظم الميادين فى المدن الكبرى وعلى رأسها القاهرة من الباعة الجائلين والسعى إلى تحديد أماكن للأسواق المتنقلة لحل مشكلة هؤلاء ربما يحل مشكلة الفوضى التى تملأ شوارع المدن الكبرى. كما أن تغيير عشرة محافظين بشخصيات مشهود لها بالكفاءة وإن كانت تحت التجربة هى خطوة مهمة أيضا لتنظيف الحكم المحلى الذى كان يمخر فيه الفساد. وعلى الصعيد الاقتصادى جاءت الاجتماعات التى عقدها مرسى مع رجال الأعمال الأمريكيين وكذلك زيارته للصين وترتيبات زيارته لإيطاليا والولايات المتحدة، لتعطى رسائل طمأنة اقتصادية انعكست على البورصة المصرية التى صعدت يوم الأحد الماضى 9 سبتمبر لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال خمسة عشر شهرا. لذا لا يجب بأى حال من الأحوال ونحن ننتقد الرئيس إذا أخطأ أن نغفل هذه الإنجازات وغيرها ونضعها فى مكانها لمن يمسكون العداد، وبالتالى فإن مشكلة الرئيس مرسى حتى الآن ليست الإنجازات ولكن عجز مؤسسة الرئاسة عن تسويق هذه الإنجازات وإشغال الناس بها بدلا من إشغال الإعلام لهم بالتوافه من الأمور بالليل والنهار. لقد انتظر الشعب المصرى كثيرا من هذه الإنجازات لعقود، فكيف تنجح مؤسسة الرئاسة فى تحقيق الإنجازات وتعجز وتفشل فى تسويقها؟!

Total
0
Shares
السابق

صناعة الكراهية للرئيس مرسى

التالي

رئيس الوزراء الليبى الجديد (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share