الجولة الأولى من معركة الدستور

رغم الحملة الإعلامية والإعلانية الشرسة من الرافضين للدستور فإن الدستور نجح فى الحصول على نسبة لا بأس بها من الموافقة من قِبل المصريين فى الجولة الأولى التى شملت عشر محافظات وما يقرب من نصف الذين لهم حق التصويت من المصريين، وقد بدت عملية الاستقطاب واضحة فى المناطق ذات الأغلبية المسيحية وأماكن ثقل الليبراليين، لكن علينا أن نقبل بأن هذه هى الديمقراطية، وإن كانت عناوين الصحف صباح الأحد لم تشِر من قريب أو بعيد إلى أن الطرف الخاسر يقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية التى طالما هللوا لها من قبل ثم أصبحت الديمقراطية هى العدو اللدود لهم بعدما جاءت بغيرهم، ورغم أننى كنت أتوقع أن تصل نسبة الموافقين إلى الثلثين فإن تحقيق هذه النسبة فى ظل الحشد الإعلامى والإعلانى الضخم والهائل الذى تكلف عشرات الملايين من الجنيهات على شاشات الفضائيات والصحف علاوة على مئات الساعات من البث المضاد التى حملت من الأكاذيب والتخويف من الدستور ما يكفى لكى يقول الشعب كله «لا»، مع كل ذلك نجح الدستور فى الجولة الأولى بنسبة معقولة، فالذى حدث هو أكبر عملية تدليس على المصريين من قِبل المعارضين للدستور الذين جاءوا بكل نص إيجابى فى صالح الشعب ووضعوه بشكل فج فى إعلانات مدفوعة الأجر على أنه سلبى، كما سعوا فى مقالاتهم ومقابلاتهم التليفزيونية إلى قلب الحقائق وتخويف الشعب والتدليس عليه والتزوير فى النصوص. كنت يوم الاستفتاء مثل كل المصريين يسألنى من ألتقى معهم وأسألهم هل قلت «نعم» أم «لا»؟ فكنت أقول لهم من يقرأ الدستور ويفهمه جيداً دون مؤثرات خارجية أو انتماءات حزبية سيقول «نعم»، أما معظم من سألتهم وقالوا إنهم صوتوا بـ«لا» وجدتهم لم يعترضوا على الدستور وإنما قالوا لى: نحن نخاف من حكم الإخوان المسلمين؟ وقليل من أبدى اعتراضه على مواد، وقد سألت أحد المعترضين لماذا رفضت الدستور؟ قال: بسبب المادة الرابعة؟ قلت له إنها تتعلق بالأزهر؟ قال: نعم، لأنى فهمت من إحدى المقابلات التليفزيونية أن هذه المادة ستحول مصر إلى إيران، فتملكنى الخوف وقلت لن أصوت لصالح هذا الدستور، وآخر قال لى: لقد قررت أن أصوت بـ«لا» قبل وضع الدستور لأننى لا أحب الإخوان المسلمين. لا شك أن الأداء السياسى للإخوان المسلمين لا سيما فى الشهرين الأخيرين بدا مرتبكاً ومليئاً بالأخطاء، وقد خسر الإخوان بالفعل جمهوراً كبيراً من المؤيدين لهم ليس بسبب أدائهم فقط ولكن بسبب الحملة الإعلامية والإعلانية التى حولتهم إلى شياطين وقتلة، فى الوقت الذى تم فيه حرق 28 مقراً للإخوان المسلمين على مستوى الجمهورية علاوة على المركز العام، كما قتل من شبابهم فى أحداث «الاتحادية» وأصيب المئات، ومع ذلك خسروا المعركة لصالح الذين يسيطرون على وسائل الإعلام ويوجهونها حسبما يريدون، وهذا يستدعى من الإخوان أن يعيدوا النظر فى أدائهم السياسى وأن يحاولوا استعادة تعاطف الشارع معهم، كما عليهم أن يقدموا للناس الأمان والأمل فى المستقبل وأن يخرجوا من جراحات الماضى لأن المصريين بحاجة إلى أمل وإلى أمان يخرجهم من هذا النفق، هناك وجوه إخوانية مكروهة من قِبل الناس عليهم أن يمنعوها من الظهور فى الإعلام وعليهم أن يجددوا ويقدموا الشباب ويتوقفوا عن التهديد والوعيد، وأن ينظروا للمستقبل وللأمل، الشعب المصرى يريد الأمل وليس تصفية الحسابات.

Total
0
Shares
السابق

لهذه الأسباب سأقول «نعم» للدستور

التالي

مصر كما يراها الشيخ البشير الإبراهيمى (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share