رؤساء لبنان الغارقون في الدماء

نشر المقال فى 2 نوفمبر 2016

الحالة السياسية اللبنانية من أعقد وأغرب الحالات السياسية في العالم، حيث يتولى السلطة بغطاء شرعي محلي وإقليمي ودولي رؤساء غارقون في الدماء والقتل ولم يكونوا إلا قادة مليشيا طوال أكثر من خمسة عشر عاماً، ولأني انتهيت قبل أيام قليلة من دراسة تاريخ الحرب اللبنانية، حيث كنت أعد حلقات شاهد على العصر التي سوف يبدأ بثها في الأسبوع القادم مع جوني عبده، مدير المخابرات اللبنانية الأسبق، فقد تابعت جلسة إجراءات انتخاب الجنرال ميشيل عون رئيساً جديداً للبنان والتي جرت في مجلس النواب اللبناني يوم الإثنين الماضي 31 اكتوبروعيني على تاريخ الحرب التي كان الجنرال أحد قادتها.
وقد أعادتني جلسة انتخاب الجنرال ميشيل عون للمنصب الذي بقي شاغراً عامين ونصف العام منذ انتهاء ولاية الجنرال ميشال سليمان في شهر مايو من العام 2014، إلى جلسة انتخاب بشير الجميل في 23 أغسطس عام 1982 والتي سيق بعض النواب لها بالقوة حتى يتموا النصاب، ورغم أن بشير الجميل كان قائداً لمليشيا تمارس القتل والدمار في لبنان آنذاك، إلا أن الولايات المتحدة منحته المشروعية وسافر إلى واشنطن وحصل على الموافقة الأميركية والدعم الإسرائيلي، لكنه لم يكن وحده الغارق في الدماء فكل من جاء بعده من رؤساء لبنان كانوا متورطين في الحرب اللبنانية لكن الجنرال ميشيل عون الذي كانت الرئاسة حلمه القديم منذ انتهاء عهد أمين الجميل في سبتمبر من العام 1988، حيث عاشت لبنان المشهد الذي تعيشه منذ عامين ونصف العام وهو تعذر انتخاب رئيس، عندها كان الجنرال قائد الجيش فترأس عون حكومة عسكرية ودخل في حرب طاحنة مع القوات اللبنانية آنذاك بقيادة سمير جعجع الذي اتهم بتصفية كل من طوني فرنجية نجل الرئيس سليمان فرنجية وابنته وزوجته في مذبحة إهدن ثم تصفية داني شمعون نجل الرئيس كميل شمعون بعد ذلك، وسجن جعجع الذي قتل الآلاف علي يديه بسبب هاتين القضيتين ثم أفرج عنه وأصبح الآن مرشحاً للانتخابات اللبنانية القادمة 2022 بعد أن يقضي الجنرال عون فترته، نفس الجنرال الذي يحكم الآن والذي تعهد في خطاب الرئاسة أن يحمي لبنان وأن يجعلها بمنأي عن النيران المشتعلة حولها هو نفسه الذي خاض حرباً ضروس خلال السبعينيات والثمانينات دمر خلالها آلاف البيوت وقتل آلاف اللبنانيين نفسه يتعهد الآن بحمايتهم، وأغرب ما في قصة الجنرال عون هو أنه حينما أجبر علي الخروج من قصر الرئاسة في العام 1990 ولجأ إلى السفارة الفرنسية ثم إلى فرنسا التي عاش فيها لاجئا خمسة عشر عاما لم يكن يحلم خلالها بالعودة إلى لبنان إذا به يعود ويصبح زعيماً سياسياً لأكبر كتلة في البرلمان اللبناني ثم رئيساً ويحقق حلمه الذي خاض من أجله الحروب ثم يخرج الذي قتل أقاربهم على يديه ليحتفوا به رئيساً، إنها لبنان بلد العجائب في السياسة بل وفي كل شيء.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

التطهير العرقي للسنة في كركوك

التالي

خطة أمريكا لحرق المنطقة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share