ثلاثة أعوام على انطلاق الثورات العربية

حينما اندلعت الثورة التونسية في الثامن عشر من ديسمبر من عام 2010 لم يكن أحد يدرك أنها ستكون الشرارة الأولى لثورات عربية ستندلع في دول عربية عديدة ربما تكون بداية لتغيير الخرائط السياسية وربما الجغرافية في المنطقة ورغم السقوط السريع والمدوي لطاغية تونس زين العابدين بن علي إلا أن ذلك لم يكن يعني على الاطلاق نجاح الثورة التونسية ونهاية عهد الاستبداد والفساد، كما لم يكن يعني سقوط حسني مبارك نجاح الثورة المصرية هي الأخرى.
ورغم نجاح الشعب المصري في المشاركة بفعالية في خمسة استحقاقات انتخابية أشعرت كل مصري بقيمته مثل اختيار مجلس للشعب ومجلس للشورى والمشاركة في الاستفتاء على الدستور مرتين وانتخاب رئيس جمهورية إلا أن كل هذه المكتسبات تم العصف بها في انقلاب عسكري أعاد مصر للوراء عشرات إن لم يكن مئات السنين، حتى الثورة الليبية التى لم تتمكن من الإطاحة بالقذافي إلا بعد حرب طاحنة ودماء زكية سالت في أرجاء البلاد ومازالت تسيل لم تتمكن هي الأخرى حتى الآن من أن تحقق النصر، أما الثورة السورية فإن مشوارها كما يبدو طويل ورغم نجاح الثورة اليمنية بالإطاحة بعلي عبد الله صالح إلا أن أمور اليمن لم تستقر حتى الآن هي الأخرى، السبب الرئيسي والمباشر لعدم اكتمال نجاح معظم هذه الثورات حتى الآن، هو أن القلة التى كانت تفهم في تاريخ الثورات ودوراتها ووسائل وطرق نجاحها لم يكن يسمع لها أحد، واكتفى الثوار في كل هذه الثورات بالإطاحة برؤوس الأنظمة الفاسدة ونسوا أن الجسد كله فاسد يجب تطهيره، فلا يمكن لثورة أن تنجح وجسم الفساد كله قائم بكل أجهزته لاسيما الإعلام والقضاء والعسكر ومنظومة الفساد البيروقراطية في أركان الدولة، وحينما نقول العسكر فإننا نقصد الجيش والشرطة اللذين يعتبران يد الحاكم الباطشة ومستنقع الفساد في الدولة، بداية اعتقد السادة أعضاء مجلس الشعب المصري أنهم منتخبون من الشعب وبالتالي فلا أحد يستطيع الاقتراب منهم ونسوا أن أهم التشريعات التى يجب أن يصدروها هو تشكيل محاكم ثورية تطهر كل مؤسسات الدولة من الفاسدين، ونسوا أن جسم القضاء تعفن وجسد الدولة يمخر فيه الفساد والعسكر يختطفون السلطة والدولة ومقدراتها فقضوا عدة أشهر في تشريعات لا قيمة لها حتى جاءت المحكمة الدستورية التى عين أعضاءها مبارك بجرة قلم فأنهت حلم الشعب دون أن يتحرك أحد بدعوى احترام القضاء بل وشارك رئيس المحكمة بعد ذلك في هدم الدستور الذي اختاره الشعب وأصبح شريكا في اغتصاب السلطة ونسوا أن هذه المنظومة الفاسدة كانت يد حسني مبارك الباطشة بأحكام فاسدة وقضايا ملفقة طيلة ثلاثة عقود وأن القضاة كانوا يحالون للتقاعد فور بلوغهم الستين حتى عام 1992 وأن مبارك هو الذي صنع مد السن لإفسادهم، وقد نجح، وكذلك حدث في تونس لكن التوانسة إلى حد ما تمكنوا من اكتشاف مؤامرة للعسكر فأطاحوا بقيادات الجيش بقرار رئاسي قبل أن تطيح قيادات الجيش بهم، وكان المنصف المرزوقي أكثر وعيا من محمد مرسي بكثير، كما كان راشد الغنوشي أكثر براجماتية من أعضاء مكتب الإرشاد، الطريق مازال طويلا لكن صمود الشعوب هو الذي سيحدد مستقبل هذه الثورات.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
يحيى حامد

يحيى حامد ج2 : صراع الرئيس محمد مرسي مع المؤسسة العسكرية .. وتفاصيل اتصال أوباما

التالي
أحمد المستيري

أحمد المستيري (4) : ترسيخ أقدام بورقيبه فى الحكم ..وعلاقات تونس مع أمريكا.. وإعدامات 58

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share