روجيه جارودي: إسرائيل أنشأها الملحدون

يتناول الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي فى حوار تاريخي في برنامج الشريعة والحياة تفاصيل آخر معاركه الفكرية والقضائية مع الحركة الصهيونية وإسرائيل، بعد قانون غيسو الذي أقرته فرنسا عام ١٩٩٠ والذي يجرم إنكار الهولوكوست وبيّن جارودي أن خصومته مع الحركة الصهيونية وليس مع اليهودية كدين، وفاجأ جارودي مشاهدي البرنامج بالقول إن إسرائيل أنشأها الملحدون.
روجيه جارودي

يتناول الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي فى حوار تاريخي في برنامج الشريعة والحياة تفاصيل آخر معاركه الفكرية والقضائية مع الحركة الصهيونية وإسرائيل، بعد قانون غيسو الذي أقرته فرنسا عام ١٩٩٠ والذي يجرم إنكار الهولوكوست .

وبيّن جارودي أن خصومته مع الحركة الصهيونية وليس مع اليهودية كدين، وفاجأ جارودي مشاهدي البرنامج بالقول إن إسرائيل أنشأها الملحدون.

نص حوار روجيه جارودي: إسرائيل أنشأها الملحدون

أحمد منصور: حياتك حافلة بالمواجهات وتاريخك حافل بالصراع الفكري والصراع السياسي مع تيارات بارزة مثل الماركسية ومثل الشيوعية والآن أعلنت حرباً ومواجهة عنيفة مع الحركة الصهيونية، أما تعلم أن هناك عواقب وخيمة لمن يقف في وجه الصهيونية في هذه المرحلة؟

روجيه جارودي: أعتقد أنه ليس هناك إلا حرب واحدة في حياتي هي من أجل السلام ومن أجل حوار الحضارات، هذا سبَّب لي بعض المضايقات: أطردوني- مثلاً- من الحزب الشيوعي الفرنسي عندما قلت: إن الاتحاد السوفيتي ليس بلداً اشتراكياً، وتحاورت طويلاً مع الناس عندما انتقدت التطرف في الأديان، عندما قلت أن تعاليم المسيح لا يمكن أن تسمح بالهيمنة ولكن بالحرية، وانتقدني- أيضاً- كتابٌ مسلمون من أجل نظيراتي حول الإسلام، ولكن عندما كتبت كتاباً حول التطرف الإسرائيلي هنا لم يكتفوا بانتقادي ونقدي، ولكن جرجروني أمام المحاكم.

المعركة الثانية مع الصهاينة

أحمد منصور: أود أن أسألك عن مواجهتك الحالية أمام إحدى المحاكم، أو مع الحركة الصهيونية، هذه ليست المرة الأولي التي تواجه فيها الحركة الصهيونية، فقد تم رفع قضية عليك في عام 82 بعدما كتبت مقالاً مدفوع الأجر في صحيفة ليموند الفرنسية انتقدت فيه الغزو الإسرائيلي للبنان، الآن هذه معركتك الثانية هل ترى هناك فارقاً ما بين معركتك الأولى ومعركتك الحالية مع الحركة الصهيونية؟

روجيه جارودي: هناك فرق كبير بين النتائج الممكنة، سنة 1982 تحدثت عن غزو لبنان من طرف إسرائيل وقلت: إن ذلك لم يكن خطأً في الحساب، ولكن تمشِّي استراتيجي إسرائيلي، وحكمت لفائدتنا المحاكم، وحكمت على المنظمات الصهيونية ضدها، ضد المنظمات الصهيونية، وقلت أن نقد أي دولة وأي أيدلوجية سياسية يعتمد عليها ليس دعوة للميز العنصري ومعاراة للسامية، أما اليوم فالأشياء تغيرت فمن 82 إلي اليوم وُجد قانون هو قانون “جيبسو” في فرنسا سنة 1990 جعل من حيثيات محكمة لوران برج شبه مقدسات لا يجوز مراجعتها، وهو ليس محكمة لوران برج هي محكمة استثنائية كوَّنها الحلفاء، وليست محكمة دولية.

أحمد منصور: رغم علمك بقانون جيبسو إلا أنك تصر على عملية المواجهة والقانون صدر في عام 90، وكتابك “الأساطير” صدر في عام.. قبل عامين، فلماذا تصر على الدخول في مواجهة ربما لا تكون متكافئة بينك وبين الحركة الصهيونية؟

قانون غيسو

روجيه جارودي: لأننا أردنا أن تقاوم قانون “بيسو” قلت- بوضوح أنني سأواجه هذا القانون لسببين، الأول: أنها تمنع المؤرخين من مراجعة التاريخ، أعني القيام بمهنتهم ، فكأنما أصبحت مقدسات، حيثيات محكمة لوران برج، والثانية تمنع القضاة من ممارسة مهمتهم.. مهنتهم، لأن هناك حقائق لا يجب المساس بها مهما كان موقف القضاة فعليهم الامتثال، وذلك لا أسمح به.

أحمد منصور: هل.. هل تعتبر.. هل تعتبر.. هناك أشياء كثيرة تتحدث عن الفرق ما بين الصهيونية وما بين اليهودية، هناك من يقول أن كل صهيوني يهودي، وهناك طرح آخر يقول: إن هناك فرق كبير ما بين الصهيونية وما بين اليهودية، هل هناك.. هل كل يهودي صهيوني؟

روجيه جارودي: هنا يكمن البهتان الكبير لخصومي، اليهودية هي دين سماوي نحترمه، القرآن علمنا أن نحترم الأنبياء الذين جاءوا قبل الرسول محمد صلَّى الله عليه وسلم، أما الصهيونية قد كونها ملحدون، هرتزل “تيودور هرتزل” يقول عن نفسه أنه ملحد ولا يعتقد في اليهودية ويقول هو نفسه..

أحمد منصور: ربما نعالج مشكلة الصوت. يعني أرجو.. أرجو أن.. الآن تحدثت عن أن تيودر هرتزل ربما هو الذي قنن الصهيونية، ولكن هناك آخرون يقولون بأن الصهيونية حركة قديمة ونشأت من قديم وأن تيودر هرتزل- فقط- هو الذي قام بعملية تقنين الأفكار الصهيونية من خلال مؤتمره الأول الذي عقده قبل أكثر من مائة عام.

روجيه جارودي: هنا التناقض كبير، قلت الصهيونية.. الصهيونية صدمت اليهود المؤمنين بيهوديتهم.. بدينهم، ومنعوا- حتى- هرتزل من عقد لقاء.. من عقد مؤتمره في ميونخ، ولكن الذين.. الذين أوجدوا دولة إسرائيل مثلاً بنجوربون هو ملحد فرض التعليم الديني في إسرائيل، لأن كل الصهيونية ترتكز على هذا التناقض وتبرير البهتان بأنهم ينشؤون دولة وعدهم بها الله، ويقول اليهود أنفسهم أن 15% منهم مؤمنين، ونريد.. ويريد الصهاينة أن يقنعوهم أن هذه الأرض موعودة من طرف رب لا يؤمنون به.. لا تؤمن به الأغلبية، ولذلك فهم بعض اليهود التناقض.

أحمد منصور: لكن هذا مفهوم توراتي وليس مفهوم صهيوني.

روجيه جارودي: الأمر لا يتعلق بالتوراة، إن الله في التوراة يتكلم في كل جيل حسب لغة ذلك الجيل فحينما.. فحينما أوهمنا اليهود أن هناك وعداً إلهياً نادى الصهاينة بتجميع الكلمة حول تأسيس هذه الدولة كأنها واجب ديني بتفسير حرفي.. بتفسير حرفي ونصي للتوراة، وقالوا أن إبراهيم هو أب الشعب اليهودي، هذا هو أحد جوانب التناقض في الصهيونية، ولذلك يريد اليهود إيجاد نظرية أخرى غير الصهيونية.

أحمد منصور: هل هناك صهاينة من غير اليهود ؟

روجيه جارودي: مع الأسف هناك صهاينة منهم متطرفين ومنهم تحرريين حتى من المسيحيين يؤيدون أحياناً الصهيونية، مع الأسف هناك مسيحيون يعتقدون في هذه.. في هذا التفسير.

إسرائيل أنشأها الملحدون

أحمد منصور: هل.. الحركة الصهيونية من خلال هذا الصراع هل الحركة الصهيونية من خلال هذا الطرح تعتبرها حركة علمانية أم حركة دينية تقوم على أسس توراتيه؟

روجيه جارودي: هي حركة ملحدة تأسست على تفسير متطرف وأصولي للتوراة وتبرير لحركة سياسية وليس لها أي علاقة مع الدين، ولذلك حكم عليه اليهود المتدينون ومنهم يهودي مونجيم وكان حاخاماً كتب كتاباً حول.. سماه انهيار اليهودية بواسطة الصهيونية تعويض رب إسرائيل.. رب إسرائيل بسياسة إسرائيل.. بدولة إسرائيل.

أحمد منصور: لكن الحركة الصهيونية بنت عداءها تجاه الآخرين فهل هذا العداء موجه ضد الأديان بشكل عام والإسلام بشكل خاص؟

روجيه جارودي: أعتقد أن عدم اعتبار كل الشعوب من طرف الصهاينة له قواعد تاريخية، ومع الأسف الولايات المتحدة الأميركية يعتقدون أن لهم رسالة الهيمنة على الشعوب الأخرى، ونفس العقيدة نجدها عند الصهاينة، يعتقدون أن من واجبهم التسلَّط والهيمنة على الشعوب الأخرى، فيقول مؤسس دولة إسرائيل أن جدودنا قتلوا الكنعانيين وأبادوا الكنعانيين ولذلك يجب أن نطرد الفلسطينيين من أرضهم، هذه فكرة شعب الله المختار ينفي الأخر، ينفي التساوي والمساواة مع الأخر !! أعني ومن أين أتت هذه.. فكرة شعب الله المختار؟ لقد اتهمت الحضارة الغربية لها ينبوعان: الينبوع المسيحي والينبوع اليهودي، مع الأسف فكرة شعب الله المختار استعملها اليهود لإلغاء الآخرين والحضارة الغربية أيضاً عندما استعمرت الشعوب قالت أنها جاءت للتبشير بالإنجيل وإدخال كل الشعوب في المسيحية، وأن كل الشعوب برابرة وهمج عندما لا.. لا ينتمون إلي الحضارة الغربية، وهذه.. وهذا المفهوم حي إلي اليوم، وعندما جاء الأوروبيون إلي أميركا وإلي تسمانا كانوا يعتقدون أن الناس السكان الأصليين بهذه الأرض هم غير بشر لا ينتمون إلي الإنسانية.

معاداة الصهيونية

أحمد منصور: أود أن.. أود أن تجيبني بوضوح على سؤالي، هل ترى أن هناك عداء مباشراً..؟ هل الحركة الصهيونية تعادي الإسلامي بشكل مباشر وبشكل مستهدف وبشكل أساسي؟

روجيه جارودي: كل مرة يريد شعب أن يهيمن على شعب آخر، يجعل منه شيطاناً، وهذه كانت سياسية هتلر أو كما أعلن أن الشعب الألماني شعب آري وفوق الشعوب والصهاينة نفس الشيء يعتقدون أن اليهود أعلى من الشعوب الآخرين، فليس هذا اعتقاد ديني فالحرب مع إسرائيل ليست حرباً دينية، فنحن كلنا أولاد إبراهيم وليس دخل.. وليس هناك دخل، هناك تبرير ديني للسياسة وللعدوان، وهذا نقاومه ويقاومه أيضاً اليهود الأحرار واليهود المتدينون مثل الحاخام موشي مونيحيم قال: “أننا يجب أن نرجع إلى دين موسى ونغادر دين النابلم ودين القنابل”، فالصهيونية ليسن ديناً وحرباً ليست حرباً دينية، حربنا ضد الاستعمار.

أحمد منصور: هل تعتبر الحركة الصهيونية كلها شر؟ أليس هناك جتاح معتدل في الحركة الصهيونية يمكن الحوار معه أو يمكن التحدث معه، أم أن الصهيونية كلها شر، لأنها قامت على أسس معادية للإنسانية كما تقولون؟

روجيه جارودي: ممكن أن التحاور مع من يريد أن ينزع الصهيونية عن إسرائيل، ويجعل من إسرائيل دولة مثل الدول الأخرى، عام 47 وقعت تحديد حدود وهناك ناس يريدون احترام هذه الحدود، وهناك أناس من اليهود لا يريدون تدمير جيران إسرائيل، ولكن هناك صهاينة منذ- خاصة- سنة 1982 وضعوا مخططاً في مجلة.. مجلة الوكالة اليهودية العالمية، خططوا لتشتيت وتفتيت الدول، كل دول الشرق الأوسط، مثلاً تقسيم مصر إلي دولة قبطية ودولة مسلمة، وإشعال نار الفتنة في سوريا- مثلا- والعراق، فكيف نتحدث عن أمن..؟ كيف يتحدث اليهود عن أمثلة إسرائيل بينما هم يدمرون أمن جيرانهم ويحتلون 93% من أراضي فلسطين؟ من يهدد الأمن اليوم؟ هل الجيران يهددون أمن إسرائيل أم إسرائيل هي التي تهدداً من جيرانها؟ ليس هناك سلام عادل إلا أن نحترم قواعد اللعبة: يعني القانون الدولي الذي أقر الحدود لكل الدول مهما كانت، الحدود لا ترسم بالمدافع، الحدود نفسها دائماً نتيجة توازن قوي، إذن هذه الأرض الموعودة هي في.. في الواقع أرض محتلة، فكيف نكتب التاريخ بالمدافع؟

فهرس موضوعات البرنامج

00:00 معركة جارودي مع الحركة الصهيونية

02:00 لماذا يصر جارودي على المواجهة رغم عدم التكافؤ؟

04:00 نشأة الصهيونية وقيام الملحدون بإنشاء إسرائيل

المزيد

Total
0
Shares
السابق
بطرس غالي

خدمات بطرس غالي لإسرائيل

التالي
جيش الفئران المذعورة

الجيش الإسرائيلي: جيش الفئران المذعورة !

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share