مآسى ركاب «مصر للطيران» (2)

سافرت خلال الأسابيع القليلة الماضية عدة مرات عبر «مصر للطيران» إلى وجهات أوروبية وعربية، ومن المفترض بعد إنهاء إجراءات السفر أن يجلس المسافر على درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى فى صالة الانتظار حتى يأتى موعد الطائرة، لكنى لاحظت أكثر من مرة، وكان سفرى فى الفترة الصباحية ومن جهة بوابات «F» التى تضم ثلاث صالات لاستراحة المسافرين، منها واحدة للمدخنين لكننى لم أجد سوى صالتين فقط مفتوحتين، إحداهما للمدخنين والثالثة مغلقة، من ثم فليس أمام المسافرين من هذه الجهة من غير المدخنين سوى أن يجلسوا جميعاً فى صالة واحدة، منظر الصالة يرثى له ويجعل صورة «مصر للطيران» لدى أى مسافر يستخدمها مذرية، ففى إحدى المرات لم أجد مكاناً ووجدت كثيرين واقفين فى منظر مخجل، وفى مرة أخرى لم أجد كرسياً أيضاً خالياً، وكان هذا فى الأسبوع الماضى فى رحلتى إلى باريس، فلما هممت بالخروج لقينى أحد الأصدقاء وكان مسافراً إلى لندن، وكان جالساً فى ركن بعيد فجاء نحوى، وقال: لن تجد مقعداً، قلت له: سأخرج وأبحث عن مقعد فى الطرقات، قال: لا، ولكن انتظر كما يفعل معظم المسافرين الذين لا يجدون مقاعد حتى يتم النداء على طائرة فيقوم بعض المسافرين فتجلس مكان أحدهم، وبينما كنت أتحدث معه تم النداء على طائرة الدار البيضاء بالفعل، وقام بعض المسافرين، لكن كثيراً من الواقفين تدافعوا نحو الكراسى التى فرغت قبل أن يقوم الركاب من عليها، والمشهد كان مذرياً إلى حد بعيد وكأننا فى صالة سيرك وليست صالة سفر، لم يكن هناك من أحد نتكلم معه سوى المضيفة التى تستقبل الركاب فى المدخل وهى مسكينة لا تملك من أمرها شيئاً، هذا عن الجلوس فى الصالة، أما كراسى الصالة فلا يوجد لها مثيل فى أى من صالات الدنيا، لأن هذه الكراسى حينما تجلس عليها تشعر أنك تجلس فى الشارع، وهى مُصَمَّمة بطريقة غبية للغاية مثل صالة 3 كلها، حيث إن المطارات فى كل الدنيا عبارة عن جدران مفتوحة إما زجاجية أو بها مساحات كبيرة من الإضاءة الطبيعية، لكن صالة «3» عبارة عن صندوق مغلق لا تنفذ الإضاءة داخله، وكأننا فى أعماق الأرض أو فى غواصة فى قاع المحيط، لا يوجد ضوء طبيعى ولا تشعر أنك فى مطار على الإطلاق لأنك لا ترى الطائرات، وهذا جو يبعث على الكآبة. نعود إلى صالة السفر، حيث إن كل شركات الطيران الوطنية فى معظم الدول المحترمة لها صالات خاصة بها، تكون مجهزة تجهيزات خاصة، وبها خدمات مميزة حتى تشجع الركاب على ركوبها، وفى إحدى المرات أثناء سفرى جاءنى شاب وقال: نحن نجرى استبياناً حول الخدمات التى تقدمها «مصر للطيران» لركابها فى صالات السفر، وأرجو أن تساعدنى فى نقل آرائك إلى المسئولين، وكان فى يده آلة تسجيل فسجلت كل ملاحظاتى، وكان هذا قبل أكثر من ستة أشهر، وقلت له: لن أطلب من المسئولين عن «مصر للطيران» أن يقدموا خدمات «السنغافورية» أو «الاتحاد» أو «الإماراتية» أو «القطرية»، ولكن أرجو من المسئولين عن «مصر للطيران» أن يذهبوا فى رحلة مدتها ساعة ونصف فقط إلى مطار إسطنبول ليعرفوا كيف تقدم شركة الطيران التركية خدماتها إلى ركابها عبر صالة السفر الخاصة بالشركة، التى بها من وسائل الترفيه والراحة والطعام والشراب ما يجعل المسافر لا يريد أن يغادر الصالة، كما أن «التركية» مثل غيرها تخصص لركاب درجة رجال الأعمال فى الوصول والسفر خدمات ختم الجوازات السريعة، وهذه أبسط خدمة يمكن أن تقدمها «مصر للطيران» من اليوم للقادمين، على اعتبار وجود شباك للمسافرين على كل الشركات فليكن هناك شباك للجوازات لـ«مصر للطيران» للمسافرين وكذلك للوصول. أما على متن الطائرات فهذه قصة أخرى، وأؤكد هنا أننى ما ركبت على درجة رجال الأعمال فى أى رحلة من الرحلات لطائرات «مصر للطيران» إلا وكانت هناك قصة مع الكراسى، فمن الواضح أن الصيانة لا تمتد للكراسى على الإطلاق، بعضها يفتح ويغلق وحده ولا تجد مقعداً ليس به مشكلة ويدخل المضيفون فى حرج مع الركاب، ومن الممكن أن يطلبوا من الركاب الانتقال لمقعد آخر إذا كانت هناك مقاعد خالية، أما إذا كانت الطائرة ممتلئة فليتحمل كل راكب مسئولية مقعده.

Total
0
Shares
السابق

تدمير التاريخ والجغرافيا فى سوريا

التالي

فشل جبهة الإنقاذ

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share