حرب غزة .. وموت الضمير العالمي

نُشر المقال فى 6 أغسطس 2014

لا أعرف إن بقي هناك شيء يسمى الضمير العالمي، أم أن غزة كشفت الجميع على حقيقتهم وعرت الجميع من أثواب النفاق التي يرتدونها، لن أدخل في تفاصيل كثيرة ولكني سأقف عند حادث وقع يوم الجمعة الماضي أول أغسطس، حينما أعلن الكيان الصهيوني أنه فقد أحد ضباطه في شرق رفح بعد إعلان الهدنة التي كانت مقررة لثلاثة أيام بينه وبين المقاومة الفلسطينية.
وقد اتخذ الكيان الصهيوني الأمر ذريعة لكي يخرق الهدنة ثم يتهم المقاومة بأنها هي التي خرقتها وقد اختطفت الضابط المفقود، وأخذ يدك منطقة رفح بالقذائف الصاروخية والمدفعية والدبابات حتى قتل في ذلك اليوم في هذه المنطقة وحدها أكثر من سبعين شهيدا، بينما أغلق النظام المصري معبر رفح أمام كل الذين هربوا من الموت، آملين أن يفتح لهم المعبر وكلهم من حملة جوازات السفر الأجنبية والمصريين المتزوجين من فلسطينيات وأبنائهم، وتعرض كثير من هؤلاء للقصف والموت.
من ناحيتها سارعت الأمم المتحدة بتبني الموقف الإسرائيلي ووجهت الاتهامات للمقاومة بأنها هي التي خرقت الهدنة، وتبع الأمم المتحدة أو سبقها كل حلفاء إسرائيل، لكن الشاهد في الأمر هو أن كل حلفاء إسرائيل سرعان ما سعوا للتوسط لدى حركة حماس وقطر وتركيا باعتبارهما الدولتين الوحيدتين اللتين تعلنان بشكل مباشر دعمهما السياسي للمقاومة من أجل الافراج عن الضابط الإسرائيلي المختطف، ولم يقم أي من هؤلاء بإدانة إسرائيل في قتلها ما يقرب من ألفين وإصابتها أكثر من عشرة آلاف وتدمير أحياء كاملة وإزالتها من على الخريطة، ولم يسع أي منهم للضغط على إسرائيل كي توقف حربها الهمجية الشرسة على المدنيين العزل في غزة، ولم يسع أي منهم للضغط على عبدالفتاح السيسي حتى يفتح معبر رفح، ولا يكون شريكا في الحصار الذي يجري لسكان غزة، الكل أصبح يناشد ويرجو من أجل الضابط الإسرائيلي الذي اعتقدوا أن حماس قد أسرته، والأدهى والأمر هو موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي بدا صهيونيا أكثر من الصهاينة، فالرجل الذي ساوى من البداية بين الجاني والضحية وتبنى موقف الصهاينة في أغلب الأوقات، والذي لم يدن قصف الصهاينة للاجئين الموجودين في مدارس الأونروا إلا بعد تعريته وفضحه تدخل هو الآخر للوساطة من أجل الضابط الإسرائيلي، وقد أعلنت حركة حماس أنها لم تأسر الضابط، ويمكن أن يكون قد قتل إلا أن إسرائيل التي كانت تعلم تماما من اللحظة الأولى أنها هي التي قتلت ضابطها في قصفها العنيف على المنطقة التي قامت فيها المقاومة بعمل كمين للقوات التي خرقت الهدنة في منطقة رفح فقتلت وجرحت العشرات ما أدى إلى قيام الجيش الصهيوني بقصف المنطقة بجنون، أصرت على روايتها حتى تواصل قصة خدعة خرق الهدنة، الكل تباكى على الضابط الذي لا يستبعد أن تكون إسرائيل هي التي قتلته ظنا منها أنه أسر فقتلته وقتلت المجموعة التي أسرته كما تفعل إسرائيل دائما حتى لا تكون تحت الضغط والإذلال.. وما قصة شاليت منا ببعيدة، لكن الشاهد في الأمر هو أن العالم كله بكل ساسته وحكوماته وزعمائه انتفض من أجل ضابط إسرائيلي، ولم يتحرك أحد ليزيل الحصار عن مليوني فلسطيني محاصرين منذ ثماني سنوات أو ألفي قتيل وعشرة آلاف جريح معظمهم من النساء والأطفال والعجائز قتلتهم إسرائيل خلال أقل من شهر.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

المقاومة فى غزة .. وصناعة الخوف

التالي

الهروب الإسرائيلي من غزة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share