تصفية القضية الفلسطينية!

يعود جون كيري أسوأ وزراء الخارجية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية إلى المنطقة للمرة التاسعة منذ توليه منصبه، هدفه هذه المرة هو ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية لتحقيق تفاهمات لاتفاق انتقالي جديد بين السلطة وإسرائيل يقوم على التبني الكامل للموقف الإسرائيلي دون وضع أي اعتبار للفلسطينيين.
في الاجتماعات السابقة كل ما فعله كيري هو أنه تبنى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ولم يقدم شيئا آخر مما دفع السلطة الفلسطينية أن تمارس نهجها في الرفض دون أن تقدم هي الأخرى عروضا لأن السلطة باختصار شديد منذ أن سارت مع إسرائيل في مسيرة التسوية وهي ترفض العروض التي تقدم ثم ترفض ثم ترفض ثم تقبل بعد تغيير بعض العبارات والصياغات التي حولتها في النهاية إلى واحدة من البلديات التابعة لإسرائيل، ولازالت تسير على نفس النهج ولهذا فإن كيري يفهم اللعبة ويسير على النهج الدائم في العرض ثم الضغط والضغط والضغط حتى تقبل السلطة الفلسطينية في النهاية بعد تغيير بعض العبارات والصياغات الفارغة التي لاتقدم ولا تؤخر في مهمة السلطة القائمة على تقديم الخدمات الأمنية بالدرجة الأولى إلى إسرائيل، العرض الذي قدمه كيري من قبل والذي سيعيد تقديمه وهو يقدمه نيابة عن بنيامين نتانياهو يقوم على «بقاء السيطرة الإسرائيلية على المواقع العسكرية الحالية في غور الأردن لعشر سنوات أخرى قابلة للتجديد إلى مالا نهاية، وعلى محطات الأنذار المبكر على قمم جبال الضفة الغربية، وإدارة مشتركة للمعابر مع الأردن، وتسيير دوريات مشتركة على طول نهر الأردن» أي باختصار شديد شرعنة الاحتلال وإعطائه المشروعية في السيطرة على ما تحت يديه مع تقديم الدعم الأمني الكامل له، أما الشق السياسي فهو أنكى إذا ينص على الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية واعتبار البلدة القديمة من القدس دولية مما يمهد بضمها للقدس الجديدة وتأكيد اعتراف السلطة بها كعاصمة لإسرائيل، ودعوة الجانبين إلى التفاوض على قضايا الوضع النهائي التي هي قضايا تطرحها إسرائيل لمجرد الكلام فيها وليس للحسم لاسيما وضع القدس و اللاجئين وأراضي الضفة والمستوطنات وغيرها، ورغم استنكار السلطة الفلسطينية قبل ذلك لمبدأ تبادل الأراضي إلا أنه أصبح الآن يوضع على الطاولة ويتم الحديث فيه بوضوح تام لأن إسرائيل لا تنوي التنازل عن أي شبر من الأرض وضعت يديها عليه، وهذا العرض باختصار شديد يكرس سيطرة إسرائيل على الضفة والقدس ويرسخ أركان الدولة اليهودية، ويحول الفلسطينيين إلى أقلية منبوذة في دولة يهودية عنصرية، كما أن هذه المبادرة لم تنص على تجميد الاستيطان في الضفة الغربية بل تبقي كل شيء على ماهو عليه وعلى السلطة أن ترسخ الأمر الواقع وتقبل به.
كيري أصبح متفرغا الآن للملف الفلسطيني ويريد أن يحقق إنجازا يرضي اليهود بعدما قام بترتيب الملف الإيراني، الذي يرتبط به الملف السوري واللبناني ومن ثم فإن كيري سيصبح عرابا لدى نتانياهو ويسعى ليحقق له ما عجز وزراء الخارجية الأميركية السابقون في تحقيقه من إجبار السلطة الفلسطينية على أن تقبل بما لم تقبل به من قبل ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية كما يعتقد.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

عقبتان أمام الاستقرار فى مصر

التالي

لهذه الأسباب سأقول «نعم» للدستور

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share