التعديلات على الحكومة المصرية

لم يعُد المصريون يهتمون كثيراً بالتعديلات الوزارية فى ظل حكومات متعاقبة ووزراء لا يعرف أحد وجوههم أو أسماءهم، لأن تغير الحكومات والأسماء منذ سقوط نظام مبارك وحتى الآن لم يغير الحالة التى يعيشها المصريون، سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية، بل إن الأمور تزداد سوءاً، لأن الميراث الذى تركه النظام السابق بحاجة إلى ما هو أكبر من تغيير الوزراء حتى تستعيد مصر عافيتها الاقتصادية والسياسية والأمنية، فوزير المالية السابق كان يرى الحل الاقتصادى فى الاستدانة، وهذا حل العجزة، لأن أسهل طريق لحل المشكلات المالية هو الاستدانة، فى الوقت الذى توجد فيه عشرات الطرق الأخرى لإعادة هيكلة الاقتصاد والموارد والأوضاع المالية بشكل يجعل الاستدانة ليست الخيار الأول، وقد تم تغيير وزير المالية ولا نعرف ما خطة الوزير الجديد ورؤيته لإعادة هيكلة الاقتصاد والموارد والمصروفات بشكل ينتشل مصر مما هى فيه، أما وزير الداخلية فمهمته فى تصورى تنقسم إلى شقين؛ الأول هو ضباط وجنود «الداخلية» أنفسهم الذين انخفضت معنوياتهم بشكل كبير ولم يعُد لديهم حماس للقيام بمهماتهم لاعتبارات كثيرة، منها أن الانكسار الذى حدث لهم بعد الخامس والعشرين من يناير جعلهم غير متحفزين للمشاركة الفعالة فى استعادة الأمن، علاوة على أن كثيرين منهم يعيشون مأزقاً كبيراً هو أن الجماعة التى كانوا يحاربونها طيلة ستين عاماً وهى جماعة الإخوان المسلمين هى التى فى سُدة السلطة الآن، ويعانى كثيرون منهم كيفية الانقلاب فى الأداء من العداوة المطلقة إلى الامتثال المطلق لنظام جديد يعتقد كثيرون منهم أنه مؤقت، لأن الأداء باختصار من قبل لم يكن للوطن بغض النظر عمن هو موجود فى السلطة، وإنما كان للسلطة ومن فيها، لذلك حينما سقط «مبارك» وجاء من كان ينظر إليهم على أنهم أعداؤه ليحكموا فإن الأجهزة جميعها ما زالت إلى الآن لم تستطِع استيعاب هذا التغيير الهائل الذى وقع فى السلطة فى مصر، علاوة على ذلك فقد كان كثير من ضباط الشرطة وكذلك أمناء الشرطة يعيشون على الإتاوات التى كانوا يفرضونها على الناس، وهذا الأمر انتهى الآن ولم يتم تعويضهم بطريق حلال أو مشروع عما كانوا يحصلون عليه بطريق غير مشروع، لذلك فإن كثيراً من هؤلاء يمثلون جانباً من الثورة المضادة داخل المؤسسات الأمنية. وهناك علامة استفهام كبيرة حول الجهد المميز الذى قام به وزير الداخلية السابق، لا سيما فى بحيرة المنزلة وغيرها من الأماكن الأخرى المليئة بالبلطجة، ثم انتكاس هذا الجهد فى الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ ويحمل كثيراً من علامات الاستفهام، وكان أكثره وضوحاً ما حدث أمام قصر الاتحادية من انسحاب الشرطة من حول القصر، مما هدد باقتحامه وأدى إلى استشهاد عشرة بالرصاص معظمه كان فى الرأس. لن يستطيع وزير أن يدير منظومة وحده فى أى مجال لأن الأداء الحكومى يجب أن يكون متناغماً من الجميع، وهذه المرحلة تعتبر امتداداً للمرحلة الانتقالية الحالية لأن أهم مسئولية للحكومة وتعديلاتها فى هذه المرحلة هو إجراء الانتخابات التشريعية وتسليم السلطة بعد ذلك إلى الحزب الذى سيتمكن من الحصول على النسبة الأكبر أو الأغلبية فى مجلس النواب، لذلك لا ندرى هل التغيير الحكومى سيغير شيئاً من الواقع أم إن الوزراء إلى أن يفهموا دورهم فى وزاراتهم يكون دورهم قد انتهى وتأتى الانتخابات بحكومة جديدة.

Total
0
Shares
السابق

تصريحات العريان.. وميوعة الإخوان والرئاسة

التالي

أحكام البراءة لرجال مبارك؟!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share