غسالات مصر وطائرات تركيا

أُسست المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع فى مصر حتى تضع الصناعات العسكرية المصرية والعربية فى مصاف الصناعات الدولية، لكن النظام الفاسد السابق حوَّل هذه المصانع من صناعة الصورايخ والطائرات والدبابات إلى صناعة البوتاجازات والغسالات، وجعل مصر فى ذيل الأمم من حيث التصنيع العسكرى والإمكانات، حتى إن معدات الجندى المصرى فى سيناء الذى يواجه الجندى الإسرائيلى تمثل الفوارق بين خمسة أجيال فى الصناعات العسكرية على الأقل، إن لم يكن أكثر، ولعل هذا من الأسباب الحقيقية التى أدت إلى الإطاحة بطنطاوى وعنان دون أن يستطيعا النطق ببنت شفة، لن أتكلم عن إسرائيل التى تعد واحدة من أكثر دول العالم تقدما فى صناعة وتصدير السلاح ولكنى سأتكلم عن تركيا التى لم تكن قبل عشر سنوات تختلف كثيرا عن مصر، ولنا أن ندرك كيف أعادنا هذا النظام الفاسد البائد إلى الوراء عشرات السنين إذا علمنا كيف استطاعت تركيا خلال سنوات معدودة أن تطور الصناعات العسكرية التركية حتى صارت تغطى أكثر من 50% من احتياجات الجيش التركى. كان الزميل عمر خشرم، مراسل قناة الجزيرة فى تركيا، هو المراسل الوحيد الذى سمح بدخول مصنع الطائرات الحربية فى تركيا، وقام بتصوير تقرير عما تنتجه تركيا من طائرات عسكرية على رأسها طائرات «إف 16» الأمريكية التى أصبحت تركيا تنتجها الآن بنسبة 100% بتصريح من شركة أونكس، وتقوم تركيا الآن بعمل تجارب على طائرت «أنقا»، أى العنقاء، وهى طائرة الاستطلاع دون طيار بعدما قررت الاستغناء عن الطائرات الإسرائيلية التى كانت تستخدمها بعدما اكتشفت أنها كانت ترسل الصور إلى إسرائيل قبل أن تصل إلى تركيا، كما تقوم تركيا الآن بإنتاج محركات الطائرات المقاتلة «إف 135» التى يعتبرها الخبراء النموذج المتطور لطائرات «إف 16» التركية ويعتقد أن تبدأ تركيا فى إنتاج هذه الطائرة فى عام 2013، كما تنتج تركيا طائرات نقل عسكرية وطائرات هليكوبتر مقاتلة حصلت على التكنولوجيا الخاصة بها من طائرات A-129 الإيطالية؛ حيث أدخل الأتراك عليها تعديلات وإضافات على أنظمة الرؤية الليلية والمدى القتالى، علاوة على زيادة قدرة المحركات، ولأن هذه الطائرات بحاجة إلى أسلحة وذخيرة فعالة فقد أنتجت شركة الماكينة الكيمياء التركية، بالاشتراك مع مؤسسة العلم والتكنولوجيا، قنبلة متطورة ذاتية التوجيه تصيب أهدافها بدقة بالغة وتطلق من طائرت «إف 16»، ويبلغ وزنها طناً واحداً، وصورايخ موجهة بأشعة الليزر تطلق من طائرات الهليكوبتر بمدى ثمانية كيلومترات وعلاوة على طائرة العنقاء التى تطير دون طيار، هناك نوعان آخران هما: «كاراييل» أى «الريح السوداء» و«بير أقطار»، كما نجحت تركيا فى إنتاج مستشفى عسكرى متنقل يتم تجهيزه للعمل خلال ساعتين ويحتوى على غرفتى عمليات، كما تنتج تركيا الدبابات والمدفعية وأنتجت فى عام 2011 أول سفينة حربية تركية محلية الصنع بنسبة 100% وهى سفينة لها قدرة على التخفى عن الرادار وتملك إمكانات عسكرية متقدمة، وبلغت تكلفتها 260 مليون دولار بينما كانت تشترى مثيلاتها بضعف المبلغ، وقد أصبحت المنتجات العسكرية التركية تفى بنصف احتياجات الجيش التركى، كما أن تركيا أصبحت تصدر منتجاتها العسكرية لستين دولة حول العالم، وهناك مشروعات عسكرية كثيرة سرية من أهمها تطوير الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المقاتلة، وحتى نعرف كيف تلاعب النظام الفاسد السابق فى مصر بالقدرات العسكرية المصرية وانشغلوا بإنشاء الشركات المدنية وتركوا الصناعات العسكرية، فإن «وكالة الصناعات العسكرية التركية» أُسست عام 1985، أى بعد المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع بسنوات طويلة، غير أن مشروع التطوير العسكرى بدأ مع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة قبل عشر سنوات، ولنا أن نقارن بين عشرات الشركات التى أسسها العسكر فى مصر والتى تبيع المعلبات وزيت الزيتون وغيرهما وبين مائة شركة تعمل بالصناعات العسكرية التركية ما بين متوسطة وكبيرة، وحتى لا نبكى على اللبن المسكوب فإن ما وصلت إليه تركيا اليوم نستطيع أن نصل إليه فى مصر خلال عشر سنوات أو أقل إذا بدأنا من اليوم لأننا فى عالم لا يحترم إلا الأقوياء، ومصر الكبيرة يجب أن تكون من أقوى دول المنطقة.

Total
0
Shares
السابق

خطاب الوداع لأردوغان (2)

التالي
أحمد داود أوغلو

الشرق الأوسط الجديد (1-4)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share