موقف الرئاسة الغامض من حكومة قنديل

«شخصية هشام قنديل تدل على أنه غلبان» وحجم النقد الذي يوجه له يؤكد على أنه «رجل صاحب قدرة شديدة على التحمل» لكنه «غير قادر على المواءمة بين قدراته من جانب وبين ما يتحمله من جانب آخر» هذا هو التحليل النفسي الذي قدمه الدكتور أحمد عكاشة الرئيس السابق للجمعية العالمية للطب النفسي لشخصية الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المصري في حوار تليفزيوني على فضائية «الحياة» بث يوم 10 مارس الجاري، أما رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي فمما قاله الدكتور عكاشة في تحليله عنه «شخصية الدكتور محمد مرسي تتصف بالطيبة والمصداقية التي اكتسبها من عمله كاستاذ جامعة بمعنى عالم» لكن السياسي يتصف ـ حسب وصف عكاشة ـ «بالمراوغة بينما العالم يتسم بالصدق وإلا لا يكون عالما».
هذا التحليل الذي يبدو أنه بسيط ليس بسيطا على الإطلاق، وإنما هو عميق للغاية لأن الذين يمارسون السياسة ويدخلون في دروبها في وقت مبكر يختلفون تماما عن الذين يتحملون مسؤوليات سياسية في وقت متأخر من حياتهم تكون بعيدة كل البعد عن إيقاع ونمط الحياة الذي كانوا يعيشونه من قبل، لذا فإنهم يتسمون بالتشوش والتردد في اتخاذ القرار، فالسياسيون في أنحاء العالم يبدأون ممارسة السياسة من القاع من المجلس المحلي في القرية أو المدينة الصغيرة أو الحي ثم يتدرجون في دواليب صناعة القرار أو حكومات الظل حتى يصلوا في النهاية إلى المركز الحقيقي لاتخاذ القرار ويتخذونه مع دولاب عمل متكامل، مصر كانت تدار طوال العقود الماضية سواء مؤسسات الدولة أو الأحزاب السياسية أو الجماعات أو التجمعات بالأبوية والفوضى وأهل الثقة، وكل من له رأي يخالف رأي القيادة أيا كانت في أي مكان يتم تهميشه لذا خسرت مصر كثيرا من خبرات أبنائها الذين وجدوا التقدير خارجها، الرئيس مرسي هو إفراز لهذا الواقع الذي كانت تعيشه مصر وكذلك رئيس حكومته هشام قنديل، ومصر الآن تحكم برئيس «طيب وصادق» وهذا لا يكفي أبدا لإدارة الدول، ورئيس حكومة «غلبان» الحمل عليه ثقيل ويفوق قدراته، لكن لا يختلف اثنان على أنه أصبح جزءا من حالة الانسداد السياسي في مصر بغض النظر على إخلاصه ودأبه، الكل يطالب برحيل هشام قنديل منذ عدة أشهر حتى الإخوان المسلمين وحزبهم الحرية والعدالة طالبوا بذلك في مرحلة من المراحل لحل حالة الانسداد السياسي لكن الرئيس مرسي «الطيب» يصر على التمسك برئيس الوزراء «الغلبان» ولا يصغي لأحد، حجة الرئيس مرسي هي الاستقرار وتغيير الحكومة بعد الانتخابات، ونحن نتفق معه إذا كان هناك استقرار بالفعل، لكن لا يوجد استقرار وعشرات من أطفال الشوارع والبلطجية يصيبون البلد بالشلل منذ أشهر، أما الانتخابات فلم يعد أحد يعلم موعدها بعد قرار محكمة القضاء الإداري بوقفها بسبب قرار غير موفق من الرئيس مثل كثير من القرارات غير الموفقة التي تراكمت منذ أزمة النائب العام قبل عدة أشهر، ومن الواضح أن مؤسسة الرئاسة في تخبط شديد بشأن حكومة هشام قنديل أو هشام قنديل تحديدا لأن بعض وزرائه يعملون بجد واجتهاد ظاهر، وآخرين يجرون العجلة للوراء فتبدو الحكومة وكأنها تصارع نفسها.
ما يدل على تخبط الرئاسة تصريحان في يوم واحد لمصدرين في الرئاسة متناقضين صدرا في 10 مارس الماضي الأول للدكتورة باكينام الشرقاوي مساعد الرئيس للشؤون السياسية حيث صرحت «بأن الحكومة الحالية مستمرة وتعمل بكامل طاقتها من أجل تنفيذ المهام المكلفة بها من قبل رئيس الجمهورية ولا يوجد أي طرح مختلف حول موقف حكومة هشام قنديل» لكن الدكتورة باكينام يبدو لا تعلم أن هناك طرحا مختلفا طرح في نفس اليوم وفي نفس المصدر «بوابة الأهرام» حيث قال مصدر رئاسي «إن الرئيس لا يمانع في تشكيل حكومة جديدة شريطة توافق القوى السياسية» وفي مساء نفس اليوم قال الدكتور أيمن علي مستشار رئيس الجمهورية لشؤون المصريين في الخارج، في حوار تليفزيوني «كنت أتمنى أن يكون أداء حكومة هشام قنديل أفضل مما هو عليه ومؤسسة الرئاسة تريد بقاء حكومة قنديل رغم الإخفاقات بحثا عن الاستقرار» من الواضح أن الرئيس مشوش بشأن مصير الحكومة ومساعديه مشوشون والشعب المصري مشوش أيضا ولازال يبحث عن حل بين «الغلبان» و«الطيب الصادق»

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الجهل بقرار النائب العام

التالي

مصر الأخرى.. الآمنة !!!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share