تناول الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا في مقطع مصور من حواره في برنامج شاهد على العصر، كواليس أغرب قصة زواج في الجزائر، وهي قصة زواجه فى السجن من الصحافية المعارضة زُهرة سلامي.
وذكر بن بيلا تفاصيل تعرُفه عليها، ومعارضتها له، واعتقاده أنه ليس هناك إمرأة تقبل أن تقيم معه في السجن.
كما كشف أسرار الساعات الأخيرة في سجنه، وكيف تلقى خبر الإفراج عنه، وأبلغ زهرة به.
نص حوار أحمد بن بيلا عن أغرب قصة زواج في الجزائر
زواج في الزنزانة
أحمد منصور:
في 25 مايو عام 1971 وقعت حادثة فريدة في حياتك وفي تاريخ أي مسجون سياسي.
أحمد بن بيلا :
نعم .. نعم ..
أحمد منصور:
سمعتها منك ومن زوجتك السيدة زهرة.
أحمد بن بيلا :
أي نعم.
زهرة سلامي
أحمد منصور:
زهرة سلامي كانت صحفية جزائرية معارضة لنظام أحمد بن بيلا.
أحمد بن بيلا :
نعم نعم.
أحمد منصور:
وفجأة هي التي تزوجته وهي التي أكملت معه المسيرة .. وقضت أيامها معه في السجن..
أحمد بن بيلا :
هذا هو كان قدرنا.
في الحقيقة كنت في وضع يعني، هذا الوضع الذي تكلمنا عليه إلى آخره، معزول تماماً، ومثلما نقول تحت الأرض. فالمولى – تبارك وتعالى- يقضي بأن. المرأة اللي كانت معارضة. هي اللي أتزوجها.
أحمد منصور:
كيف؟ اروِ لنا القصة.
أحمد بن بيلا :
والله القصة طويلة وعريضة، وأتكلموا عليها . وهو كان يعني في الحقيقة .. من المستبعد أن أتزوج زهرة، لأنها كانت من المعارضة.
صحفية معارضة
أحمد منصور:
كيف؟ هناك موقف حدث بينك وبين زهرة سلامي حينما كنت رئيساً للدولة.
أحمد بن بيلا :
والله .
أنا أتذكر شيء، وهو أنه في يوم من الأيام .. وأنا أتجول في العاصمة وأنا رئيس يعني.
وكانت أيام .. في .. بداية الاستقلال. فإذا بي أمر على .. الجريدة الرسمية الخاصة بنا.
شاهدت . في البلكون . الكل يصفق والكل يرقص، إلا.. إلا شخص واحد، إلا زهرة.
أحمد منصور:
كانت مجلة : “ثورة إفريقيا” ؟
أحمد بن بيلا :
نعم. وأنا في ذلك الوقت قلت يا أحمد. كل الناس كانت تصفق إلا امرأة واحدة. يا أحمد أرى عندك معارض في الجريدة ..ومرت الأيام و..
أحمد منصور:
هل بقيت صورتها في ذهنك منذ ذلك الوقت؟
أحمد بن بيلا :
نعم. والله نعم. وبقيت صورتها في ذهني وطبعاً وبعدين كان هناك..كان أشياء أخرى.
ففي يوم من الأيام كذلك. حدثت معارضة الأخ بوضياف. وبعدين أخذت شكل خطير
لأنه وقعت..
أحمد منصور:
هي كانت ماوية مؤيدة لبوضياف ؟
أحمد بن بيلا :
نعم كانت معه في.. في الحركة .
هروب زوجة بوضياف من السجن
أحمد منصور:
ضدك أنت ؟
أحمد بن بيلا :
ماويست كانت.
فإذا بها تشارك في إحدي العمليات في الولاية الثانية، ويُقبض على زوجة بوضياف.
لأنها كانت وسيطة .. كل الكتابات التي كانت ..وما نعلم ليه والله؟ ما أعلم ليه ؟ وتدخل السجن اللي عملوه في المستشفى … مش في .. السجن. نعم.
حتى لا أطيل في الكلام. هي هربت من السجن. لكن من الذي هرَّبها؟ هي زهرة. هي التي ساعدتها على أن تهرب.
أحمد بن بيلا :
زوجة بوضياف هربت من السجن، وهُرِّبت إلى المغرب، أو استطاعت.. الهروب
ما كان سجن.. كانت مستشفى طبعاً. وذهبوا عند أخ. كانت زوجة بوضياف تعرفه. و كانت تظن أنه يؤيد حركتها إلى آخره. ولكن هذا كان في ذلك الوقت معي في الحقيقة. عنده تواصل مع بوضياف ولكنه يؤيد الحكم، وكان حيران، في حالة حيرة .. إنه مع الحكم، وإذا به يصبح هو الذي يأوي زوجة بوضياف التي تقوم بحركة تمرد، وإلى آخره، وفيه قتلى وفيه..فزميله كان فرنساوي.
فرنساوي معروف يؤلف كتب معروفة. في نفس الوقت معنا في الحركة .و يكتب في الجرائد.
فإذا به.
5 صباحاً يدق في الباب عليَّ، وقال أحمد أنا جئت إليك لأن المسألة خاصة لابد أن تعتني بها مش أي أحد آخر.
زوجة بوضياف، والمرأة التي اعانتها على أن تفر من السجن .موجودين عند أخ، أما الأخ .. ففي حالة حرج. ومن الحرج أمرني أن أكلمك في هذا. وأنا في رأيي أن تتدخل أنت.. يعني ..لأنه لايلزم أن يكون العسكر – البوليس – هو الذي يتدخل. شوف كيف ستتصرف .. أنت من الرئاسة إلى آخره.وفعلاً أرسلت أخ للمكان..
أحمد منصور:
دون أن تعرف من هي المعتقلة ؟
أحمد بن بيلا :
لا أنا عارف .. هو قال لي ..
لكن لم أعرف أنها زهرة .أعرف زوجة بوضياف..
أحمد منصور:
بوضياف نعم.
وأنا ما على بالي بأنها ..
أحمد بن بيلا :
قال لي زوجة بوضياف كيف..؟ من اللي..؟ قال لي : قبضوا عليها لأن الأجوبة اللي كانت ما بين ..
أحمد منصور:
كنت تعرف أن زهرة معها؟
أحمد بن بيلا :
لأ أبداً.. أبداً.
قال لي فيه معاها بنت تعمل في الجريدة. بس في جريدة الحركة. لا أعرف. بعد ذلك أرسلت أنا أخ وقلت له.. قلت للأخ تذهب و تأتي بزوجة بوضياف والمرأة التي معها التي تعمل في.. في الجريدة .
وراعي أن لا تُطرد من عملها. وفعلاً ذهب وأتى بزوجة بوضياف. وشربت معي القهوة و.. وتكلمت معها. وقلت لها زوجك موجود في باريس. هل تمشي وتذهبي لباريس أم تذهبي لوهران؟ قالت لي نرى العائلة، ثم نذهب لنراه. وهذا الذي حدث. وأنا أتكلم معها، وهي كلمتني على.. قلت من هذه التي..؟
قالت لي كانت تعمل في الجريدة، هذه التي .
أحمد منصور:
فتذكرت أنها التي اعترضت..
أحمد بن بيلا :
نعم.
تذكرت أنا .. قلت لها أعرفها.. وأنا.. وأنا رأيتها..
أحمد منصور:
الوحيدة التي لم تصفِّق إليك.
والدة بن بيلا تعرض عليه الزواج من زهرة سلامي
أحمد بن بيلا :
ومرت الأيام وأنا في السجن.
في يوم من الأيام الأم الكريمة جاءتني السجن، ودائماً تقضي معي 3 أيام، 4 أيام داخل السجن.
أحمد منصور:
كانت تأتي من بعيد؟
أحمد بن بيلا :
تأتي من بعيد، تأتي من بعيد، تأتي من 600 كيلو متر.
أحمد منصور:
عمرها كان كم؟
أحمد بن بيلا :
92 سنة نعم.. نعم .
أحمد منصور:
ما شاء الله. نعم.
أحمد بن بيلا :
فقالت لي.
أحمد أنا أطلب منك شيئ، أنا لا طلب منك أشياء كثيرة .. ولكن أطلب منك شيئ .
قلت لها أمي اتفضلي والله . أي شيء عندي. قالت لي تتزوج. أنا ضحكت. أنا داخل سجن وداخل.. قلت لها.. يا أمي.. من التي تأتي معي هنا .. وأنا في هذه الحالة؟ أنا في حالة و.. وتعيش إمرأة معي في هذه الحالة؟! عيب ، قالت لي أنا.. أشعر أني سأتركك. أرجو ألا ترفض لي هذا الطلب.
قلت لها نعم.. سأتدبر الأمر. قلت هذا الكلام وكأنه لن يحدث شيئ.
أحمد منصور:
كنت تعتقد جازماً أنه ليس هناك إمرأة مجنونة ستأتي للإقامة معك في السجن.
أحمد بن بيلا :
المسألة مستحيلة، وانتهى الأمر. ولكن لم أرد أن أغضبها فقط. قلت لها يا أمي اتفضلي أنتِ وكما تريدين. إذا وجدت لي زوجة إن شاء الله كريمة أنا أقبل بفرحة وسرور.
أحمد منصور:
كنت تعتقد أنه ليس هناك أي إمرأة تقبل أن تأتي لتقيم معك في السجن؟
أحمد بن بيلا :
لم أعتقد ذلك.. لا.. بكل صراحة.
لم أكن أظن هذا أبداً، لأن ظروفي يا أخي.. ظروفي لم تكن .. فإذا بها تأتي لي في يوم من الأيام بالصور وفيها صورة زهرة. صورتها !
أحمد منصور:
تذكرتها؟
أحمد بن بيلا :
قلت لها نعم هذه المعارضة. قلت لها أتزوج هذه. فذهبت وبعد عدة أيام جاءت زهرة في الليل عند العاشرة. أتوا بها في العاشرة ليلاً. فالحقيقة يعني . صارحتها قلت لها لو لم نتزوج في الثلاثة أيام هذه .. في رأيي .. لن نتزوج أبداً. قلت لها هل توافقين ؟
شروط بن بيلا للزواج من زهرة سلامي
أحمد منصور:
هل كان لديك شروط للزواج معها؟
أحمد بن بيلا :
قلت لها أنا عندي 3 شروط فقط يعني.
هل أنت مؤمنة؟ هي كانت في حزب ماوستي ..
أحمد منصور:
نعم.. نعم..
هل تؤمن؟
هذه واحدة.
لا توجد لدي أموال يعني. لا تظني أنك تتزوجي رئيس عنده، ليس لدي أموال. ثم مركبِ يهتز.
يعني ممكن ألا تجدي الراحة معي .
أحمد منصور:
يعني رئيس دولة، ولكن مسجون ومعتقل، ولا يعرف..
لم يكن عندك علم متى يمكن أن تخرج من السجن ؟
أحمد بن بيلا :
أي نعم، متى يا أخي.
ثم ليس لدي إمكانات.
يعني لا توجد..
خرجت ليس لدي إمكانات.. وليس لديك إمكانات مادية؟ ولا قرش واحد، ولا عندي.
أحمد منصور:
وهل اشترطت عليها أن تأتي للإقامة معك، 20 سنة 30 سنة.. سنة .. كما تبقى.
لم تكن محكوماً بمدة معينة؟
أحمد بن بيلا :
لأ أبداً.
محاولات لعرقلة الزواج
أحمد منصور:
هل تركوك تتزوج بسهولة؟
أحمد بن بيلا :
تركونا البداية، لكن بعد ذلك وقعت مشاكل. أرغب ألا نتكلم عنها بكل صراحة. هذا قدري .لا أتكلم عليها. لكن تزوجنا والحمد لله .
أحمد منصور:
توفيق الشاوي صديقك كتب في كتابه عن الثورة الجزائرية أنهم سعوا لعرقلة الزواج بينك وبينها.
أحمد بن بيلا :
أنا لا أريد أن أتكلم في هذا. وضغطوا على أهلها حتى لا تقبل الزواج منك.
أحمد بن بيلا :
أنا لن أتكلم في هذا .
أحمد منصور:
لقد تكلمت قبل ذلك.
أحمد بن بيلا :
لا والله لم أتكلم في هذا.
أنا الحمد لله أنا تزوجت وكأنه أبواب السموات فتحت عليَّ وعندي زوجة يعني إلى يومنا هذا..
أحمد منصور:
زوجة جاءت لتقيم معك في السجن؟
أحمد بن بيلا :
أقامت معي في السجن.
أحمد منصور:
بقيت معك.
أحمد بن بيلا :
سبع سنين ونصف وهي معي في السجن تخرج من حين لحين لرؤية عائلتها..
أحمد منصور:
لكن كان مسموح لها أن تذهب وتأتي؟
ليس مسموحاً لها. يعني مسموح .فقط في الليل ….إلى آخره .وإجراءات حتى يكون الأمر سر و.. و..
ملابسات وفاة والدة بن بيلا
أحمد منصور:
والدتك متى توفيت؟
أحمد بن بيلا :
نعم؟
أحمد منصور:
متى توفيت والدتك؟
أحمد بن بيلا :
والدتي توفيت بعد سنين قبل..
أحمد منصور:
بعد زواجك بعام تقريباً؟
أحمد بن بيلا :
عام.. أوعامين ..عام .. عامين.
أحمد منصور:
صحيح أنها توفيت من جراء البرد ؟
أحمد بن بيلا :
حينما..
يا أخي أعفيني من هذا الكلام من فضلك .
يعني البرد أو شيء آخر لا أتكلم عليها لا أشتكي من شيء إلى آخره. أنا مررت بـ..ليس شكوى وإنما الظروف التي كنت فيها.. يا أخي، أنا لا أتكلم في هذا بكل صراحة ولا أعتقد بفائدة أن أتكلم في هذه الأشياء بكل صراحة. هذا كله أرجعه لله على كل حال وأنا قلت لك يا أخي الذي حدث إذا أنا أخطأت فأنا دفعت الثمن ولو هم أخطأوا، الله يسامحهم يا أخي.وبكل إخلاص..
أحمد منصور:
سمحوا لك أن تحضر جنازة والدتك؟
أحمد بن بيلا :
لأ.
أحمد منصور:
طلبت أن تحضر جنازتها؟
أحمد بن بيلا :
لأ. لأنهم أخبروني يعني. بعد أن توفيت.
أحمد منصور:
كيف قضيت سنوات الزواج السبع والنصف في السجن؟
أحمد بن بيلا :
قضيتها ..
أحمد منصور:
حياتك تغيرت بعد الزواج؟
تغيرت تماماً. من الناحية المعنوية بكل صراحة أصبح هناك إنسان أتكلم معه.
أحمد منصور:
وهذه المعارضة أصبحت مؤيدة لك؟ مش مؤيدة أكثر من مؤيدة. والحمد لله .. أصبحت يعني حياة أخرى والحمد لله.
الإفراج عن أحمد بن بيلا
أحمد منصور:
خرجت من السجن. في عام 1981 . كيف بُلِّغت بالخروج و بقرار الإفراج عنك؟
أحمد بن بيلا :
بُلغت من طرف العقيد بلهوشات . زارني..يزورني من حين إلى حين. يعني رئيس المنطقة، كل شهرين 3 شهور يأتي مخصوص يسأل هناك شيئ .. نتكلم ونشرب قهوة ربما. جاءوني كالعادة قالوا لي الأخ العقيد يريد أن يراك ويشرب معك قهوة. قلت لهم : ليتفضل. جلس معي دقيقتين قال لي يا أحمد .. الفرج. جهز نفسك ستنتقل إلى إقامة جبرية في المسيلة.مسيلة هي مسقط رأس زهرة.ذهبت أجري حتى أرى زهرة .قلت لها: استعدي.
قالت : كيف نستعد ؟
قلت لها ماشيين …
فهرس موضوعات الحوار
(00:00) حادثة فريدة في 25 مايو 1970.
(0:15) زهرة سلامي.
(0:45) قصة الزواج.
(1:40) صحفية معارضة في الجريدة الرسمية.
(2:25) القبض على زوجة بو ضياف.
(6:02) والدة بن بيلا تعرض عليه الزواج فى السجن.
(7:27) والدة بن بيلا تأتي إليه بصور زهرة .
(7:45) ذهاب زهرة إلى السجن.
(8:02) شروط بن بيلا للزواج من زهرة!
(8:46) محاولة السلطات الجزائرية عرقلة الزواج.
(9:34) المدة التي قضاها بن بيلا وزهرة في السجن.
(9:52) ملابسات وفاة والدة بن بيلا .
(10:51) كيف قضى بن بيلا وزهرة سنوات الزواج في السجن ؟
(11:18) الخروج من السجن.
