تحديات ما بعد الدستور

مع توقع إقرار إعلان النتائج النهائية للتصويت على الدستور المصرى بنعم بأغلبية 64% تقريبا فإن تحديات ما بعد الدستور كبيرة للغاية، وأكبر تلك التحديات ستكون خلال الشهور الثلاثة أو الأربعة القادمة التى ستسبق انتخابات مجلس النواب، حيث إن التشريعات سوف تنتقل من الرئيس المصرى محمد مرسى إلى مجلس الشورى فور إعلان النتائج وحتى انعقاد مجلس النواب، ولعل التحديات التشريعية التى أمام مجلس الشورى أهمها وأولها إقرار قانون انتخابات مجلس النواب مع حزمة كبرى من التشريعات الجديدة التى ينبغى تغييرها أو إقرارها وفقا للدستور الجديد ستضاعف قيمة المجلس وأهميته وهو الذى نظر له دائما على أنه بلا فائدة حتى إن كثيرين نادوا بإلغائه وأن تكون السلطة التشريعية من غرفة واحدة غير أن استحداث دور رقابى وتشريعى لمجلس الشورى أعاده إلى بؤرة الحدث والاهتمام حتى إن القوى السياسية كادت تتصارع من أجل تعيين أعضائها فى تشكيلة المجلس الجديد، حيث إن من حق الرئيس تعيين ثلث الأعضاء الذى يقدر بتسعين عضوا وقد عينوا بالفعل. من أهم التحديات الأخرى أمام الشورى إقرار قانون السلطة القضائية الذى سبق أن قدم لمجلس الشعب المنحل وتم تأجيله وكان لتأجيله تبعات كبيرة أدت إلى المشهد القضائى الحالى الذى شاهدناه طوال الأسابيع الماضية، وقانون السلطة القضائية المطلوب إقراره سوف يساوى بين القضاة ويعيد للسلطة القضائية شبابها بحيث يعود سن التقاعد إلى الستين بدلا من السبعين كما هو عليه الحال الآن، حيث تعمد حسنى مبارك رئيس النظام الفاسد السابق أن يمد السن لاستبقاء بعض القضاة الذين يساعدونه على تحقيق مشروعاته الفاسدة علاوة على مشروع التوريث، كما كان الانتداب الجزئى وسيلة لإفساد كثير من القضاة أو شراء ذممهم، وقد نص الدستور الجديد على أن يكون الندب كاملا بحيث لا ينتدب القاضى ويجلس على منصة القضاء فى الوقت نفسه، ولعل هذا يؤدى إلى التجديد وجريان الدماء فى شريان القضاء كما أنه يجرم وفق الدستور التعيينات التى بالمحاباة أو القرابة، و يفتح الباب أمام أوائل الخريجين والأكفاء ليتولوا المناصب الأساسية فى القضاء والنيابة وليس أمام أبناء وأقارب القضاة ووكلاء النائب العام بل يفتح الباب لاستبعاد كل من تم تعيينهم خلال السنوات الماضية بالمحسوبية والواسطة بعدما كشفت تقارير كثيرة أن بعضهم عين رغم أنه لم يحصل إلا على تقدير «مقبول» أو كان راسبا فى بعض المواد، لأن إصلاح القضاء وإقرار العدل والمساواة هو المدخل لإعادة بناء مصر لأن «العدل أساس الملك». التحدى المباشر أمام الرئيس مرسى خلال الساعات القادمة إن لم يكن تم مع نشر هذا المقال يكون الرئيس قد تأخر فيه كثيرا هو إقالة الحكومة الحالية أو قبول استقالتها وفقا لاستحقاقات الدستور الجديد وتكليف حكومة جديدة تضم الوزراء الأكفاء مع استبعاد الوزراء الفلول الموجودين فى الحكومة الحالية والذين يقدر عددهم بثلاثة عشر وزيرا والمجىء بحكومة قادرة على تقديم الأمل للمصريين والعبور بهم من عنق الزجاجة الحالى لأن مصر بحاجة إلى حكومة قوية تأخذ قرارات فاعلة فى ملفات كثيرة من أهمها الملف الأمنى والملف الاقتصادى، كما يجب على أجهزة الدولة التى يبدو أنها غير فاعلة حتى الآن أن تقوم بدورها فى العمل مع الرئاسة والنظام الجديد بدلا من انحيازاتها للنظام السابق ورجاله، وإلا فإن الأزمات سوف تبقى وتتوالى مع تفاقم التحديات واستقواء الفلول.

Total
0
Shares
السابق

فضيحة المعارضين للدستور

التالي

صناعة وترويج الشائعات فى مصر

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share