مصر كما يراها الشيخ البشير الإبراهيمى (1)

تحتل مصر مكانة عظيمة فى نفوس كل العرب وتحتل مكانة أكبر فى نفوس الذين زاروها أو عاشوا فيها أو درسوا فيها، حتى إننى أعرف بعض العرب يقضون معظم أوقاتهم فى مصر ولا يستطيعون الابتعاد عنها، كما أعرف بعض الذين درسوا فيها رغم مشاغل الحياة إلا أنه لا يفوتهم زيارتها مرة أو مرتين فى العام ويحبون المصريين ويخدمونهم فى أى مكان وأى موقع هم فيه، وأذكر أننى قضيت أياما طويلة سواء فى مرحلة الإعداد أو التسجيل مع الدكتور أحمد طالب الإبراهيمى، وزير خارجية الجزائر الأسبق، فى إطار الإعداد والتسجيل لشهادته على العصر، وكان الحديث عن والده الشيخ البشير الإبراهيمى ومكانة مصر فى قلبه ونفسه يحتل من آن لآخر جانبا من الحديث وكانت عينه تدمع كلما ذكر والده حتى إنه أثناء التسجيل لم يستطع أن يكتم دموعه، والشيخ البشير الإبراهيمى لمن لم يعرفه هو أحد أعلام الفكر والأدب فى العالم العربى ومن العلماء العاملين فى الجزائر. وهو رفيق النضال للشيخ عبدالحميد بن باديس فى قيادة الحركة الإصلاحية فى الجزائر خلال الاحتلال الفرنسى الذى امتد أكثر من مائة وثلاثين عاما، ونائبه ثم خليفته فى رئاسة جمعية العلماء المسلمين التى لعبت دورا مهما فى مواجهة الاحتلال الفرنسى والحفاظ على اللغة العربية فى البلاد، وهو كاتب وأديب تبنى أفكار تحرير الشعوب العربية من الاستعمار، وتحرير العقول من الجهل والخرافات، وتوفى رحمه الله عام 1965 عن ستة وسبعين عاما. سافر إلى دول عربية كثيرة بحثا عن العلم ثم مدرسا فى سوريا، ثم عاد للجزائر وكان يكتب ويخطب ضد الاحتلال الفرنسى، تعرض للنفى أكثر من مرة، داخل الجزائر ثم نفى إلى مصر حيث عاش فيها حتى تحررت الجزائر عام 1962 وكان بيته فى مصر قبلة للثوار والعلماء من أهل الجزائر وغيرها، فاحتلت مصر فى قلبه مكانة كبيرة كتب عنها كثيرا، لكن من أروع ما كتبه عن مصر ما أرسله لى الصديق الجزائرى لمباركية نوار قبل أيام وكان قد حدثنى عنه الدكتور أحمد طالب الإبراهيمى وبحثت عنه كثيرا.. يقول الإبراهيمى عن مصر فى مقال له نشر فى مجلة «البصائر» التى كان يصدرها فى الجزائر (العدد 178 الذى صدر عام 1952) وذلك بعد الثورة التى قامت آنذاك والمؤامرات التى كانت تحاك ضد مصر، وما أحوجنا لاستعادة هذه المعانى، لاسيما أن ثورة الشعب التى قامت فى 25 يناير 2011 بحاجة إلى مثل هذه المعانى الجميلة ومصر تتعرض لأكبر المؤامرات من داخلها ومن خارجها، يقول الإبراهيمى: «عَهدكِ التاريخ صخرةً من معدن الحق، تنكسر عليها أمواج الباطل، فكونى أصلب مما كنت، وأرسخ قواعد مما كنت، تنحسر الأمواج وأنتِ أنت.. أقدمت فصمّمى.. وبدأت فتمّمى.. وحذار من التراجع، فإن اسمه الصحيح (الهزيمة)، وحذار من التردّد فإنه سوس العزيمة. إنك فائزة هذه المرة بأقصى المطلوب، لأنك أردتِ فصمّمت، وإنما يعين الله من مخلوقاته المصمِّمين، وإذا كان المطلوب حقّاً، وكان الطلب عدلاً فأكبرُ الأعوان على نيله التصميم، فصمّمى، ثم صمّمى. إن قلبى يحدّثنى حديثاً كأنما استقاه من عين اليقين، وهو أنك فائزة منتصرة ظافرة فى هذه المعركة، لأنك استعملت فيها سلاحاً كنت تنشدينه فلا تجدينه، وهو الإرادة، يحدوها التصميم، يمدّها الإيمان بالحق، يربط ثلاثتهما الإجماع على الحق».. نكمل غدا.

Total
0
Shares
السابق

الجولة الأولى من معركة الدستور

التالي
أحمد بنّور

أحمد بنّور ج6 : مؤامرة أحمد بن صالح..وعزل الطاهر بلخوجه وبنّور وسجنهم

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share