إدانة الـ«سى آى إيه» (2)

لكن مثل هذه العمليات القذرة لم تتوقف، بل زادت بعد الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، كما جاء على لسان راى ماكجفورون، حتى إن بعض الصحف الأمريكية نشرت فى 18 نوفمبر 2005 تسريبات جاء فيها أن الولايات المتحدة أقامت شبكة معقدة تتوزع على 24 دولة حول العالم وتتجاوز القوانين والأنظمة والحكومات وتنفذ عمليات اغتيال واعتقال وصلت حتى ذلك التاريخ إلى 3000 عملية اغتيال واختطاف شاركت فيها أجهزة استخبارات أوروبية وعربية، ولم ينج من أعمال الـ«سى آى إيه» القذرة أكبر حليف للولايات المتحدة، وهو بريطانيا؛ حيث نشرت صحيفة «ميل أون صنداى» البريطانية تقريرا فى 12 نوفمبر 2006 قالت فيه: «إن عملاء المخابرات الأمريكية (سى آى إيه) يقومون بعمليات سرية فى شوارع لندن من أجل اختطاف المطلوبين للسلطات الأمنية الأمريكية وترحيلهم»، وقالت الصحيفة: «إن عملاء الـ(سى آى إيه) يقومون بالتخفى بزى مندوبى مبيعات وإنهم قاموا بإنشاء خلايا سرية للقاءات فى فنادق لندن مع الزبائن وصوروا هذه اللقاء بشكل سرى»، كما لم تنجُ كذلك كل من ألمانيا وإيطاليا، وهما من أكبر حلفاء أمريكا من العمليات القذرة لـ«السى آى إيه» فهناك 23 عميلا من الـ«سى آى إيه» حوكموا فى إيطاليا وحكم عليهم بالسجن بين 7 و9 سنوات بتهمة اختطاف إمام مسجد مصرى ثبت أنه كان إنسانا بسيطا وعاديا والقضاء الألمانى طلب فى 8 يوليو عام 2007 باعتقال 10 من الـ«سى آى إيه» بتهمة اختطاف الألمانى من أصل عربى «خالد المصرى» وتعذيبه، ثم اتضح بعد ذلك أنه إنسان عادى لا علاقة له بشىء، لكن ميركل أغلقت الملف، وهناك عشرات العمليات بل بتأكيد الصحف الأمريكية أكثر من ثلاثة آلاف عملية اختطاف وقتل تمت فى ظل الإرهاب القذر الذى مارسته الـ«سى آى إيه» بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، والذى كشف معظمه رئيس اللجنة القانونية فى الاتحاد الأوروبى «ديك مارتى»، علاوة على تفاصيل سرية أخرى لم تكشف بعد، وربما يأتى يوم تكشف فيه مزيد من الفضائح والجرائم لـ«سى آى إيه»، كما كشفت فى يونيو 2007 عن «مجوهرات العائلة»، أما الإخفاق فى اختيار العملاء بل وفضحهم فقد أصبح غير مسبوق فى تاريخ الوكالة؛ فعلاوة على العملاء العراقيين الذين فضحتهم الصحف الأمريكية طوال السنوات الماضية، لا سيما بعد الإخفاق الهائل الذى حققوه والذى حققته الولايات المتحدة معهم فقد أصدر رئيس الوزراء الفلسطينى فى حكومة الطوارئ سلام فياض قرارا فى شهر يوليو عام 2007 بتجميد 7 ملايين دولار هى المبلغ الذى تبقى من حوالى مائة مليون دولار تلقاها محمد دحلان، رئيس الأمن الوقائى السابق فى غزة، من وكالة الاستخبارات الأمريكية حسبما نشرت صحف أمريكية وإسرائيلية، وذلك حتى يقوم بتصفية حركة حماس، لكن حماس «تغدت به قبل أن يتعشى بها» كما يقول المثل العربى، وكان هذا من الإخفاقات الكبرى لـ«سى آى إيه» التى فضحت نفسها وعملاءها بعد طلبها من عباس بتجميد الملايين السبعة التى كانت لا تزال فى حساب دحلان.. وقد طرح الكاتب والمحلل الاستراتيجى الأمريكى البارز فرانسيس فوكوياما فى مقال نشره فى صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فى 7 مايو عام 2007 تحت عنوان «تساؤلات ما قبل الانسحاب» عدة تساؤلات عن مصير هؤلاء العملاء فى العالم العربى، لا سيما فى العراق ثم قال: «إن منظر حلفائنا من المواطنين الفيتناميين وهم يتعلقون بالأجزاء البارزة من بدن آخر طائرة هليكوبتر أمريكية تغادر فيتنام من أمام مقر سفارتنا فى العاصمة سايجون هو منظر يجب أن نستدعيه إلى ذاكرتنا فى هذا الشأن»، هذا الاستدعاء الذى طالب به فوكوياما لا يجعلنا نعتقد أن نشاط الـ«سى آى إيه» وعملائها قد انتهى على العكس تماما؛ فالثورات التى قامت فى كل من مصر وليبيا وتونس مثلت إخفاقا كبيرا لهذه الوكالة، ودفعت عملاءها لمضاعفة نشاطهم لإجهاض هذه الثورات بعد سقوط عملاء الوكالة الذين كانوا يحكمون هذه البلاد، من ثم فإنها لن تتوقف إلا بعد تطهير البلاد من عملاء الـ«سى آى إيه».

Total
0
Shares
السابق
عدنان سعد الدين

عدنان سعد الدين ج7 : محاولة الإخوان المسلمين الانقلاب العسكري على الأسد

التالي
الحج

قصة الحاج شعبان ( 1- 3)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share