تلميع أصحاب الأفكار الشاذة

دأبت الصحف ووسائل الإعلام المصرية، لا سيما الفضائيات، على تلميع أصحاب الآراء والأفكار الشاذة، ومعظم هؤلاء ممن يتدثرون بلباس الدين ويطلقون اللحى، حيث تُفرد لهم البرامج الخاصة، والحوارات التى تتصدر صفحات الصحف فى مقصد واضح ذى شقين: الأول هو إظهار أن هؤلاء الشواذ فى الفكر والهيئة أحياناً يمثلون الإسلام، والمقصد الثانى هو تخويف المجتمع ليس من هؤلاء وإنما من كل ما هو إسلامى، لا سيما الإسلام الوسطى المعتدل الذى هو منهج الرسول والصحابة والمسلمين من بعده إلى يوم الدين، وقد دفع هذا بعض المتاجرين بالدين ومحبى الظهور فى فترة السيولة والضبابية التى تعيشها مصر أن يسعى كل منهم لاعتناق فكر شاذ والجهر به على الفضائيات وصفحات الصحف بحثاً عن نجومية زائفة أو تحقيقاً لمآرب لجهات داخلية أو خارجية، توظف هؤلاء من أجل المساهمة فى عملية التخويف والتشويه لكل ما هو إسلامى، وسرعان ما يجد هؤلاء من الصحفيين المتسقين معهم أو الإعلاميين الفارغين مثلهم ليلتقطوهم، ربما بترتيب خفى من أجل صناعة نجوم زائفين ومروجين ومخوفين ومفزعين لعموم الشعب من الإسلام الذى سوف يحكمهم إذا صوَّتوا للإسلاميين فى الانتخابات التشريعة أو حتى الرئاسية أو المحليات القادمة. ويتحدث أصحاب الأفكار الشاذة فى أطروحاتهم وكأنهم أصبحوا هم الذين يحكمون البلاد، ويسيرون أمور العباد، وأن السلطة أصبحت رهن إشارتهم وسوف يفرضون شذوذهم عل الكبير والصغير، والمرأة والرجل، والمسلم والمسيحى والرئيس والمرؤوس، وسوف يمنعون.. ويفرضون.. ويلغون.. وكلما انطفأ أحد هؤلاء بسبب الهرطقة الفجة أو الآراء الممجوجة التى لا يقبلها عموم الناس سرعان ما يقوم الإعلاميون والصحفيون الذين لا يختلفون كثيراً عن هؤلاء الشواذ بإنتاج شخصية جديدة وتسويقها برامجياً وصحفياً فى محاولة فجة، وطريقة ممجوجة لإشغال الناس وتخويفهم وتشويه صحيح الدين ووسطية التدين، ودفع الناس لكى تعيش ولو وقتياً فى الفراغ الذى يعيش فيه هؤلاء والذى جاءوا منه. لقد أفسد النظام الفاسد السابق أذواق الناس ودمر أخلاقهم، وكانت الصحافة ووسائل الإعلام إحدى وسائله الرئيسية فى الإفساد، فأنتجت من بين ما أنتجت إعلاميين فارغين ما زالوا يقومون بدورهم الرئيسى فى تفريغ المجتمع من همومه الحقيقية إلى الهموم الفارغة المصطنعة، ومن الشخصيات الممتلئة فكراً وعلماً وثقافة وإبداعاً إلى الشخصيات الهامشية الفارغة من كل شىء. إن مصر التى هاجر منها، وفق الإحصاءات الرسمية، ما يقرب من مليون عالم يعطون خيرات خبراتهم وعلمهم إلى الإنسانية فى كل مكان، من المؤكد أن أضعاف هؤلاء عدداً موجودون على أرضها بأفكارهم وعلمهم وإبداعاتهم، وهم بحاجة إلى من يتبنى أفكارهم وإبداعاتهم ليعرِّف المصريين ويبعث الأمل فيهم، ثم يعرِّف العالم أن مصر ولادة بأبنائها المبدعين، لقد استضفت قبل ما يقرب من عامين طفلاً لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره من الإسكندرية له ما يزيد على أربعين اختراعاً تبنت بعضها جهات علمية فى الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وطلب سفراء هذه الدول من أهله أن يمنحوا جنسياتها ويهاجروا أو أن يمنحوا ابنهم منحة دراسية كاملة فى بلادهم، وعشرات مثله وآلاف من المهندسين والأطباء والمبدعين هم الأولى بأن يهتم الإعلام بهم لا بهؤلاء السفهاء من الناس، غير أن السفيه لا يستضيف إلا السفيه مثله من أجل تسفيه المجتمع، لكن المجتمع المصرى أوعى وأكبر وأكثر إدراكاً لما يحاك له، وسيأخذ السفهاء وقتهم ثم يذهبون إلى مزبلة التاريخ ولا يمكث فى الأرض إلا ما ينفع الناس.

Total
0
Shares
السابق

خطابات الرئيس محمد مرسى

التالي

تصريحات العريان.. وميوعة الإخوان والرئاسة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share