مخطط تقسيم وتفتيت العراق

مخططات تفتيت وتقسيم الدول لا تجرى في يوم وليلة وإنما تأخذ طريقا طويلا من الاضطرابات وزرع الفتن في أركان الدولة وإثارة النعرات الطائفة والعرقية والمطالب الخاصة ثم تدفع الدول التي تتبنى التقسيم المشروع للمنظمات الدولية التي تتبنى الأمر وتقوم بتدويله ثم تبدأ مخططات التفتيت والتقسيم في بعض الأحيان تأخذ عدة عقود كما حدث في عملية تقسيم السودان حيث بدأت المطالب بالتقسيم منتصف الخمسينيات من القرن الماضي وتحققت بعد أكثر من خمسين عاما. وفي بعض الأحيان تأخذ عدة سنوات كما حدث في الاتحاد السوفياتي، وكما حدث في يوغسلافيا، ومن قبل ذلك كانت عملية التفكيك والتقسيم تأخذ وقتا أطول لاسيما في الامبراطوريات مثل الامبراطورية العثمانية أو النمساوية أو غيرهما من الامبراطوريات التي ظهرت على مدار التاريخ حيث كانت عجلة التاريخ تجرى بوتيرة أقل مما تجرى به الآن، ولابد من توفير العوامل التي تساعد على عملية التفتيت والتقسيم وإنضاجها يوما بعد يوم، لذلك فإن ما نراه في العراق الآن من موجات تفجير يومية تحصد المئات وتطال معظم أركان البلاد ليس سوى جزء من عملية إنضاج التقسيم، ولا ننسى الخريطة التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قبل أيام لمخطط تقسيم عدة دول في المنطقة من بينها العراق، تماما كما كانت تنشر خرائط تقسيم السودان قبل أن يقع تقسيمه الفعلي بعشرات السنين ولا يكاد يصدق أحد أن هذا سيحدث. وفي تصوري أن مخطط تقسيم وتفتيت العراق بدأ في ثمانينيات القرن الماضي حينما دفعت الولايات المتحدة صدام حسين للدخول في حرب مع إيران امتدت لثماني سنوات حصدت الأخضر واليابس واستنزفت ثروات وخيرات وأبناء العراق حيث بلغت تكلفة هذه الحرب وفق بعض التقارير أربعمائة مليار دولار أوصلت خزينة العراق الغني للإفلاس، بعدها دفع صدام حسين ليبتز دول الخليج لتغطية العجز المالي الكبير الذي استنزفته الحرب وبعد لقائه الشهير مع السفيرة الأميركية في بغداد قام بغزو الكويت، فوقع في المصيدة حيث نجحت الولايات المتحدة في جمع حشد ضده شمل كثيرا من الدول العربية ووجهت له ضربة إجهاضية كبيرة قضت فيها على أغلبية القوة العسكرية العراقية وأبقت البلاد تحت الحصار حتى عام 2003 وكانت خلال هذه الفترة توجه الضربات العسكرية القاتلة كلما سعى النظام لرفع رأسه، وفي العام 2003 وقع الغزو الأميركي للعراق وما دخل الأميركان بلدا إلا مزقوه ودمروا استقراره إلى الأبد، حيث لم تشهد العراق يوما واحدا مستقرا منذ ذلك الوقت، وخلال سنوات الاحتلال بدأت عملية التقسيم على الأرض. لم تعد هناك مخاوف من تفتيت وتقسيم العراق الأمر تجاوز المخاوف ليصبح واقعا يتم رسم خطوطه وخرائطه الأخيرة التي سيتم فرضها على الجميع.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

تمزيق نسيج المصريين

التالي

اختطاف رئيس الحكومة!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share