الفجور في نهب ثروات مصر

القضايا والملفات والفضائح التي تتكشف يوما بعد يوم في مصر عما قام به الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجالات نظامه في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية لاسيما العقد الأخير تشيب لها الولدان، فعمليات السلب والنهب والسرقة والاستيلاء على المال العام وأراضي الدولة وحقوق الشعب وصل إلى حد الفجور، نحن هنا لا نتحدث عن ملايين وإنما عن عشرات أو مئات المليارات، ولا نتحدث عن أمتار وإنما عن عشرات الملايين أو مئات الملايين من الأمتار لأراضي الدولة، التي وزعت كهبات وهدايا على رجال الأعمال وأعوان النظام الفاسدين، وكلما تأمل الإنسان فيما يقرأه ويعرفه كل يوم يدرك أن أكبر الجرائم التي ارتكبها حسني مبارك في حق مصر ليس السرقة والنهب فحسب وإنما انتقاء أفسد وأفسق وأخبث من أنجبتهم مصر ليضعهم على رؤوس البلاد والعباد يعيثون في الأرض فسادا وإفسادا، أحد هؤلاء كان لسنوات طويلة عينه التي يرى بها وأذنه التي يسمع بها، وصل به الفجور إلى حد أنه كان يفسد النساء العفيفات بالإكراه عبر إغوائهن وإلا أفسد عليهن الحياة، كان يساوم المرأة التي تعجبه عن نفسها وإن أبت ورفضت شرد زوجها من وظيفته إن كان موظفا أو سلط عليه أجهزة الدولة إن كان رجل أعمال أو موظفا حرا أو اعتقل ابنها أو لفق له قضية ويظل وراء كل امرأة تأبى ألاعيبه حتى يشرد عائلتها أو تأتي إليه صاغرة، هذا الفاسق السكير العربيد وضعه مبارك على رأس أحد أهم أجهزة الدولة معظم سنوات حكمه، ولنا أن نتخيل حجم ما قام به من جرائم بحق هذا الشعب في كافة المناحي خلال هذه السنوات.
قبل عدة سنوات وفي جلسات مطولة روى لي المهندس حسب الله الكفراوي وزير الاسكان الأسبق وأحد أعف المسؤولين الذين تولوا وزارة الإسكان في عهد السادات وسنوات مبارك الأولى عن عمليات الاستيلاء على أراضي الدولة في عهد مبارك وكيف أنها بدأت بنجله علاء، يقول الكفراوي «جاءني علاء مبارك مع صهره مجدي راسخ إلى مكتبي في الوزارة، وأبلغني سلام أبيه وأنه يطلب قطعة من الأرض المخصصة للبناء في منطقة 6 أكتوبر مساحتها ألف فدان – أي أكثر من أربعة ملايين متر مربع من الأرض- فأعدت السؤال عليه وأنا مذهول من الطلب قلت له: ماذا تريد يا بني؟ قال: ألف فدان؟ قلت له: هل تقصد ألف متر تبني عليها فيلا؟ قال لي وهو يعيد التأكيد على طلبه: بل ألف فدان؟ وكان يحمل خرائطها شعرت بالذهول من الطلب؟ فقلت له: إذهب أنت وسوف أراجع أباك في هذا الطلب، جلست مذهولا.. الناس تطلب حينما تطلب قطعة أرض للبناء حينما تكون كبيرة تكون في حدود ألف متر مثلا، وهذا يطلب ألف فدان من الأراضي المخصصة للمباني، ذهبت بعدها إلى حسني مبارك وعرضت عليه الأمر ففوجئت به يؤكد على طلب علاء أدركت حينها ألا بقاء لي في منصبي ويجب أن أستقيل فورا حتى لا أوقع على قرار يخالف ضميري وحقوق الشعب وقد فعلت ذلك، أما من جاء بعدي فكان أول قراراته هو منح الألف فدان إلى علاء وصهره».
هذه القصة التي سمعتها من الوزير حسب الله الكفراوي منذ سنوات تأتي تحقيقات النيابة الآن لتؤكد على كل حرف فيها وأنها كانت بداية نهب حسني مبارك وعائلته وأصهاره ورجاله لأراضي الدولة واستيلائهم عليها حيث كانت هي المصدر الأول للثروة الهائلة التي حققها مبارك بعد ذلك والتي وصلت حسب بعض التقديرات إلى أكثر من مائة مليار دولار معظمها أصول ثابتة في الولايات المتحدة والدول الغربية، وبعد أراضي الدولة استباح مبارك وعائلته كل شيء في مصر، وكل شيء يأتي إلى مصر من خيرات الدنيا، أخبرني أكثر من مسؤول خليجي أن كافة المساعدات التي كان الحكام الخليجيون يمنحونها لمصر كانت تحول باسم حسني مبارك الشخصي وكان يودعها في حساباته الشخصية وأنه كان يحصل على مخصصات شخصية دائمة من بعض حكام الخليج.
إن الكثير من ملفات الفساد لم تفتح بعد وإن محاولات العبث بالشعب المصري وثورته عبر السعي من فلول النظام لعمل تشريعات تسمح للصوص والفاسدين برد بعض ما أخذوه مقابل العفو عنهم هي جريمة لا تقل عن الجرائم التي ارتكبها هؤلاء لأنه يفتح بذلك بابا واسعا لاستمرار مسلسل النهب والفساد لمصر وثرواتها.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
صالح ولد حننا

صالح ولد حننا (8) : كواليس المحاكمة واعتقال زوجته

التالي

هموم الرئيس التونسي المنصف المرزوقي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share