أحكام البراءة لرجال مبارك؟!

كل يوم تفاجئنا المحاكم المصرية بإصدار أحكام بالبراءة على رجال النظام الفاسد السابق فى مصر، رجال حسنى مبارك المحبوسين على ذمة قضايا فساد حيث كان الكبير والصغير يشهد لهم بالفساد الذى لم يكونوا يمارسونه فحسب بل كانوا يتنفسونه ويأكلونه ويشربونه، ومعظم هؤلاء حولوا فى قضايا كان يظهر من الادعاء والاتهامات الموجهة لهم فيها أن كلاً منهم سوف يقضى باقى حياته خلف جدران السجون إلا أنه بعد التحقيقات وتحويل القضايا للمحاكم نفاجأ بأحكام البراءة تصدر تباعاً ويومياً حتى على الذين أثروا ثراء فاحشاً ظاهراً وكانوا يجهرون بفسادهم، والغريب أن معظم هذه الأحكام تصدر بتبرئتهم من شىء كانوا يقترفونه بالليل والنهار وهو الكسب غير المشروع، كذلك بدأت تصدر الأحكام بالإفراج تباعاً عن كثيرين آخرين فى قضايا جنائية أو الذين كانوا معتقلين على ذمة تحقيقات فى قضايا أخرى والخوف أن نجد حكماً قد يصدر قريباً بالإفراج عن مبارك نفسه ونجليه، ولانشغال الشعب بما تشغله به وسائل الإعلام الفارغة، فإن عمليات الإفراج هذه تتم فى هدوء وتتابع وتواصل كأنه متفق عليه بين المحاكم فى ظل الأزمة الطاحنة التى يعيشها القضاء والنيابة العامة فى مصر، وأصبح الذين كانوا يوصفون بالفاسدين وفق أحكام البراءة التى تصدر هم أهل الطهر والشرف والعفاف، وأنهم كانوا يديرون مصر فى العقود الماضية وفق أعلى معدلات النزاهة وطهارة اليد، أما الذين قاموا بتحويلهم إلى النيابة والمحاكم بتهمة الكسب غير المشروع أو التعدى على أملاك الشعب، فرغبتهم فى الانتقام وحدها هى التى حركتهم دون أدلة أو اتهامات حقيقية، هذه هى الصورة التى يظهر عليها هؤلاء فى تصريحاتهم وحواراتهم الصحفية والإعلامية التى يدلون بها بعد الإفراج عنهم، حيث يظهرون فى صورة وثوب المنتصر البرىء المجنى عليه المظلوم الطاهر شريف اليد، ولا ندرى هنا أين الخلل؟ هل هو فى الإجراءات القانونية أو قصور الأدلة الجنائية أو التواطؤ أو الرغبة الحقيقية فى الانتقام كما يؤكد هؤلاء الأطهار الأشراف الذين شاركوا فى نهب مصر وتجريفها من كل شىء خلال العقود الماضية؟ وإذا كان هؤلاء هم الأطهار الشرفاء، فأين الفاسدون واللصوص الذين نهبوا أموال الشعب وسرقوا مقدراته وثرواته وجرفوا الحياة السياسية والاقتصادية؟ ولماذا حرك النائب العام السابق القضايا ضد هؤلاء تحديداً، ثم جاءت فارغة من مضمونها وأدلتها حتى صدرت الأحكام ببراءتهم بينما ملفات آخرين مخزنة فى أدراج وأرفف النيابة العامة لم تحرك بل عليها تأشيرات بالحفظ رغم الأدلة والمستندات المرفقة بها؟ إن هذه الأحكام تؤكد أن منظومة التقاضى فى مصر بها خلل كبير، وإذا كان هؤلاء هم الشرفاء، فأين اللصوص والفاسدون والمخربون؟ هل كانوا أشباحاً هربت واختفت من مصر بعد الثورة؟ وعلى أى شىء قامت الثورة إذا كانت النيابة والقضاء وأجهزة الدولة الرقابية قد فشلت فى تقديم أية أدلة تدين أياً من هؤلاء المتهمين بالفساد؟ وطالما أن هذه المنظومة بهذا الوضع أليس الأولى بالنظام السياسى أن يصدر عفواً شاملاً تبقى من خلاله التهم لصيقة بهؤلاء دون أن يحاكموا بدلاً من أن يحصلوا على صكوك قضائية بالبراءة والطهر والعفاف؟ إن ما يحدث بحاجة إلى ألا يمر مرور الكرام كما يحدث الآن وإلا فإن هؤلاء سوف يتغولون على الثورة وعلى نتائجها؟ وسوف ينفقون بعض ما حصلوا عليه فى محاربة الثورة ومحاولة القضاء عليها، وفى النهاية لن تكون هذه ثورة وإنما محاولة فاشلة للانقلاب على نظام فاسد ثبت أنه متغلل فى كل أركان الدولة ولم يسقط بل يحاول العودة ليمارس السلب والنهب من جديد.

Total
0
Shares
السابق

التعديلات على الحكومة المصرية

التالي

لماذا لا يصارح الرئيس الشعب بالوضع الاقتصادى؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share