الحرب النفسية على الموجة الثورية

ثورة 25 يناير

تتعرض الموجة الثانية لثورة 25 يناير والقائمة الآن في مصر منذ الاطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو الماضي الى حرب نفسية طاحنة في مرحلة من مراحل المواجهة الحاسمة بينها وبين الانقلابيين الذين كانوا يأملون ان تكون المجازر البشعة التي ارتكبت ضد المعتصمين امام دار الحرس الجمهوري ورابعة العدوية والاسكندرية والمنصورة والفيوم وكل الاماكن التي سقط فيها شهداء خلال هذه الموجة كفيلة ببث الرعب في نفوس الرافضين للانقلاب فتدفعهم الى فض اعتصامهم وايقاف تظاهراتهم والعودة الى بيوتهم والقبول بالامر الواقع لاسيما بعدما بلغ عدد الشهداء ما يقرب من خمسمائة شهيد وآلاف الجرحى، لكن الذي يحدث على العكس تماما مما كان يتوقعه الانقلابيون فحجم التأييد للموجة الثورة الثانية يزداد يوما بعد يوم وفق استطلاعات ودراسات وتحليلات تنشر في الصحافة الغربية على نطاق واسع بينما يتقلص عدد الداعمين للانقلاب مما ادى الى ارتباك كبير في صفوف الانقلابيين وارتفاع لحدة التهديدات بفض الاعتصامات بالقوة.

الحرب الاعلامية والنفسية على المعتصمين لم تزدهم الا اصرارا بل وجلبت لهم مزيدا من التعاطف والتأييد

وقد بدأ التصعيد بالاعلان عن فشل الجهود الديبلوماسية والوساطات الغربية والعربية بين الانقلابيين ورموز قيادات المعتقلين داخل السجون من الاخوان المسلمين،سبقه وواكبه تحريض علني من الاعلاميين الموالين للانقلابيين وضيوفهم على فض الاعتصام ولو ادى ذلك الى مذبحة بين المعتصمين، بينما عرض بعضهم خططا لفض الاعتصامات تبدأ باستخدام مياه الصرف الصحي والحصار والتجويع وقطع الطعام والشراب عنهم وانتهاء بالاقتحام المسلح، لكن العجيب ان هذه الحرب الاعلامية والنفسية على المعتصمين لم تزدهم الا اصرارا بل وجلبت لهم مزيدا من التعاطف والتأييد وكل يوم تعلن جماعات جديدة من الشعب انضمامها لهم ضد الانقلابيين، ولعل تمدد مساحات الاعتصام سواء كان في رابعة العدوية او ميدان النهضة وزيادة اعداد الخيام والمعتصمين دليل على ان التهديدات لا تجلب الا مزيدا من التعاطف والتأييد من قطاعات الشعب المختلفة للمعتصمين، في الوقت الذي تتفنن فيه جماعات الشباب في نوعية واشكال المسيرات والتظاهرات التي تجرى يوميا في شوارع القاهرة والاسكندرية ضد الانقلاب.

ومع عدم تأكيد الداخلية او نفيها للاخبار التي تداولتها وكالات الانباء مساء الاحد الماضي 4 أغسطس عن نيتها البدء في فض الاعتصامات صباح الاثنين مع قطع التيار الكهربائي عن منطقة رابعة قبلها بيوم فقد توافد الآلاف على مقرات الاعتصام تأييدا للمعتصمين الذين دخلوا في مرحلة من التأهب والاستعداد للصمود في مواجهة فض اعتصاماتهم بل وتأكيدهم ان نجاح الداخلية في فض الاعتصام يعني انتقالهم لمناطق اخرى قد يكون ميدان التحرير على رأسها، ومن خلال التجارب التي خاضتها قوات الداخلية والجيش خلال الشهر الماضي في محاولات فض الاعتصامات سواء امام دار الحرس الجمهوري او رابعة او مسجد القائد ابراهيم في الاسكندرية كلها كانت تبوء بالفشل خلال اربع وعشرين ساعة لان المعارضين للانقلاب سرعان ما يعودون في اليوم التالي بأعداد اكبر واصرار وعزيمة اشد، وهذا يؤكد على ان الانقلابيين لم يدركوا بعد ان قطاعا من الشعب المصري قد تغيرت عقليته ونفسيته واصراره وعزيمته، وان الخوف قد مات في نفوس هؤلاء الذين يرفضون الانقلاب ويواجهون الرصاص بصدور عارية، وهذا يعني ان الحرب النفسية لن تجدي نفعا مع هؤلاء ولن تزيدهم الا اصرارا وعزيمة حتى يحققوا الهدف الذي خرجوا من اجله وهو افشال الانقلاب واستعادة كل مكتسبات ثورة 25 يناير وعلى رأسها الدستور والرئيس المنتخب ولو بعد حين.

Total
0
Shares
السابق
الفساد فى مصر

ترسيخ أركان الفساد فى مصر

التالي

الانتحار السياسي للنخبة العلمانية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share