من يقف وراء مذبحة العباسية؟

نُشر المقال فى 9 مايو 2017

على غرار الأحداث التي وقعت في مصر قبيل الانتخابات البرلمانية مثل أحداث شارع محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء والداخلية ومجلس الشعب والتي راح ضحيتها العشرات من المصريين ما بين شهداء وجرحى وأكدت تقارير كثيرة ان هذه الأحداث كان هدفها إحداث فوضى تحول دون إتمام الانتخابات البرلمانية، جرى السيناريو نفسه في ميدان العباسية في الأسبوع الماضي قبيل الانتخابات الرئاسية، وظهرت نفس الوجوه التي مارست القتل من قبل وهي تحمل السيوف والسكاكين وبنادق الخرطوش والمسدسات والبنادق، وصورت الكاميرات عشرات من هؤلاء وهم يمارسون القتل والسحل للمتظاهرين السلميين الذين أكد رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني أن «من حقهم أن يتظاهروا في أي مكان وأي زمان وعلى أجهزة الأمن حمايتهم» لكن الوقائع تشير إلى أنه قبيل المجزرة التي وقعت فجر يوم الأربعاء الماضي الثاني من مايو انسحبت قوات الأمن والشرطة العسكرية من الميدان والأماكن المحيطة به ومستشفى التأمين الصحي القريب وانفرد البلطجية والقتلة بالمشهد كاملا، وقد أكد الدكتور أشرف الرفاعي مدير إدارة التشريح بمصلحة الطب الشرعي في تصريحات نشرت يوم الخميس 3 مايو أن جثث ضحايا مذبحة العباسية وعددهم سبعة أشخاص حتى ذلك الوقت قد تم تسليمهم إلى أسرهم بعد تشريح الجثث بمعرفة فريق من كبار الأطباء الشرعيين وأن ستة من السبعة قتلوا بالرصاص الحي بينما قتل السابع برصاص خرطوش، وأن الاصابات القاتلة كانت في الرأس والصدر وتم استخراج طلقتين من الرصاص الحي من رأس ضحيتين.
الضحايا لم يقفوا عند هذا العدد ولا عند هذا الحد وإنما كشفت التقارير وشهود العيان أحداثا مريعة تثبت التواطؤ والترتيب من قبل قوى قال عضو المجلس العسكري اللواء الملا في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعض قادة المجلس يوم الخميس 3 مايو لصحفي سأله عمن وراء الأحداث فقال «نحن نعرفهم وأنت تعرفهم» وقد أثارت هذه الأجابة علامات استفهام كثيرة حول معرفة المجلس العسكري الحاكم بمن وراء الأحداث وقد صرح سعد الحسيني رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب أن من أطلق عليهم البلطجية نشرت لهم صور وهم يتناولون أطعمة معلبة جاءت من إحدى جهات الضيافة في العسكري وأن كثيرا منهم كانوا يرتدون أحذية عسكرية وهذا يجعلنا نطالب المجلس العسكري بالكشف عن هؤلاء لاسيما وأن كل الذين شاركوا في الجرائم السابقة لم يكشف عنهم حتى الآن رغم أن النيابة كانت دائما تحقق من أول يوم، وإذا كان هؤلاء قد استخدموا أسلحة من الموجودة في أيدي كثير من الناس فمن أين لهم القنابل المسيلة للدموع التي استخدموها ضد المتظاهرين ومن المفترض أنهم بلطجية مخالفون للقانون، ونحن لا نعرف من الذي أصدر أوامره لقوى الأمن التي تحرس المستشفيات بأن تخلي مواقعها وأن يدخل البلطجية بالسيوف والأسلحة للاجهاز على من بقي حيا من الجرحى أو اختطافه كما روى كثير من الأطباء؟، النيابة تحركت كما تحركت في كل الأحداث الماضية لكنها لم تكشف عن المجرمين الذين ارتكبوا جرائم الأمس ولن تكشف عمن ارتكبوا هذه الجرائم لأن الفاعل معلوم لدى المجلس العسكري، لكنه سيبقى مجهولا لدى الشعب ، وأنا لا أدري هل هناك علاقة بين التحذير الذي أطلقه قادة العسكري في مؤتمرهم الصحفي يوم الخميس 3 مايو من الاقتراب من وزارة الدفاع والأحداث الدموية التي شاركت فيها قوات الجيش والشرطة بشكل مباشر يوم الجمعة 4 مايو لاسيما وأن الروايات التي نشرت في معظم الصحف تؤكد أن الشرطة العسكرية هي التي أشعلت الموقف بعدما قام شاب بالقفز خلف السلك الشائك وكأنهم كانوا ينتظرون أي تصرف يدفعهم لاستخدام العنف المفرط الذي أدى إلى إصابة المئات والقبض على أكثر من ثلاثمائة ودخول مسجد النور بالأحذية والقبض على كل من فيه بمن فيهم الشيخ حافظ سلامة الذي أفرج عنه لاحقا، والأكثر من ذلك القبض على عشرات من الطبيبات والمهندسات والمعيدات بالجامعات واتهامهم بالمشاركة في تشكيل عصابي ضد القوات المسلحة؟
لا نستطيع أن نفصل ما حدث في العباسية عما حدث من مسلسل مواجهات بدأ في أعقاب الثورة بين الشرطة العسكرية والشعب فقد كانت المواجهة الأولى التي قامت بها الشرطة العسكرية في 9 مارس 2011 حينما قامت بفض اعتصام ميدان التحرير بالقوة وألقي القبض على العشرات دون ضحايا، وفي فجر السبت 9 إبريل وقع الاشتباك الثاني بين الشرطة العسكرية والمعتصمين في الميدان بعد إعلان عدد من الضباط الانضمام إلى الثوار في الميدان ومطالبة المجلس العسكري بتحقيق أهداف الثورة، وذكر أن قتيلا واحدا وقع في هذه المصادمات أما ما حدث في الأول من أغسطس فقد كان بداية المواجهات الدامية حيث أصيب عدد كبير من المعتصمين في الميدان بعد هجوم الشرطة العسكرية على المعتصمين وفض الاعتصام بالقوة، وفي شهر نوفمبر وقعت أحداث شارع محمد محمود الدامية والتي كانت مسرحية هزلية بكل المعايير حيث أصيب يوم 19 نوفمبر أكثر من خمسمائة ثم تطور الأمر في النهاية وأدى إلى مقتل أكثر من 40 من المتظاهرين والثوار وقد أدت هذه الأحداث إلى مظاهرات عارمة في شتى أنحاء مصر وصلت إلى مبنى مجلس الوزراء حيث تدخلت الشرطة العسكرية في 16 ديسمبر وفضت المعتصمين بالقوة وبلغت الحصيلة 17 قتيلا وأكثر من ألف مصاب وتوج المشهد بتعرية وسحل الفتاة التي تم نشر صورها على نطاق عالمي مما أدى إلى وضع المجلس العسكري في مأزق أخلاقي، ولم تتوقف المصادمات حتى انتهت بما حدث في العباسية وأدى إلى مقتل أكثر من 20 حسب التقارير الرسمية لوزارة الصحة المصرية وإصابة المئات، إن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وإذا كان هناك عجز عن التعرف على المجرم الحقيقي والفاعل المعلوم المجهول فسوف يأتي وقت تفتح فيه كل هذه الملفات بشفافية ليعرف الشعب من القاتل الحقيقي الذي كان يقف وراء كل هذه الأحداث… وربما لا يطول الانتظار.. بل عسى أن يكون قريبا.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

مخطط تقسيم سوريا واليمن

التالي

الإخوان..لم يأخذوا العبرة من تاريخهم ويحافظوا عليه !

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share