يسرد البروفيسور إدوارد سعيد، الكاتب والمفكر الفلسطيني، في حواره مع الإعلامي أحمد منصور، في برنامج بلا حدود، صوراً من معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الوحشي، ودوافع هجوم الفلسطينيين على إسرائيل، ويجيب على سؤال لماذا يئس الشعب الفلسطيني من الخداع الإسرائيلي وقرر التصدي له بالقوة؟
نص حوار البروفيسور إدوارد سعيد عن دوافع هجوم الفلسطينيين على إسرائيل؟
د. إدوارد سعيد:
أنا بيتهيأ لي إنه العنصر الأساسي-طبعًا-الوضع الفلسطيني من الأول، من نكبة 48 لغاية الآن، هذا شعب انطرد واتهجَّر من بلاده، وصار فيه احتلال جديد سنة 67، هذا أطول احتلال بالتاريخ الحديث صار من بعد الاحتلال الياباني لكوريا 35سنة، هذا الاحتلال بقي له من سنة67، احتلال إسرائيلي على الضفة الغربيَّة-طبعًا- وغزَّة، ومع ها الاحتلال-طبعًا-تدابير فظيعة الشكل، استيطان مستمر، دمار بيوت، استلاب أرض، تهجير ناس، وأخيرًا بالفترة الأخيرة منذ93 المسيرة السلميَّة التي تسمَّى اتفاقيَّة أوسلو، اللي هي مفروض طبعاً بالميديا، بكل صحافة العالم تحت سيطرة أو رعاية أمريكا، إنه هذا يكون سلام جديد بين الشعب اليهودي المقيم في إسرائيل والشعب الفلسطيني، ولكن واضح لأي شخص صريح، وخصوصًا لسكان الضفة والقطاع إنه عمليَّة أوسلو امتداد للاحتلال، الآن أنا بيتهيأ لي من الأول كان من، يعني بذهن إسرائيل والمخططين الإسرائيليين والأمريكان إنه لازم تغيير شكل الاحتلال لشكل-طبعًا-أحسن،ويعطي فكرة للعالم إنه إسرائيل هي عم بتعيد النظر بالإجراءات الوحشية للاحتلال، وتحاول تحسّن مع استمرار السيطرة والهيمنة، فاللي حصل-طبعًا-إنه بها السبع سنوات من بداية أوسلو لغاية الآن الوضع ما تحسَّن، لمعظم السكان بالضفة والقطاع، وفعلاً حياتهم تدهورت أكثر، يعني البطالة ازدادت، العمل والمدخول للشعب تدهور أيضًا، وأهم شيء إن الاستيطان ازداد، فصار فيه أكثر مستوطنين، أكثر مستوطنات، والتغيُّرات اللي صارت على الأرض بأثناء المفاوضات حسَّنت شكليَّة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، فيتهيأ لي بآخر فترة، خصوصًا يعني بعد سبع سنوات من ها التعذيب وها الظلم اللي هو-طبعًا-مع مشاركة-لأول مرة بتاريخنا مع مشاركة القيادة الفلسطينيَّة برهن للشعب إنه هذا لا يمكن إنه يعطي أي نتيجة إيجابيَّة، فبالتالي، يعني بروح عفوي التجؤوا المواطنين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة إلى الشوارع، خصوصًا، طبعًا العامل المثير، الشيء اللي سبَّب أول مظاهرات-طبعًا-زيارة الجنرال شارون إلى الحرم الشريف، بطريقة-طبعًا-وحشيَّة همجيَّة ليثير-طبعًا-بالغطرسة الإسرائيليَّة المعروفة إنه هذا لنا حق كمواطنين إسرائيليين نزور أي مكان في القدس، القدس طبعًا محتلة، فطبعًا جايب معه، يعني لو كانت زيارة عادية ممكن كانت تتبرر، بس جاب معه تقريبًا ألف جندي وعسكري من البوليس.
دوافع هجوم الفلسطينيين على إسرائيل؟
أحمد منصور]مقاطعًا[:
لكن أنت تريد أن تقول بذلك أن دخول شارون إلى المسجد الأقصى كان هو الذي فجَّر الانتفاضة مع الخلفيَّات التي أشرت إليها من قبل، لكنك ذكرت الآن.
د.إدوارد سعيد]مقاطعًا[:
طبعاً، طبعًا، يعني فجَّر بمعنى إنه واحد بيرمي، أيوه.
أحمد منصور]مستأنفاً[:
ذكرت نقطتين هامتين هما أن أوسلو امتداد للاحتلال، وأن القيادة الفلسطينيَّة تشارك فيما يحدث الآن بالنسبة لفلسطين، وهذا جانب خطير للغاية، وأنت تركز عليه دائمًا في كتاباتك، ماذا تقصد بهذين المفهومين تحديدًا.
أوسلو امتداد للاحتلال الإسرائيلي
أحمد منصور:
بروفيسور سعيد، أنت تقول أن أوسلو ليست سوى امتداد للاحتلال الإسرائيلي، وتقول أن السلطة الفلسطينيَّة تشارك فيما يحدث للفلسطينيين الآن، أما تصب هذه الاتهامات التي تفرغها دائمًا على رأس السلطة الفلسطينيَّة في خانة مصلحة إسرائيل؟
د. إدوارد سعيد:
شوف كلمة اتهامات يعني مش مرتاحها، أنا بأحب أقول:الواقع، شو اللي صار؟يعني برهن للعالم إنه، اتضح للعالم كله إنه كان فيه اتفاقية بين منظمة التحرير اللي هي الممثل للشعب الفلسطيني والحكومة الإسرائيلية تحت رعاية أو برعاية الولايات المتحدة، فهذا تمَّ أمام العالم، ومع هذه الحالة الجديدة، اللي يعني أنا بأعتقد إنه أكثرية الناس رحبت بها الشيء لأول مرة بتاريخنا كان فيه فرصة أُعطيت للناس، إنه فيه أمل للمستقبل إنه يعني مش تمامًا لحق تقرير مصيرنا، بس تحسين للحالة الناس اللي عايشين تحتها،يعني مثلاً الاحتلال، نهاية الاحتلال، حق العودة للاجئين بالألوفات اللي عايشين بالمخيمات بالبلدان المجاورة لفلسطين وإلى آخره يعني التعويضات اللي ممكن تصير للشعب الفلسطيني بعد خمسين سنة من معاناة حزينة، فهذا ما تم فعلى..، يعني أول وهلة أنا لمَّا قرأت النصوص كان واضح من الأول إنه النصوص هي وسيلة لإعادة النظر بالاحتلال، وليست لحل القضيَّة الفلسطينيَّة، يعني مثلاً القضايا الرئيسيَّة اللي هم مثلاً القدس، احتلال القدس الشرقيَّة اللي تمَّت بـ67، قضية اللاجئين، قضية السيادة للشعب الفلسطيني، حق تقرير المصير على أرض فلسطين، هذا كله كان مؤجل لمرحلة نهائيَّة قد تكون بعد عشر سنوات، عشرين سنة، يعني من غير أي تحديد ملموس، فبأول سنة برهنوا الإسرائيليَّن إن هم كانوا بس بدهم يعيدوا الانتشار للقوات المسلحة الموجودة على الأرض الفلسطينيَّة، ويكملوا، يستمروا ببناء المستوطنات، وتغيير الخريطة لصالحهم، يعني الخريطة الفلسطينيّة والأراضي الفلسطينيَّة، وفي هذا العمل كان فيه، يعني كيف بأوصفه، يعني نوع من يعني مش تواطؤ بالضبط، يعني بس مشاركة فلسطينيَّة فيها، لأن، ياسر عرفات.
أحمد منصور]مقاطعًا[:
من السلطة تحديدًا؟
د. إدوارد سعيد:
عفوًا.
أحمد منصور:
من السلطة تحديدًا هذه المشاركة.
د. إدوارد سعيد:
آه طبعًا من السلطة اللي هي كانت منظمة التحرير أصبحت السلطة الفلسطينيَّة.
حلم الدولة الفلسطينيَّة
أحمد منصور]مقاطعًا[:
لكن هناك الآن-عفوًا يا دكتور-هناك الآن يقولون بأن اتفاقيَّة أوسلو قد حقَّقت حلم الدولة الفلسطينيَّة، وأصبح هناك الآن مطار، هناك جوازات.
د.إدوارد سعيد]مقاطعًا[:
لا، بالعكس.
أحمد منصور]مستأنفاً[:
هناك بريد، هناك هاتف دولي خاص بهم، هناك حكومة.
د.إدوارد سعيد]مقاطعًا[:
كله شكل، يعني كله كله ذكرته.
الخداع الإسرائيلي
أحمد منصور]مستأنفاً[:
هناك شركة طيران، هناك مجلس تشريعي.
د. إدوارد سعيد:
لا، لا، على مهلك، على مهلك، الأول تسمح لي بس.
أحمد منصور:
تفضل.
د. إدوارد سعيد:
كله هذا خادع، أولاً: المطار.
أحمد منصور]مقاطعًا[:
كيف؟
د.إدوارد سعيد]مستأنفاً[:
بأعطيك أمثلة ملموسة، المطار مثلاً يُغلق وقت إسرائيل تريد، يعني ياسر عرفات لغاية الآن، السلطة الإسرائيلية لا تسمح له يخرج-سواء من غزة أو الضفة الغربيَّة-من غير إذنهم، فأي مواطن فلسطيني لا يسمح له، الجندي الإسرائيلي يمر ويتجول في أراضيه، هذه بعد أوسلو مش قبل أوسلو، هاي واحدة، الحكومة الفلسطينيَّة اللي هي طبعًا شكليَّة لها نوع من الشرعية، كان فيه انتخابات في سنة96، وفيه مجلس تشريعي، ولكن نلاحظ إنه المجلس التشريعي تحت سيطرة السلطة الفلسطينيَّة نفسها لا تعمل شيء نسبيًا، يعني ما فيه دستور، ما فيه قوانين أساسيَّة، ما فيه أي قانون يتنفذ غير إذا قبل القائد العام اللي هو ياسر عرفات، فالوضع داخل المجتمع الفلسطيني تغيَّر إلى أسوأ، تزيد على الاحتلال وطغيان الاحتلال الإسرائيلي الممارسات والانتهاكات للسلطة الفلسطينيَّة، ولاحظت الناس-وهذا أهم شيء-لاحظت الناس إنه حلم الدولة هو حلم أو وهم بالأخير، لأن الدولة مؤجلة يمكن إلى الأبد، لأن السيادة لإسرائيل، ولو لاحظنا على الخريطة إذا صرنا بعدكام دقيقة بأخرجك على الخريطة، تشوف الواقع شو هو؟المستوطنات بتحوط كل المدن، فلاحظوا الناس بالأخير إنه السلطة تشارك بظلم الفلسطينيين تحت الاحتلال، يعني بإطار الاحتلال الإسرائيلي،فهذا لا، يعني هذا لا يجوز لأي حركة تحرير، ما إحنا بنقول إن هي منظمة التحرير،المنظمة الفلسطينيَّة لتحرير فلسطين، فهذا مش تحرير، بالأخير صار نوع من-زي ما قلت أنا عدة مرات-احتلال مُبطَّن، احتلال مُحسَّن، احتلال مُجَّمل، يعني كل الإشي هذه بس بيظل الاحتلال مثلما كان بالأول وأسوأ، لأنه مثلاً القدس صار فيه حركة تهويد وطرد المواطنين الفلسطينيين وسكان القدس لصالح اليهود اللي بيجوا من روسيا مثلاً إلى القدس، فهذا والمياه مثلاً اللي كلها بالأراضي الفلسطينيَّة تستعمل بإسرائيل80% من المياه الفلسطينيَّة، الآن تستعمل بإسرائيل للمستوطنات، لبركة سباحة، للزراعة الإسرائيلية، وليست لصالح الشعب الفلسطيني، فهذا في الأخير فجَّر الوضع لدرجة إنه لا، يعني الفلسطيني المواطن العادي لا يتحمَّل ها الذل وها الظلم.
عملية التحرير
أحمد منصور]مقاطعًا[:
لكنهم يقولون، السلطة الفلسطينيَّة تقول أن هذه الأشياء مرحليَّة، وهي الآن قطعت شوطًا في هذا الاتجاه، وكما يقولون الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وعملية التحرير ليست عمليَّة سهلة، وتستغرق فترة طويلة، ومن ثَمَّ الآن لديهم هذه الأشياء التي أشرت إليها، وكان الشعار دائمًا أننا سنقيم الدولة الفلسطينيَّة علي شبر واحد، والرئيس عرفات يُستقبل كرئيس دولة في كل المحافل الدوليّة، وهذا يكفي في هذه المرحلة.
د. إدوارد سعيد:
هو كان يُستقبل قبل ها المرحلة، قبل أوسلو، ولكن أحب أقول شيء، طيب إذا الوضع عم يتحسَّن لماذا سبع سنوات وهو عم بيتدهور؟يعني.
الاحتلال الإسرائيلي
أحمد منصور]مقاطعًا[:
ما هي معالم التدهور غير ما أشرت إليه؟ما هي معالم التدهور غير ما أشرت إليه؟
د. إدوارد سعيد:
المستوطنات كثرت، غير، هم هادول يعني مثلاً، السيادة لإسرائيل، الأمن لإسرائيل، الحدود لإسرائيل، يعني ما فيه لغاية الآن، ما فيه أي معبر للأراضي المحتلة-سواء غزة أو الضفة-غير عن طريق إسرائيل، أو حاجز إسرائيلي، يعني لا فيه طريقة إنه الجندي أو البوليس الفلسطيني يحكم ويسمح لأحد إنه يفوت أو يخرج من الأراضي الفلسطينيَّة غير مع إذن إسرائيل، يعني فكل المعالم للسيادة لغاية الآن يا مؤجلة يا بالمرة منسية، وأهم شيء إنه لازم نعرف إنه الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني هو صراع على بُعدين، يعني على صعيدين:الصعيد الأول-طبعًا-على الأراض، فإحنا بالفترة بعد أوسلو خسرنا أرض كثير أكثر من قبل أوسلو، يعني الاحتلال صار أسوأ، لأنه أخذوا أرض للمستوطنات، وكل رئيس وزراء من بعد رابين يعني رابين أول واحد وبعدين بيريز وبعدين نتنياهو، وبعدين باراك، كل واحد منهم أسوأ من اللي سبقه بكثرة الأراضي اللي عم تتصادر، والبيوت والمستوطنات اللي عم تتبني، فشو اللي فضل لحق تقرير المصير والدولة الفلسطينية، صفر، صفر، غير طبعًا الرموز اللي هي رموز بالنسبة لي أنا تافهة ما لهاش معنى، إنه نقول عندنا باسبور، بس باسبور مش معترف به، ما فيه أي طريقة إنه المواطن الفلسطيني يستخدم الباسبور ويسافر فيه مثلاً، غير مع إذن إسرائيل، ففي النهاية، فتفجرت الوضع، بعدين تفجير هذا لا يمكن إنه يكون سببه عنصر واحد، أنا بأتكلم على شاشة واسعة جدًا للسكان الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي.