التصالح مع اللصوص (1)

العصابة التي كانت تحكم مصر وما زالت سقط بعض لصوصها في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير ضحى بهم أصحابهم حتى تبقى المنظومة قائمة والمسيرة مستمرة ، مسيرة سلب ونهب واحدة من أغنى دول العالم بالثروات والحضارة والتاريخ ، بلد كما يقول المصريون تنهب منذ سبعة آلاف عام ومازال فيها الخير ، وهذه حقيقة فثروات مصر تنهب منذ آلاف السنين سواء كانت الآثار التي تملأ متاحف العالم أو الخيرات الأخرى التي نهبها الغزاة أو غيرهم.
لكن بعد انقلاب يوليو عام 1952 تحول النهب الى الداخل فقام اللصوص بنهب ثروات وآثار العائلة المالكة المصرية وبيعت كثير من الممتلكات لاسيما المجوهرات في خارج مصر ، وتحول كثير من البسطاء الذين أصبحوا في السلطة الى أثرياء وتبدل حال المجتمع فأفقر النظام الجديد الأغنياء وظهرت طبقة من الأغنياء الجدد هم رجال السلطة وأصدقاؤهم من رجال الأعمال الجدد.
وبما أن كل نظام جديد يصنع رجاله وطبقاته فقد أخذت الأمور تتبلور حتى تجلت في السبعينيات في عصر الانفتاح أو عصر الفهلوة وتكوين الثروات من الصفقات مثل صفقات الدواجن الفاسدة وأجنحة الطيور الجارحة وغيرها من الصفقات الفاسدة الأخرى التي جعلت المصريين أكلوا كل شيء فتفشت فيهم الأمراض .
وحينما جاء عهد مبارك ظهرت طبقة أخرى من اللصوص أكثر نضجا وتطورا تزاوجت هذه الطبقة سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا مع طبقة السلطة والحكم حتى وصل الأمر في نهاية عهد مبارك الى اختيار بعض رجال الأعمال هؤلاء ليصبحوا وزراء في الحكومة أو من أصحاب القرارات النافذة في الحزب الحاكم ، وكان من الطبيعي أن يصبحوا من حاشية الرئيس وكثير منهم من حاشية أبناء الرئيس أصبح كل شيء تحت أيديهم بدءا من التشريعات القانونية التي تتيح لهم سلب ونهب واحتكار السلع مثل احتكار أحمد عز للحديد وكل خاماته بحيث لم يكن مصنع من مصانع الحديد في مصر يعمل الا من خلال أحمد عز بشكل أو بآخر وكان من الطبيعي أن يكون للرجل الذي يرتب التشريعات ويدير منظومة التشريع الفاسدة نصيب من الطبخات التي يرتبها لأصحاب الحظوة ، فلم يكن هناك تشريع أو صفقة أو مشروع يتم في مصر دون أن يكون له نصيب فيه ، وبغض النظر عن أن الرجل هو أستاذ للقانون كان يعلم الطلبة كيف يصبحون قضاة أو محامين أو رجال قانون محترمين الفوارق كبيرة بين ما هو في الكتب وما كان يمارسه هؤلاء ، وعلى رأسهم أستاذ القانون رئيس مجلس الشعب الذي لم يترك صفقة لم يكن له نصيب منها وقد وصل حال هؤلاء اللصوص الذين استباحوا البلاد وحقوق العباد أن يجلسوا ليقسموا حصصهم كما تقسم قطعة الكيك على الحضور كل له نصيبه أما الفتات الذي كان يتناثر من الكعكة فهو للشعب الذي يركض سنوات طوال حتى يحصل على شقة يؤوي فيها أولاده أو سيارة متهالكة يقضي بها حوائجه ، بعد ثورة الخامس والشعرين من يناير كان هؤلاء يشعرون أن أصدقاءهم أعضاء المجلس العسكري هم الذين في السلطة ولن يمسهم شيء لكن العسكر الذين سرقوا السلطة والثروة قرروا التضحية ولو مؤقتا ببعض رجال المنظومة وكان من بينهم أستاذ القانون معلم الأجيال فتحي سرور.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

التواطؤ في نهب الغاز المصري (2)

التالي

التصالح مع اللصوص (2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share