آثار التطبيع بين أميركا وإيران

لم تكن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الاميركي باراك اوباما والايراني حسن روحاني مجرد اتصال بين رئيسين بل كانت بداية لتغير هائل ليس في العلاقات بين البلدين فحسب ولكن في صناعة خرائط سياسية وربما جغرافية وعلاقات جديدة في المنطقة برمتها، والعجيب انه بعد المكالمة مباشرة بدات تطورات متعاقبة وسريعة لرسم الطريق وتعبيده نحو عودة العلاقات
وكان عمليات الاعداد كانت تجري منذ سنوات وكل ما كانت تنتظره هو انتخاب رئيسي ينتمي لما يسمي بالتيار الاصلاحي في ايران لتبدا المسيرة ، فعلى صعيد الملف النووي الايراني بدا الدفء في النقاشات يعود بعدما كان التحدي والمماطلة والتهديد والوعيد هو السمة الاساسية لهذا الملف ، ويبدو ان الولايات المتحدة سوف تتغاضى لايران عن كثير مما كانت تتشدد فيه من قبل وعلى صعيد الازمة السورية لاحظنا جميعا في المؤتمر الاخير الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس كيف كانت اوروبا في طرف والولايات المتحدة في طرف آخر مما يعكس ان هناك تعهدات لايران بخصوص الموقف الاميركي مما يجري في سوريا ترمي في النهاية للحفاظ على النظام الحليف لايران هناك كما ان التوافق فيما يتعلق بالاسلحة الكيماوية للنظام السوري لم يكن سوى قبلة الحياة للنظام التي اجلت اي اجراءات يمكن ان تجري ضده لمدة عام كامل هو الوقت الذي يمكن ان تستغرقه عملية تفكيك الاسلحة الكيماوية للنظام ، والغريب ان كل ذلك جرى بعدما وجهت اتهامات للمعارضة السورية بانها هي التي استخدمت الاسلحة الكيماوية ثم بعد ذلك تقدم النظام بالمعلومات الكاملة عن الاسلحة التي يمكلها طالبا تمديد اجله مقابل تفكيك المنظومة والتخلص منها ، ولاشك ان كل ما يجري في هذا الاطار هو جزء من عملية التقارب الايراني الاميركي الذي لم يقف عند المكالمة الهاتفية بل تلته الرسائل المتبادلة بين اوباما وروحاني لكن الخطوة الاكبر التي تكشف عن دخول التقارب من مرحلة السلام والكلام الى مرحلة الدفء والوئام هو ما قامت به السلطات الايرانية قبل ايام حيث امرت بازالة كل اللوحات المنتشرة في شوارع العاصمة طهران والتي تحمل شعارات معادية للولايات المتحدة والتي مضى على وجود بعضها ما يزيد على ثلاثين عاما هو عمر الخلاف والصراع بين الثورة الايرانية والولايات المتحدة ، وبدلا من ان تكون السلطات الايرانية صريحة مع نفسها وشعبها الذي دفع فاتورة كبيرة نتاج هذا العداء الذي استمر اكثر من ثلاثة عقود ، اذا بالناطق الرسمي باسم بلدية طهران يعلن عبر وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان السبب في ازالة الملصقات التي تحمل هذه الشعارات المعادية للولايات المتحدة والتي تملأ شوارع طهران منذ ثلاثين عاما هو ان وزارة الثقافة الايرانية قامت بوضع هذه الملصقات والشعارات دون الحصول على اذن وموافقة المجلس الثقافي لبلدية طهران، على حد قوله .
هذه الخطوات لا تعني ان العلاقات ستتغير في يوم وليلة بين البلدين ولكن الامر ربما يستغرق سنوات لكن خلال هذه السنوات ستجري عملية تسوية لملفات كثيرة وربما تغير في موازين القوى.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

مذابح القضاة بين عبد الناصر والسيسي

التالي

مسرحية محاكمة الرئيس محمد مرسي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share