جمهورية الميليشيات العراقية

نشر المقال فى 31 أكتوبر 2016

ولدت الميليشيات الشيعية في العراق في ظل الاحتلال الأميركي الذي بدأ في العام 2003 حيث قام الاحتلال بحل الجيش العراقي وإقامة إدارة طائفية سحبت السلطة والنفوذ من أيدي السنة ومنحت الشيعة السلطة السياسية والعسكرية في البلاد، وغضت الطرف عن الميليشيات المسلحة التي أسستها إيران أو دعمت وجودها والتي وصل عددها في العام 2014 إلى أكثر من أربعين ميليشيا مسلحة كانت كلها تتلقى الدعم من الدولة وتعمل بيد مطلقة ضد سنة العراق فأقامت السجون والمعتقلات والحواجز العسكرية وفرضت على الناس الجباية بل ومارست السلب والنهب والحرق وكل ما تقوم به العصابات الإجرامية تحت حماية الدولة التي اعتبرت الميليشيات العسكرية الشيعية المسلحة جزءا منها، وقد حصلت الميليشيات على الدعم السياسي من النظام لا سيما من رئيس الوزراء الطائفي نوري المالكي الذي لازالت له اليد الطولى في إدارة شؤون العراق حتى الآن كما حصلت على الدعم الديني حينما أصدر المرجع الشيعي علي السيستاني فتوى في العام 2014 طالب فيها الميليشيات بأن تتوحد تحت راية واحدة لمواجهة تنظيم الدولة وأصبح الحشد الشعبي هو الوعاء السياسي والديني للسلطة الشيعية الرسمية في العراق علاوة على الجيش الذي يعتبر الذراع العسكرية الرسمية للدولة الطائفية هناك.
ووسط الانتقادات التي وجهت للميليشيات بعد تفشي عمليات القتل والتعذيب وتدمير الممتلكات وفرض الأتاوات الذي تقوم به الميليشيات ضد سنة العراق أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بيانا في يونيو 2015 أضفى من خلاله المشروعية الكاملة علي ما ترتكبه الميليشيات من جرائم حيث قال «إن ميليشيات الحشد الشعبي جزء من المنظومة الأمنية العراقية»، وأكد أنها تمول بالكامل من الحكومة كما نفى عنها الطائفية وبالتالي منحها الغطاء القانوني والسياسي والمالي لتصبح الدولة رهينة لها وليس العكس فالميليشيات سلطاتها مطلقة ولا يحاسب المنتسبون عليها على ما يرتكبونه من جرائم ولهم القانون الخاص الذي تضعه كل ميليشيا لنفسها، وبالتالي فقد تحولت الميليشيات إلى عصابات رسمية لاسيما بعدما انخرط كثير من أفرادها في القوات الأمنية التي تدير المناطق السنية التي تم تدميرها في الفلوجة والأنبار وتمارس ضد السكان كل أشكال الإذلال والسلب والنهب والأتاوات والتهجير والتطهير العرقي، ولا يستطيع أحد أن يرفع صوته أو يشكو أو يتبرم في ظل الصمت الدولي والدعم الإيراني والخذلاني السني، والآن كل هذه الميليشيات أمام امتحان عسير فقد حشدت أكثر من أربعين ألفا من جنودها لمواجهة تنظيم الدولة في الموصل مسلحين بأسلحة يقول المراقبون إنها تتفوق في بعض الأحيان على ما يملكه الجيش العراقي كما أن معظم القادة الذين يحركونها هم من الحرس الثوري الإيراني، ولا يكفي التسلح الجيد لهؤلاء ولا التهييج الطائفي لهم لكي يحققوا النصر ويقوموا بمجزرة لمليون ونصف المليون سني لا يجدون أي دعم إنساني أو عسكري ليدافعوا عن أنفسهم..
نحن أمام مشهد تاريخي مؤلم لكنه الواقع «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

6 آلاف من داعش يربكون 60 دولة

التالي

التطهير العرقي للسنة في كركوك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share