مصر التى لا يعرف قدرها أهلها (8)

يكمل الدكتور محمد العريفى، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خطبته الجامعة المانعة عن مكانة مصر وقدر أهلها، التى ألقاها فى جامع البواردى فى الرياض فى 14 ديسمبر الماضى، حيث يقول: « وإذا ذكرتَ مصر وتاريخها ذكرتَ العبَّاد والزهاد، ذكرت حيوة بن شريح، وذكرت أبا محمد بن سهل، وكان عابداً صالحاً، آمراً بالمعروف داعياً إلى العقيدة الصحيحة، وكان يذم العبيديين الشيعة الذين حكموا مصر فترة، فجاء به الخليفة العبيدى وقال له: سمعنا أنك تقول لو أن معى عشرة أسهم، لرميت الصليبيين بواحد ورميت العبيديين بتسعة، فهل هذا صحيح أنك قلتَ ذلك؟ فقال: لم أقُل هذا، قال: إذن ماذا قلتَ؟ قلتُ: لو أن معى عشرة أسهم لرميت العبيديين بتسعة ورميت العاشر فيهم أيضاً، فإنكم غيَّرتم الملة وتنقصتم القرآن وذممتم صحابة رسول الله، ووقعتم فى عرضه وغيرتم الدين، وقتلتم أهل السُّنة، فغضب عليه وأمر به فرُبط ثم دعا رجلاً يهودياً، وقال: قطِّع لحمه حتى يموت، فجعل يقطع لحمه قطعة قطعة، وهو يتلو القرآن، وذاك اليهودى يسلخ جلده سلخاً كما تسلخ الشاة، وهو يتلو القرآن، وذاك العبيدى ينظر إليه حتى رقَّ له اليهودى ووجَّه السكين إلى قلبه ليقتله حتى يريحه من كثرة العذاب، إمام من أئمة مصر. وفى مصر، أيها المسلمون، من الأدباء والكتاب والشعراء أعداد لا يستهان بها ممن زاروها أو كانوا من أهلها، فإذا قرأتَ الشعر الرائق لجميل بثينة وهو من أفصح الشعراء فاعلم أنه مصرى، وإذا قرأت الشعر الرائق لكثير عزة فاعلم أنه مصرى، وإذا قرأت شعر أبونواس فاعلم أنه مصرى، وإذا قرأت للشاعر الشهير المتنبى أحمد بن الحسين فاعلم أنه أقام بمصر أربع سنوات. إنك تتكلم عن بلد عظيم لا يزال له إلى اليوم ما يؤمل له من قيادة الأمة، ومن السير على منهاج أجداده من صحابة رسول الله، عليه الصلاة والسلام، المصريون.. لا تكاد تجد أحداً من قراء القرآن فى العالم، وممن معهم إجازات فى الأسانيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حفظ القرآن إلا وجدت للمصريين عليه يداً، إما أقرأه مصرى أو حفظ القرآن على يد مصرى، أو ضبط تجويده مصرى، أو كتب له هذا السند مصرى، وما تكاد تجد إلى اليوم حتى العلماء والمشايخ فى الأرض كلها، إلا وتجد منهم من قرأ على مصرى، أو درسه فى الجامعة مصرى، أو صلى به إماماً يوماً ما مصرى، ولا ينكر فضل هؤلاء العلماء أحد، مدرسوها وأساتذتها لهم فضل كبير على العرب وعلى المسلمين، بل على جميع العالم فى مساجدهم وجامعاتهم، ومدارسهم وفى مصر من العلماء فى الطب وفى الذرة وفى الهندسة وفى الدعوة وفى الأدب وفى غير ذلك، أمر لا يدرك شأوه أبداً». أنهى الدكتور العريفى خطبته التى لم يطلبها منه أحد، وقد أشار فى صفحته على «تويتر» إلى أن معظمها يعود إلى بحث أعده الأستاذ الدكتور محمد موسى الشريف وهو سعودى أيضاً، ونشره فى مجلة «المجتمع» الكويتية، غير أنه بدون خطبة «العريفى» لم يكن أحد ليعرف عن مصر ما ذكره «العريفى» إلا من اطلعوا على المجلة، المصريون انشغلوا بهموم يومهم ونسوا الكثير عن تاريخهم وعلمائهم، لذلك حينما ذَكَّرهم «العريفى» ببعض قدر بلدهم وأهله وتاريخه وعلمائه، دعاه الأزهر الشريف إلى مصر ولقى من الحفاوة والترحيب ما يظهر الطيبة والتقدير من أهل مصر للعلماء الأجلاء ومكانتهم، ألقى خطبة فى مسجد عمرو بن العاص، أول مسجد أنشئ فى أفريقيا، إن المعدن النفيس لأهل مصر يظهر فى هذه الخطبة، وهو المعدن النفيس الذى ظهر خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير التى نستقبل الآن الذكرى الثانية لها، وهو المعدن الذى يعيد مصر إلى ما كانت عليه بلداً للعلماء والشعراء والأدباء فى كل المجالات وشتى العلوم. «انتهى»

Total
0
Shares
السابق

مصر التى لا يعرف قدرها أهلها (7)

التالي
أحمد فهمي

عقود بيع مصر للشركات الأجنبية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share