من يدفع فاتورة الفضائيات المصرية الخاصة؟

في مداخلته خلال منتدى الجزيرة السابع قال وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود إن حجم سوق الإعلان في مصر لا يزيد على مليار ونصف المليار جنيه سنويا فيما تبلغ فاتورة التكلفة للقنوات المصرية الفضائية الخاصة ستة مليارات جنيه وهذا يجعلنا نطرح تساؤلا كبيرا هو : من يسدد هذا الفارق الذي يبلغ أربعة مليارات ونصف المليار جنيه بين عائد الإعلان والتكلفة الحقيقية لهذه الفضائيات الخاصة ؟
هذا السؤال الكبير الذي طرحه وزير الإعلام المصري هو مثار لتساؤلات كثيرة منذ مدة طويلة حول من يمول الفضائيات المصرية الخاصة في ظل العائد المحدود والتكاليف العالية ؟ فمن المعروف أن البث التليفزيوني هو محرقة للمال، ومن ثم فإن رجال الأعمال الذين يملكون هذه القنوات لا يقصدون البر والإحسان بما ينفقونه عليها أو حب مصر التي نهب خيراتها كثير منهم، أو نصرة الثورة المصرية التي عادوها جهارا نهارا وبينما كانت دماء المصريين تسيل في ميدان التحرير كانوا يبثون تأييدهم للنظام الفاسد، وقد أجاب وزير الإعلام عن جزء من السؤال حينما أشار إلى رجال الأعمال هؤلاء الذين يملكون هذه القنوات وإلى فلول النظام السابق وإلى أطراف خارجية تمد الجميع بالمال حتى تظل هذه المنظومة الإعلامية تفت في عضد الثورة المصرية والدولة الوليدة ولا تسمح بالاستقرار، ووجه الوزير كلامه لإدارة قناة الجزيرة قائلا : كان يظن كثير من الناس أن قناة الجزيرة تدفع أفضل الرواتب لمقدمي الأخبار والبرامج بها، لكن هذا غير صحيح لأن الفضائيات الخاصة المصرية تدفع لبعض مقدميها مليون جنيه كراتب شهري، وما لم يذكره الوزير أن بعضهم يتقاضى عشرين مليون جنيه مصري في العام، وما لا يعلمه الوزير أن هذا المبلغ يصل في بعض الأحيان إلى عشرين ضعفا لرواتب معظم المذيعين في شبكة الجزيرة، وهذا يعني أيضا أن هذه الرواتب الخرافية التي تدفع لهؤلاء المذيعين ومقدمي البرامج في مصر الهدف منها هو شراؤهم وشراء ذممهم وليس مجرد استخدامهم كمقدمي برامج، وهذا جزء من التكلفة الباهظة للمساعدة على مشروع تقويض الدولة لاسيما وأن معظم هذه الفضائيات يملكها رجال أعمال من فلول النظام السابق، ومعظم مقدمي البرامج بها هم نفس الوجوه التي كانت تدافع عن النظام السابق أو تشكل جزءا من الديكور الخاص به لكن الشعب صاحب الذاكرة الضعيفة تقبلهم مرة أخرى وصدق إفكهم وكذبهم الذي يبثونه بالليل والنهار.
لقد نجحت ماكينة الإفك هذه في بث الوقيعة بين أبناء الشعب الواحد وتسعى الآن لبث الوقيعة بين الشعب والجيش، وبين الشعب والشرطة، ويحلم القائمون عليها من خلال المليارات التي يبثونها إلى أن تصبح مصر يبابا وأن تتوقف عجلة الحياة بها، وقد صنع هؤلاء نجوما وقادة سياسيين لا يستطيع أحدهم أن يحرك خارج الاستوديو جناح بعوضة، لكنه يصول ويجول كل يوم على هذه الفضائية وتلك كأنه يقود جيشا جرارا وهو ليس له أي وجود على أرض الواقع، وكثير حتى من هؤلاء الضيوف اتخذوا الظهور على الفضائيات مهنة للاسترزاق وليس للظهور والزعامة فقط، وبعضهم يقضي سحابة نهاره وربما مساءه يتنقل بين فضائية وأخرى يكرر الكلام العفن ويبيع البضاعة الرخيصة التي يقايض بها مصالح الوطن بدراهم معدودات.
في حالة السيولة التي تعيشها مصر وتتدافع فيها الأموال الحرام التي بدلا من أن تستخدم في بناء البلاد تستخدم في هدمها، وبدلا من أن تستخدم في بناء الإنسان تستخدم في تضليله، في هذه الحالة يعتقد هؤلاء أن ما ينفقونه سوف يحقق لهم مآربهم وسوف تدخل مصر في دوامة الصراع الذي لا ينتهي، متناسين أن النظام السابق أنفق أضعاف أضعاف ما أنفق هؤلاء ثم في لحظة واحدة انهارت صنــاعــة الأكاذيــب التي ظل يروج لها طيلــة عقــود وينفق عليها عشرات المليارات.
وسوف تنهار هذه الفقاعات رغم المليارات التي تنفق عليها وهذا سوف يتحقق حينما يحدث شيء مهم للغاية هو.. أن يجد الشعب المصري من يملأ الفراغ.


الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

مصر الأخرى.. الآمنة !!!

التالي

أوقاف المصريين.. الكنز المنهوب

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share