العالم يصادق على دستور تونس

الدعوة التي وجهها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الى معظم زعماء العالم للحضور الى تونس من اجل الاحتفال بمصادقة الجمعية التأسيسية على دستور الثورة التونسية كانت «ضربة معلم» كما يقول المصريون، فهذه هي المرة الاولى في تاريخ تونس التي يتوافق فيها ممثلو الشعب على دستور يقبلون من خلاله التحاكم فيما بينهم، وقد كان الحضور العالمي الكبير بمثابة مصادقة دولية على دستور الثورة التونسية، وهي خطوة فات الرئيس المصري محمد مرسي ان يقوم بمثلها لدستور 2012.
فقد كان كم الجهد الذي بذل في دستور الثورة المصرية وكذلك مخرجاته جديرة بان ينال الاهتمام والترويج العالمي اكثر مما جرى، لكن مرسي فاتته اشياء كثيرة، واذا كان العسكر قد علقوا دستور الثورة المصرية دستور العام 2012 فانه لا شك سيعود حينما يزول حكم العسكر ويعود حكم الشعب مرة اخرى ولو بعد حين، الحضور العالمي الى تونس للاحتفال بالمصادقة على الدستور اعطى رسائل عديدة من اهمها اقرار العالم بالثورة التونسية وبما حققته، كما انه كان ضربة للمؤامرات التي تتعرض لها الثورة التونسية وهي مؤامرات كثيرة تتداخل فيها القوى الداخلية مع القوى الخارجية مع اعداد الثورة مع مخلفات نظام بن علي ونظامه الذي لازال يتواجد في اركان السلطة وعبر احزاب سياسية تداخلت مع اكثر من مائة وسبعين حزبا تشكلت بعد الثورة، مع تيار واسع يسعى مع قوى ليبرالية ليستعيد النظام من جديد عبر الانتخابات البرلمانية القادمة بعدما فشل انقلاب عسكري كان قد اعد له في الصيف الماضي وكان الرئيس المرزوقي سباقا حينما قبل استقالة بعض كبار الضباط وأقال آخرين فأجهض ما عجز الرئيس مرسي عن القيام بمثله، لان الذين يأتون بعد الثورات للحكم ما عليهم الا ان يتحلوا بروح الثورة ليحققوا آمال الثوار الذي حملوا اكفهم على ايديهم وخرجوا ليزيلوا نظاما ويقيموا نظاما آخر، لكن كثيرا من السياسيين الذين جاءت الانتخابات بعد الثورات اعتقدوا انهم يمكن ان يتعايشوا مع النظام الفاسد ويديروا الدولة من خلاله او يقوموا ببعض الاصلاحات التي يمكن ان تؤدي الى استعادة ادارة الدولة من جديد وهذه سلوكيات عادة ما تمنى بالفشل لان الثورات تأتي حتى تزيل نظاما فاسدا بكل اركانه ورجاله وتقيم نظاما جديدا، وقد توافرت لتونس بعض العوامل التي ساعدتها على ان تتجاوز كثيرا من المؤامرات التي حيكت على الثورة حتى الآن، منها الروح الثورية التي يتحلى بها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي رغم الانتقادات التي توجه له وكان اهم ما قام به هو التغييرات التي اجراها في قيادة الجيش والامن خلال الاشهر القليلة الماضية، ومنها تفهم قيادة حركة النهضة لظروف المرحلة وقبولها الخروج من السلطة في الوقت المناسب لإتاحة المجال لحكومة تكنوقراط تقود المرحلة القادمة لان اصعب شيء على من يكون من في السلطة ان يتنازل عنها برضاه لان شهوة السلطة تكون في كثير من الاحيان اقوى من كل شهوات الدنيا لانها تدفع الناس في النهاية ان يقتتلوا حتى يحظوا بها، مصادقة العالم على الثورة التونسية ستؤدي الى الهدوء في تونس ولو الى حين والى ان تتفرغ القوى السياسية لمعركة الانتخابات القادمة ويتفرغ المجلس التأسيسي والحكومة لإنجاز المهام المحددة لهم في الوقت المناسب حتى تبدأ تونس عهدا جديدا مع بداية العام 2014.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
محمد محسوب

محمد محسوب ج3 :التآمر على ثورة 25 يناير..ومنع استرداد أموال مصر المنهوبة

التالي

تعذيب النساء في العراق

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share