مسؤولية بريطانيا عن أزمات الشرق الأوسط

يستعرض بن برادشو، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، في حواره مع الإعلامي أحمد منصور، في حلقة برنامج بلا حدود، التي جرى بثها في 17 /4/ 2002، مدى مسؤولية بريطانيا عن أزمات الشرق الأوسط…. بن برادشو ندد بالجريمة المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في مخيم جنين، وتناول أسباب تأييد بريطانيا المطلق -رغم وجود حزب العمال البريطاني في السلطة- للسياسة الأميركية، ودعمها لإسرائيل على حساب الحقوق العربية
بن برادشو

يستعرض بن برادشو، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، في حواره مع الإعلامي أحمد منصور، في حلقة برنامج بلا حدود، التي جرى بثها في 17 /4/ 2002، مدى مسؤولية بريطانيا عن أزمات الشرق الأوسط…

بن برادشو ندد بالجريمة المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في مخيم جنين، وتناول أسباب تأييد بريطانيا المطلق -رغم وجود حزب العمال البريطاني في السلطة- للسياسة الأميركية، ودعمها لإسرائيل على حساب الحقوق العربية، وأسباب رفض مطالب النواب البريطانيين بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل.

كما رد على تساؤلات عن المخطط الأميركي البريطاني ضد العراق، وسياسة الكيل بميكيالين التي ينتهجها الغرب، وتاريخ بريطانيا الاستعماري، والمسؤولية التاريخية والأخلاقية لبريطانيا عما يجري في فلسطين، بعد كل ما قدمته لإسرائيل، بداية من وعد بلفور.

نص حوار بن برادشو عن مسؤولية بريطانيا عن أزمات الشرق الأوسط

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة البريطانية لندن، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).

نادراً ما رأيت خلال أكثر من عشر سنوات من تغطيتي الصحفية للحروب في البوسنة والشيشان وسيراليون وكوسوفو مثل هذا التدمير المتعمد وعدم الاحترام للحياة الإنسانية مثلما حدث في جنين، إن هذه البلدة لم تكن مدينة مقاتلين –كما –أدعى الجنود الإسرائيليون- إنها بلدة الأطفال والنساء العجزة الذين شاهدوا المخيم يكبر كحكي تنكي كبير على مدار نصف قرن من الزمان. والآن فإن رائح الموت تنبعث من المخيم وكل واحد من الناجين من جحيم المخيم له قصة مروعة ورهيبة يريد حكايتها، إن الموتى في كل مكان.

وفي حارة الهواشين التي تعتبر مركز المخيم شاهدت أنقاضاً توازي مساحتها مساحة ملعب لكرة القدم، حيث كان هناك مائتي منزل قبل أن تجرفها الجرافات الإسرائيلية وتحيلها إلى أنقاض. لقد شاهدت آباراً حشرت فيها الأجساد وشاهدت سكاناً روعتهم الحرب ولم يبق من جنين إلى اليباب الذي كان سابقاً مخيماً يعيش فيه ثلاثة عشر ألف فلسطيني.

هذا بعض ما نشرته الصحفية البريطانية (جانين دي جوفاني) مراسلة صحفية “التايمز” البريطانية على صدر الصفحة الأولى للصحيفة في عددها الذي صدر أمس الثلاثاء تحت عنوان كبير هو “داخل مخيم الموتى” وما وصفته (جيوفاني) أضاف إليه مراسل “الديلتيلجراف” (ديفيد بلير) وكذلك (سوزان لولد نبرج) مراسلة “الجارديان” التي قالت: “لقد كانت رائحة الموت في كل مكان، كانت هناك أطباق طعام في مطبخ لم يستطع أصحابها إكمالها وصفحات من دفاتر أطفال ممزقة ومبعثرة في كل مكان”، أما (فير ريفز) مراسل صحيفة “الإندبندنت”، فقد قال على صدر الصفحة الأولى للصحيفة: إن ما فعلته إسرائيل في مخيم جنين هو جريمة حرب مروعة حاولت إسرائيل التغطية عليها طوال أسبوعين كاملين، ولكنها تم تعريتها.

أخيراً لقد أصبح المخيم قبراً بشرياً، هذا بعض ما تصدرته صدر الصحف الأولى.. الصفحات الأولى في صحف الأمس البريطانية وهو بحق يؤكد على أنه لازال هناك ضمير مهني حي ينقل ما يستطيع من حقائق إلى الناس، لكن إذا كان هذا هو موقف الصحافة، فما هو موقف الحكومة البريطانية؟ هذا ما نحاول التعرف عليه اليوم من خلال حوارنا مع (وزير الدولة البريطانية للشؤون الخارجية) بن برادشو.

معالي الوزير مرحباً بك وأشكرك على المشاركة معنا في البرنامج.

بن برادشو: أهلاً وسهلاً.

أسباب صمت الغرب تجاه المجازر الإسرائيلية

أحمد منصور: أليس من العار على الغرب المسيحي وعلى رأسه بريطانيا -التي سبق وأن قادت بعض الحروب الصليبية- أن يقوم الإسرائيليون بحصار كنيسة المهد منذ أسبوعين والبدء في تدميرها دون أن تتحركوا لحماية مهد المسيح؟

بن برادشو: المسألة مفجعة، ولكن أعتقد أن ما هو أفجع –يا سيد أحمد- ما وصفته عن طريق لسان الصحفيين مما يجري هناك في جنين، بالنسبة لي إن الحياة الإنسانية أهم من المباني التي تدمرت وإن كانت مهمة، ولكن ما حدث في جنين مفجع، ومن الضروري أن تسمح الحكومة الإسرائيلية بوكالات الغوث الدولية حتى تقوم بتحقيق كامل لما حدث بالضبط لأنه.. لأن السلوك الذي اتبعته.. الذي ابتعه العسكر الإسرائيليون في جنين غير مقبول على الإطلاق وهو عقيم ويأتي بنتائج عكسية، وأنا أخشى أن ما حدث في جنين ربما أسوأ..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن مراسل الإندبندنت وصف ما فعلته إسرائيل بأنه جريمة حرب مروعة. أما تعبترون ما حدث في المخيم جريمة حرب؟

بن برادشو: أعتقد قبل أن نحكم على ذلك و أنا لست محامي وليست من اختصاصي أن أفعل ذلك بخصوص الجرائم التي ارتكبت ولذلك نحتاج إلى تحقيق مستقل..

أحمد منصور [مقاطعاً]: الأمر ليس في حاجة –عفواً- إلى محامي ولكنه وصف لما حدث، هناك عشرات الأبرياء الذي قتلوا في المخيم، الأطفال، صحفكم البريطانية أظهرت حقائق لم تظهرها صحف أخرى بالأمس، أليس.. أليس هذا كافياً لإبداء حكم ولو أولي على الأمور؟

بن برادشو: ليس عندي شك أن ملحق.. ملحقنا العسكري في تل أبيب ذهب إلى جنين وبعث إليَّ بتقرير وأعتقد أننا قلنا أن ما استعمل من قوة مفرطة غير مقبول، وأعتقد أن هذا لم يحدث فقط في جنين وإنما في مناطق أخرى فلسطينية محتلة، ولكن لست محامياً نفسي حتى أقوم بعمل حكم وما يمثل جريمة حرب، ولذلك من الضروري عمل تحقيق دولي مستقل في هذه الأماكن.

أحمد منصور: يعني تستخدم عبارات مثل استخدام مفرط للقوة ويعني هي عبارة تبدو مزركشة إلى حد ما ولا تحمل أي شكل من أشكال الإدانة والحكومة البريطانية حتى الآن لم تتخذ أي موقف فيه إدانة لما تقوم به إسرائيل، ودائماً تستخدمون عبارات مطاطة، هل أنتم تخافون من إسرائيل، أم أن اللوبي الصهيوني له نفوذ عليكم لا يدفعكم إلى أن تحدثوا بمثل ما يتحدث به بعض البرلمانيين لديكم؟

بن برادشو: لا، إن اللغة التي استعملها هي ما يقوله الدبلوماسيون في بلادنا، وأعتقد أن الحكومة البريطانية كانت أدانت بشكل قاطع ما فعلته القوات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة في الأراضي المحتلة -كما قلت لك قبل لحظات –إن ذلك الموضوع غير مقبول إطلاقاً وعقيم ويأتي بنتائج عكسية، ونحن نعتقد أن الحقوق الإنسانية قد انتهكت وأن اتفاق جنيف قد انتهك، ولكن حتى نثبت ذلك علينا أكثر.. أن نجد أكثر من تقارير صحيفة، بل من شهود وأدلة حتى نقرر ذلك على أساس أدلة سابقة أشرت إليها.

أحمد منصور: لماذا تحتاجون إلى أدلة في هذا الأمر ولا تحتاجون إلى أدلة في ضرب العراق وضرب صدام حسين، وتتخذون أنتم موقف القاضي والحكم والمحامي وكل شيء فيما يتعلق بقضايا الآخرين، أما فيما يتعلق بإسرائيل فأنتم بحاجة إلى أدلة، بحاجة إلى محاكم دولية، إلى لجان عسكرية؟ لماذا الكيل بمكيالين في هذه القضايا والإنسان هو إنسان واحد، ويجب أن تكون قيمة الإنسان سواء كان فلسطينياً أو كان شيئاً آخر إن تكون قيمتها واحدة؟

بن برادشو: قيمة الحياة الإنسانية أينما كانت هي واحدة بالنسبة لنا، ولكن إن أي شخص سوف يتفق معنا أن قبل أن تقوم بأي عمل عليك أن تحصل على الدليل، هناك أدلة في التاريخ من سجل صدام حسين بأنه لم يغزو فقط دولاً مجاورة مثل الكويت، ولكنه استعمل الأسلحة الكيمائية ضد إيران وضد إيران وضد شعبه، ولذلك هناك سجل…

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الفرق في النهاية الإنسان هو الضحية؟ وهناك عشرات الآن من الصحف البريطانية تحدثت عنهم، هناك مخيمات أُبيدت وتغيرت معالم قرى بالكامل في فلسطين ولازال شارون يقوم بدوره، هناك مهد المسيح يتعرض للقصف وأنتم في حاجة إلى أدلة، يعني أليس هذا كيلاً بمكيالين أيضاً؟!

بن برادشو: أنا لا أخالف ما تقول حول ما حدث في الأراضي المحتلة، ولكنني قلت إن الحكومة البريطانية أدانت بشكل قاطع بعض ما حصل من جانب القوات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ويحتاج الوقت.. ونحتاج لبعض الوقت للتأكد مما حدث ونحن نطالب دائماً الحكومة البريطانية.. الإسرائيلية بأن تسمح للمحققين الدوليين إلى جنين وإلى أراضٍ محتلة أخرى لجمع الأدلة.

أحمد منصور: لكن هناك يعني.. عفواً أدلة كثيرة تثبت أن بريطانيا منحازة لإسرائيل وتؤيدها. حينما يقوم السيد (توني بلير) بتعيين اللورد (ليفي) المعروف بولائه لإسرائيل مبعوثاً لقضية الشرق الأوسط بالنسبة لبريطانيا أما يعتبر ذلك انحيازاً إلى إسرائيل وتأييداً للسياسات التي تقوم بها ضد الإسرائيليين من قبل الحكومة البريطانية؟

بن برادشو: أعتقد أن من الضروري بالنسبة للعالم العربي أن يفهم بأن هناك أناساً كثيرين في هذا العالم مثل في العالم العربي الذين يؤمنون بحق إسرائيل في الوجود، ولكنهم لا يعنون.. ولا يعني ذلك أنهم يؤيدون سياسة شارون اللورد ليفي مثلاً من المعارضين الشديدين لحكومة شارون.

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هو يتعرض هنا.. اللورد ليفي يتعرض هنا في بريطانيا حتى لانتقادات شديدة وهناك معلومات تشير الآن إلى أن هاك ضغوط على رئيس الوزراء لاستبداله برئيس الوزراء السابق توني بلير.. عفواً رئيس الوزراء السابق ليقوم بدوره مكان اللورد ليفي.

بن برادشو: أعتقد أن هذه الانتقادات غير صحيحة، أنا أعرف اللورد ليفي واشتغلت معه عن قرب، وأنا مسؤول.. وزير مسؤول عن تلك المناطق وهو أيضاً يعرف تلك المنطقة، وإذا كان هناك أي شخص يعترض عليه فهو أنا، ولكنني أؤكد لك أنه يقوم بعملية جيدة في المجتمع الدولي، نفس الشيء بالنسبة لرئيس وزراء إسرائيل أعتقد أن قليلون يمكن أن يقولون بما يفعل، ولكن اللورد ليفي كان منتقداً للحكومة الإسرائيلية.

أحمد منصور: سفير بريطانيا في إسرائيل (شيرراد كوبركولس) هل هو يمثل بريطانيا أم يمثل نفسه في إسرائيل؟

أحمد منصور: معالي الوزير، كنت قد فقدت اسم (جون ميجور) فقط للتذكير.. يعني بعض التقارير تشير إلى استبداله باللورد ليفي وكان سؤالي لك (شيرار كوبر كولس) هل هو سفير بريطانيا في إسرائيل، أم أنه يمثل نفسه هناك؟

بن برادشو: إنه يمثل بريطانيا كما يفعل كل الدبلوماسيين.

أحمد منصور [مقاطعاً]: إذا كان.. إذا كان يمثل بريطانيا فهل يصرح في مقابلة مع “جوريزالم بوست” الإسرائيلية يقول أتمنى لو أستطيع أن أقدم المزيد لمساعدة إسرائيل على صعيد العلاقات العامة، وفي برنامج عرضه الـ BBC مع أحد الجنرالات الذين يقومون بقيادة عمليات اغتيال في الأراضي الفلسطينية، أرسل إليه سفيركم برسالة تهنئة، نشرت عدة مقالات حتى في “التايمز” أنه تمنى أن يقدم علاقات عامة للجيش الإسرائيلي ونصح الجيش الإسرائيلي بأن يكون المتحدث باسمه شاباً بشوشاً بدلاً من جنرال عجوز، وقال نود من الإسرائيليين أن يستفيدوا بتجربتنا التي قمنا بها فيما يتعلق بأيرلندا، أما يعتبر هذا تجاوز للأعراف الدبلوماسية ولموقعه كما أشار السير (سيرال توانسيند) في مقاله نشرته “الحياة” وكما أشارت “التايمز” البريطانية، وكما أشار أيضاً بعض الكتاب والمقالات الكثيرة التي انتقدت موقفه؟

بن برادشو: أعتقد أن ما نسب إليه كان بـ.. خطأ وأخذ من محتواه، إن السفير في تل أبيب سفير ممتاز لبريطانيا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هل حاسبتموه؟ هل حاسبتموه على ما قال وتأكدتم أنه لم يقل؟

بن برادشو: سوف أشرح هذا بعد قليل. إنه من السفراء القلائل في تل أبيب الذي يتحدث العربية بطلاقة ويفهم العالم العربي جيداً، وأعتقد أن ما قلته عنه في أول.. في بداية حديثك يعبر عن إحباطه أو إحباط الإسرائيليين ويعرف الإسرائيليون أن كثيرين من أصدقائي في البرلمان، وما حدث يوم أمس من أصدقاء إسرائيليين بأنهم.. بأن يشعرون بأن السياسة الإسرائيلية قد أضرت بإسرائيل كثيراً.

أما بالنسبة للحملة الثانية عنه التي قلتها لي نحن لدينا تجربة في أيرلندا الشمالية ولكننا قمنا بضبط العمل البوليسي الشرطة في أيرلندا بطريقة جيدة، وهذا ما كان يقوله السفير البريطاني إنه يحث الجنرال العسكري الإسرائيلي بأن يتبع مثالنا في أيرلندا وألا يفعل شيئاً آخر.

أحمد منصور: سيدي. الجارديان، الأوبريزفر البريطانية التايمز، الحياة كلها نشرت مقتطفات، وكلها تدين سفيركم الذي تدافع عنه الآن، هل كل هؤلاء على خطأ بما فيها الصحافة البريطانية وأن السفير كان صواباً وأنه يعني..؟ هل تدافع عنه، أم أنكم فعلاً حاسبتموه على ما قاله وتتكلم من هذا المنطلق، أم تبرر مواقفه وتبرر تصرفاته وما وصف بأنه تزلف منه زائد للإسرائيليين؟

بن برادشو: لا أنا أقول أن كل هذه المنسوب إليه أخذت من محتواها وأنا أعرف سفيرنا في تل أبيب، أنه يقوم بمهمة جيدة وهو يعرف جيداً ويفهم العالم العربي جيداً.

أحمد منصور: معنى ذلك أنك توافق على ما ذكره؟ هل توافق على هذا؟ هل هذه سياسة بريطانيا الحقيقة إذاً أخذناها مما قاله السفير ومن مصادر مختلفة معظمها بريطانية؟

بن برادشو: أعتقد أن من الضروري أن نبلغ إسرائيل رسائل صارمة حول سلوك الجيش بأنه لم يكن مقبولاً..

أحمد منصور: هذه ليست رسائل صارمة، هذا تأييد لما تقوم به إسرائيل.

بن برادشو: نعم، ما كان يفعله في ذلك الحديث لو نظرت إلى المحادثة كلها أنه كان يبلغ جيش الدفاع الإسرائيلي بأن يتصرف بسلوك.. ليس السلوك غير المقبول وأن يدفع..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني يقتل ولكن يبتسم يعني؟!

بن برادشو: وأن يتبع ما فعلناه في أيرلندا الشمالية..

أحمد منصور: يعني يرتكب.. يرتكب جرائمه ولكن بابتسامة وبشاب صغير.

بن برادشو: لا لا.. ما تعلمناه من تجربتنا في أيرلندا الشمالية، حيث كانت لدينا مشكلة مع الإرهابيين لمدة ثلاثين سنة أنه يجب عليك أن تتصرف بسلوك حضاري ضمن القانون الدولي وأن يكون لديك حوار سياسي، لأنه لا يوجد إلا حوار.. إلا حل سياسي في إسرائيل وفلسطين كما كان لدينا مع إيرلندا الشمالية، يجب أن يكون هناك حل سياسي، وهذه هي السياسة التي نقولها للإسرائيليين مرة تلو المرة.

أحمد منصور: يعني معالي الوزير كل هؤلاء الصحفيين حتى البريطان.. البريطانيين منهم لم يفهموا ما يريده السفير، والآن حضرتك تقدم تفسير آخر لما قام به السفير، كل هؤلاء لم يفهموه بشكل.. وكل هذه المقالات لا تساوي شيئاً في نظرك؟

بن برادشو: أنت تعرف كصحفي محترف أنت..

أحمد منصور: أنت صحفي محترف قبل أن تكون وزيراً.

بن برادشو: بأنه لا يجب أن تؤمن بكل ما تقوله الصحافة، كنت صحفياً في الماضي، صحيح اشتغلت مع B.B.C، ولكنك تعرف من تجربتك أن لا يجب أن تصدق كل ما يقال وخصوصاً الشائعات.

المسؤولية البريطانية في تسليح إسرائيل

أحمد منصور: في الجلسة العاصفة التي عقدت في البرلمان البريطاني في الثاني عشر من مارس الماضي وتلاسنت مع النائب (جورج جالاوي) اعترفت بأن إسرائيل تستخدم مصفحات وأسلحة بريطانية ضد المدنيين الفلسطينيين، وقد ثبت بالفعل أن إسرائيل استخدمت تلك المصفحات في قتل المدنيين في الضفة وفي جنين، أما يعني هذا أن بريطانيا شريكة في الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين؟

بن برادشو: يجب أن تكون واضحاً بشأن الوضع، منذ أن جاءت الحكومة العمالية إلى بريطانيا سنة 1997م لم نعطي أي ترخيص لأي معدات لإسرائيل استخدمت في الأراضي المحتلة ولم نفعل ذلك طالما أن هناك دليل فإننا نأخذه بعين الجدية، منذ ذلك الجدل اكتشفنا أن الضمانات التي أعطيت إلينا من طرف الحكومة الإسرائيلية حول عدم استعمال الأسلحة التي (……) قبل 35 سنة، وعلى ضوء ذلك غيرنا سياستنا….

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن هناك.. هناك نقطة مهمة.. هناك نقطة مهمة هو أن وزير الخارجية (جاك سترو) في نفس الجلسة رفض مطالب النواب بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، وقال إن الحظر لن يؤدي إلى أي تغيير في الموقف، وهذا إقرار من حكومة العمال بأنها سوف تستمر في تمويل إسرائيل بالسلاح.

أحمد منصور: كان سؤالي لك حول موقف حكومتكم من الأسلحة البريطانية التي تستخدمها إسرائيل في قتل الفلسطينيين، وأنت قلت لي أن حكومة العمال لم تقم بتصدير شيء، ولكن في هذه الجلسة العاصفة رفض (جاك سترو) مطالب النواب بحظر تصدير السلاح لإسرائيل، وهذا يعتبر مشاركة من حكومة العمال بشكل مباشر في هذا الموضوع، ونحن نتحدث عن سياسة بريطانيا لأن سواءً كانوا العمال أو المحافظين هي سياسة دولة وليس سياسة فئة أو حزب.

بن برادشو: المعدات التي تكلمت عنها صُدِّرت قبل 35 سنة، هذه الحكومة العمالية لن تصدر مثل هذه المعدات وعلى ضوء ما حدث أخيراً، فنحن وشركاؤنا الأوروبيون قد شددنا الضوابط على التصدير لإسرائيل، ولن نصدر لإسرائيل أي شيء يمكن أن يستعمل في عدوان خارجي أو قمع داخلي….

أحمد منصور[مقاطعاً]: المذبحة انتهت.. انتهت يا سيدي المذبحة، وأنتم لم تعلنوا بشكل واضح..لم تعلنوا بشكل واضح قطع السلاح، هل تعلن أنت الآن قطع السلاح عن إسرائيل؟

بن برادشو: لم نصدر لإسرائيل…

أحمد منصور: لا أنا أسألك بشكل واضح.

بن برادشو: منذ الانتفاضة في سنة 2000 لم نصدر لإسرائيل أية معدات يمكن أن تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

أحمد منصور: هناك فرق بين الإعلان عن عدم التصدير، وبين الإعلان بمنع التصدير، هل لديكم قرار بمنع التصدير لإسرائيل، أم فقط إيقاف التصدير؟

بن برادشو: لأ، الاتحاد الأوروبي لم يقرر ذلك بعد وهناك طبعاً فارق بين الحظر الشامل وبين السياسة المضبوطة، نحن نقوم الآن بسياسة مضبوطة بشدة وهذا يعني أنه لن تبعث بمعدات قاتلة إلى إسرائيل في الظروف الحالية، وبالفعل فقط طبقنا ذلك منذ 5 سنوات، منذ أن أتت الحكومة..

أحمد منصور: لم تجب على سؤالي أيضاً، ولكن ما هو موقف المواطن البريطاني لاسيما الناخبين حينما يعلمون بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء الذين قتلوا في المخيمات والتي نقلت الصحف البريطانية أمس تفاصيل لما حدث قد قتلوا بأسلحة بريطانية؟

بن برادشو: ليس لدينا أية أدلة على هذا الموضوع لأننا لم نصدر أي شيء لإسرائيل.

أحمد منصور: كيف لا تقول لدي أدلة وجلسة الأمس في جلسة الأمس العاصفة في البرلمان ثم الحديث عن نوعيات دبابات أو دبابات تم تحويلها إلى عربات مصفحة واستخدمت، كيف تقول ليس لدي دليل؟ والبرلمان الذي خلفنا هذا نوقشت فيه جلسة لأكثر من 6 ساعات وأنت كنت حاضراً فيها؟ هل.. هل النواب الذين فتحوا هذا ليس لديهم أدلة؟

بن برادشو: الدليل الوحيد على أي.. وجود أي معدات إسرائيلية صُدِّرت لإسرائيل واستخدمت من طرف الإسرائيليين هي الشاسيه.. الهيكل السفلي لحاملة الجنود المدرعة والتي صدرت قبل 35 سنة أي قبل أن أولد أنا، هذه الأشياء لن تصدر الآن..

أحمد منصور: عمرك 42 سنة.

بن برادشو: وكما أوضحت لك..

المسؤولية التاريخية والأخلاقية لبريطانيا

أحمد منصور: يعني إذا هندخل دائماً يعني طريقة الهروب من تحمل المسؤولية لها ألف طريقة خاصة من صحفي مثلك يعرف كيف.. يعني يستخدم اللغة التي يهرب بها، وكذلك دبلوماسي اشتهر لدى وسائل الإعلام بالأسلوب الذي يستخدمه، هناك ألف طريقة للهروب من الإجابة أو تحمل المسؤولية أو الإدانة، ولكن نحن أمام حقائق تاريخية وأمام ضمير إنساني وشيء يتعلق بالإنسانية، وبريطانيا تدعي أنها أم الحرية وأم الديمقراطية وحقوق الإنسان وبالتالي من هذا المنطلق.. من هذا المنطلق.. بريطانيا تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه ما يحدث للعزَّل الفلسطينيين هناك في جلسة البرلمان التي كانت أمس.. أمس ثم الحديث عن (وعد بلفور) والمسؤولية التاريخية التي تتحملها بريطانيا وهي من المرات النادرة التي فتح فيها الحديث عن وعد بلفور، أما تشعرون بمسؤولية تاريخية وأخلاقية تجاه ما قدمتوه للإسرائيليين لاسيما وأن إسرائيل أعلنت في نفس اليوم الذي خرج فيه المندوب السامي البريطاني من القدس؟

بن برادشو: أعتقد أن بريطانيا تشعر بمسؤولية خاصة، وأنت تعرف أنه حدثت مظاهرات في بريطانيا وفي (إكستر) بلدي قام شبان بريطانيون وسافروا إلى رام الله وبيت لحم ليكونوا درعاً بشرياً ضد العنف، إذن الشعب البريطاني يهتم، ولكن عليك أن تكون عملياً حول كيفية إمكاننا تحسين الوضع على الأرض، كيف يمكن أن نجبر الإسرائيليين على الانسحاب، وأن يكون هناك وقف لإطلاق النار وقيام دولة إسرائيلية، هذه هي سياسة بريطانيا.

أحمد منصور: طالما تعرضت للشباب الذين ذهبوا ربما من (إكستر) ومن مدن أخرى، ما الذي حدث لهؤلاء حينما عادوا في.. في المطارات البريطانية؟ ألم تسحب جوازات سفرهم؟ ألم يجبروا على أن يذهبوا إلى Special Branch الأجهزة الأمنية للتوقيع على وثائق تضعهم تحت طائلة الملاحقة القضائية؟

بن برادشو: لا، لم أسمع بذلك.

أحمد منصور: هذا نشر يا سيدي (تين لولين) نشر ذلك في صحيفة “الجارديان” البريطانية.

بن برادشو: لقد تحدثت شخصياً إلى بعض المواطنين البريطانيين الذين علقوا في بيت لحم وفي رام الله، ولكن أحداً منهم لم يشتكي لي عن أي معاملة.

أحمد منصور: هؤلاء من أصول عربية.

بن برادشو: لقد لعبت الحكومة البريطانية دوراً في مساعدتهم.

أحمد منصور: هؤلاء من أصول بريطانية ونشر هذا في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 14 أبريل أي قبل أيام قليلة، ثلاثة أيام فقط من هذا اللقاء، لو عدنا إلى وعد بلفور، إذا كنتم قد منحتم الإسرائيليين دولة ودعمتموهم بعد ذلك بالسلاح، وإذا كان بعض نواب البرلمان البريطاني وبعض السياسيين يشعرون بالذنب إزاء ما قمتم به، أما يستدعي ذلك منكم أن تسعوا للقيام بدور خاص ولو تنفيذ اتفاق التقسيم الذي تم سنة 47؟

بن برادشو: نعم، كما تعلم إن وعد بلفور كان له شقين، وقد تحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن بريطانيا هي التي صاغت قرار 242 الدولي في سنة 67 الذي كان بداية الدعوة لدولة فلسطينية، وكانت بريطانيا دائماً في المقدمة دبلوماسياً وعلى المسرح الدولي للعمل من أجل قيام دولة فلسطينية، ولهذا.. هذا ما حاولنا أن ننجزه..

أحمد منصور: أنتم نفذتم.. أنتم نفذتم الشق الخاص بإسرائيل، لكن لم تنفذوا ويبدو أنكم لن تنفذوا الشق الخاص بالفلسطينيين، فقط كل ما يتعلق بإسرائيل تقومون بتنفيذه وتسعون لتلبيته وتسعون حتى للتغطية على ما ترتكبه إسرائيل من جرائم تحت بند الحاجة إلى لجان دولية لتقيم، وعدم وجود أدلة على أن الأسلحة استخدمت ضد الفلسطينيين، أما فيما يتعلق بالفلسطينيين فيبدو أنهم لا يدخلون في نطاق المستوى الإنساني الذي تسعى بريطانيا لحمايته دائماً!!

بن برادشو: إن بريطانيا تمول السلطة الفلسطينية بمبلغ كبير أكثر من أي دولة في العالم، الاتحاد الأوروبي أبقى على السلطة الفلسطينية.

أحمد منصور: منعت عنها الدعم يا سيدي.

بن برادشو: على أخذ دعم طوال ثلاث سنوات ولبريطانيا أكثر متبرع.. تعطي 50 مليون جنيه إلى الاتحاد الأوروبي.

دعم السلطة الفلسطينية لتحمي أمن إسرائيل

أحمد منصور: ممكن تقول لي نوعية الدعم الذي تقدموه، أنتم تقدمون دعماً أمنياً للسلطة الفلسطينية حتى تحمي به إسرائيل.

بن برادشو: نعم نحن نعطي تأييد مالي للسلطة الفلسطينية لتمويل قطاع الصحة والتعليم، والاتحاد الأوروبي يساعد في بناء البنية التحتية، معظمها طبعاً تدمر الآن بسبب العمل الإسرائيلي وبريطانيا والاتحاد الأوروبي قال.. قالوا إننا سنساعد السلطة الفلسطينية في بناء البنية التحتية، لذلك أرجو أن لا.. أن لا تقول لي أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي لم تساعد الفلسطينيين، نحن ساعدنا أكثر..

أحمد منصور[مقاطعاً]: يا سيدي.. معظم مساعدتكم.. معظم مساعدتكم.. يا معالي الوزير..

بن برادشو[مستأنفاً]: من الناحية المالية من أي بلد في العالم بما فيها البلدان العربية، لقد (……) الفلسطينيين.

أحمد منصور: معالي الوزير.. معالي الوزير.. مساعدتكم كلها مشروطة بأن السلطة الفلسطينية تحافظ على أمن إسرائيل، معظم المساعدات التي تقدم عبارة عن مساعدات للشرطة الفلسطينية كانت ومساعدات تدخل في هذا الإطار، والاتحاد الأوروبي وبريطانيا تحديداً متأخرة في تسديد كثير من الأشياء التي كان ينبغي أن تقوم بها فيما يتعلق بمجال الصحة ومجال التعليم التي تشير إليه، ما قيمة مساعدتكم الآن وقد داست دبابات شارون على كل شيء؟ هل سعيتم لحماية هذه المساعدات؟ هل سعيتم لحماية السلطة الفلسطينية التي كان من المفترض أنها يعني تقوم على اتفاقات دولية، أنتم راعيتم جزءاً منها؟

بن برادشو: نحن نضاعف مساعداتنا للسلطة الفلسطينية هذه السنة، ولوكالة الغوث الدولية للاجئين، أنت صحيح ما قلت إن من الصعوبة الآن بعد الاحتلال الأخير أن نبعث بهذه الأموال، لأنه هناك أزمة وضع محنة في الضفة الغربية….

أحمد منصور: قبلها.. قبلها..

بن برادشو: لذلك أنا بعض الأموال حتى قبل ذلك.. بعض الأموال التي كنا نعطيها للسلطة الفلسطينية لينفقوها على البنية التحتية عليهم أن ينفقوها الآن على الغوث الإنساني، ولكن من الضروري أن يدرك العالم العربي كم يعطي الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بوجه الخصوص الفلسطينيين.. السلطة الفلسطينية، وكم نحن مستعدون لمساعدة الدولة الفلسطينية في المستقبل.

أحمد منصور: معالي الوزير، الكلام حتى عن دولة فلسطينية يعني ربما يكون سابقاً لأوانه حتى الآن، ولكن لأبقى في إطار المساعدات هذه التي تتحدثون عنها، حماية أمن الإنسان وحماية حياته أفضل مليون مرة من أي مساعدات تتحدثون عنها، وكما قلت لك كل المساعدات التي قدمتموها معظمها كان يصب في المساعدات الأمنية حتى المساعدات الإنسانية داس شارون عليها بدباباته، ولم يبقى لها شيئاً، إذن لا توجد قيمة لهذه المساعدات سوى أن تتفاخروا بأنكم تعطون السلطة الفلسطينية أموال، أما على جانب الواقع الأساسي هو حماية الإنسان الفلسطيني وهذه مهمة لم تقوموا بها حتى الآن.

أمس في البرلمان النائب المخضرم (جيرالد كوفمان) وهو يهودي بالمناسبة وصف شارون بأنه مجرم حرب وأحمق في نفس الجلسة التي حضرت فيها، وقال إن إسرائيل دولة منبوذة على الصعيد الدولي، لطخت بأفعالها نجمة داوود بالدم، هذا موقف أحد البريطانيين اليهود مما تقوم به إسرائيل، أما توافقون على أن ما يقوم به شارون –كما وصفه هو- يدخل في إطار مجرم حرب؟

بن برادشو: كانت كلمة ممتازة.

أحمد منصور: توافق على ما جاء فيها؟

بن برادشو: أحمد، أنا قلت لك قبل ذلك أنا لست محامياً، أنا وزير حكومي وقد قلت بأن السياسة الإسرائيلية الأخيرة غير مقبولة وعكسية وعقيمة، وأن على إسرائيل وأن ما فعلته إسرائيل أضر بها، أعتقد إنني أقول نفس الشيء للسيد.. مثل السيد كوفمان ولكن بلغة دبلوماسية.

الفارق بين جرائم شارون و ميلوسوفيتش

أحمد منصور: ما هي الفوارق الأساسية بين ما ارتكبه (شارون) وما ارتكبه (ميلوسوفيتش)؟ ولماذا لا تفرضون كما طالب بعض أعضاء البرلمان البريطاني أمس بفرض حصار على إسرائيل كما فرض حصار على العراق؟

بن برادشو: أعتقد كما قلت سابقاً علينا أن ننتظر حتى يقوم تحقيق دولي من جانب المنظمات الدولية التي لازالت تنتظر الدخول إلى جنين، ولكن علي أن أقول يا أحمد إن حتى في.. في الظروف الصعبة جداً والتنبؤات الصعبة من خلال حادث واحد، كما حصل في البلقان مات آلاف الناس قتلوا بمجزرة على يد (ميلوسوفيتش)، كانت تلك حادثة واحدة، ولم يكشف عنها إلا من خلال بريطانيا والمجموعة الدولية التي حاولت إنقاذ المسلمين.

أحمد منصور: اسمح لي ببعض المداخلات. الأستاذ ساطع نور الدين (مدير تحرير صحيفة “السفير” اللبنانية) من بيروت، أستاذ ساطع تفضل يا سيدي.. أستاذ ساطع، يبدو أن هناك خلل في الاتصال، ولكن معنا الأستاذ بابكر عيسى (مدير تحرير صحيفة الراية القطرية)، أستاذ بابكر معانا.

بابكر عيسى: أستاذ أحمد.

أحمد منصور: حياك الله يا سيدي.

بابكر عيسى: بأرحب بالأستاذ برادشو، وأحب يعني في مداخلة مهمة جداً..

أحمد منصور: تفضل.

تبعية السياسة البريطانية للأميركية

بابكر عيسى: إنه بعد مجيء حزب العمال البريطاني إلى السلطة، كنا نتوقع في العالمين العربي والإسلامي أن تكون السياسة البريطانية تجاه هذه المنطقة يعني أن يكون دور بريطانية أكثر تفهماً بحكم أن بريطانيا كانت القوة الاستعمارية الرئيسية لكل هذه الأجزاء وتعرف الكثير عنها وعن أهلها وعن حقائق التاريخ والجغرافيا فيها، غير أن ما نراه على أرض الواقع يغاير هذه التوقعات فهناك تبني كلي للسياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل، وحتى في العلاقات العربية والإسلامية هناك تحول كبير من المواقف السابقة لحزب العمال في بريطانيا تجاه العالمين العربي والإسلامي. وأعود هنا للتذكير بأنه بريطانيا أو حزب المحافظين بقيادة توني بلير عندما جاء إلى السلطة جدد على أن سيكون لحزب العمال البريطاني دور خاص استكمالاً لدوره التاريخي في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وأن هناك ستكون سياسية بريطانية جديدة في الشرق الأوسط مختلفة عن سياسة المحافظين، ولكن ما نراه نحن عملياً لا يختلف عن موقف حزب المحافظين والذي لم يكن له أي خاصية بريطانيا.. بريطانية بقدر ما كان هو مجرد ظلال لتوجهات السياسة الخارجية الأميركية، وهذا ما يحدث، حالياً فآمل أن أسمع تعليق من سعادة الوزير.

أحمد منصور: شكراً لك أستاذ بابكر. اتفضل معالي الوزير.

بن براد شو: شكراً. لقد قلت.. أشرت إلى تغيير هام حدث منذ أن جاءت الحكومة العمالية بخصوص تصدير الأسلحة، ولكن لا أعتقد من الصحيح أننا نتبع أميركا فقط أن نقول أننا نتبع أميركا فقط. أسمع كثيراً من أصدقائنا في العالم العربي أنهم يريدون بريطانيا أن تستخدم نفوذها في الولايات المتحدة، وهذا النفوذ ليس كبيراً ولا.. وأنه بدون حدود، خصوصاً دور رئيس الوزراء توني بلير في تشجيع أميركا على أن تهتم، وأنا أعطيك، دليلاً واحداً، عندما قال بوش كلمته الرئيسية بخصوص تغيير موقف أميركا واهتمامها بالشرق الأوسط.. لا أعتقد أنه فعل ذلك اعتباطياً وقبل أن يصل توني بلير إلى أميركا، إن.. إن هذا أمر نحن نرحب به ونشعر أنه ضروري لتحصيل تسوية في الشرق الأوسط.

علاقة مونيكا مع كلينتون

أحمد منصور: لكن قضية العلاقة البريطانية الأميركية عليها علامات استفهام وانتقادات كثيرة، لا سيما الصحف البريطانية، “نفاق بلير لبوش يثير اشمئزاز البريطانيين”، هذا عنوان تحليل نشرته “كيت كلاند” من.. من وكالة “رويتر” في الثامن إبريل الماضي عن رحلة بلير لتكساس، “الديليميرور” وصفت بلير بالتابع، إحدى عضوات البرلمان وصفته بحامل الحقيبة الصغير لبوش، غريم النائب جورج جلوي ذهب بعيداً في هذا البرنامج ومن نفس هذا المقعد الذي تجلس عليه وقال إن علاقة الحكومة البريطانية بواشنطن مثل علاقة مونيكا مع كلينتون. إلى أين تسيرون في علاقاتكم بالولايات المتحدة يا سيدي؟

بن براد شو: عندما نختلف مع أميركا فإننا نقول لها ذلك.

بن براد شو: حول إيران وحول محور الشر قلنا لها ذلك على..

أحمد منصور: لا تختلفوا.. (وليام بفاف) أشهر كاتب أميركي قال أنكم لا تختلفون ولا تستطيعون أن تختلفوا مع أميركا، وقال في مقال نُشر في “لوس أنجلوس تايمز” في نهاية مارس الماضي.. أنه منذ حرب السويس سنة 56 إلى الآن حينما ضغطت الولايات المتحدة على بريطانيا وعلى الجنية الإسترليني لم تجرؤ بريطانيا منذ ذلك الوقت على القيام بأي شيء يغضب الولايات المتحدة الأميركية، وأن ما تحتاجه القوة العظمى هو مجرد مساعدين يقومون بالأعمال القذرة في أفغانستان والبلقان.. أما تعتقد أن ما تقوم به بريطانيا لا يخرج عن هذا الوصف؟

بن براد شو: لا.. لا كنت أريد أن أقول لك ثلاثة أمثلة ملموسة في السنة الأخيرة اختلفنا فيها مع أميركا، اتفاق كُيوتو، وموقف أميركا من الانحباس الحراري، موضوع الخلاف حول الصلب، و.. وحول موضوع إيران، سياستنا تجاه إيران بعد أن قال بوش أنها من ضمن محور الشر. هذه ثلاث فقط اختلفنا فيها مع أميركا علناً وقلنا ذلك، ولذلك أن ليس صحيحاً أن تقول أن السياسة الخارجية البريطانية هي نفسها الأميركية.

أحمد منصور: ليس أنا، ولكن المحللين وعلى رأسهم الأميركيين البارزين، وحتى البريطانيين.

بن براد شو: أنا أقول لك الحقائق، أنا الوزير المسؤول عن هذه السياسة.

أحمد منصور: أنت مدير مسؤول هذه السياسة ترصد منذ أكثر من أربعين عاماً حتى الآن، ويعني بريطانيا منتقده بشكل أساسي أنها مرتمية في أحضان، و.. منتقده أيضاً من 147 عضو برلمان، وليس منى أنا، 147 عضو في البرلمان البريطاني وقعوا حتى الآن ضد انخراط بريطانيا وتأييدها المطلق للولايات المتحدة فيما يتعلق بالعراق، هذا ليس أنا، ولكن أنتم يا سيدي.. على أرضكم وفي برلمانكم.

بن براد شو: هذا مثال واحد، ولكن أعطيتك بعض الأمثلة التي نختلف فيها مع أميركا، ثلاثة أمثلة مهمة جداً في السياسة الخارجية نختلف فيها مع أميركا في السنة الماضية، قلت ذلك، ولو عدت إلى السنوات الماضية لوجدت أكثر، ولكنني لا أعتقد أن هذا نقاش مثمر، المهم أننا نحاول أن نشجع أميركا أن تتبع سياسة سليمة، وإذا أردت أن تحقق ذلك عليك.. لا يمكن تحقيقه بالمزايدة و

أحمد منصور: لكن أنتم….

بن براد شو: بالمبادرات والحركات، بل عليك أن تحاول ذلك عن طريق الإقناع بأن من مصلحة أميركا ومن مصلحة العالم أن تحاور في هذه القضايا الهامة مثل السلم والعدالة في الشرق الأوسط هذا ما نفعله.

السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط

أحمد منصور: يعني أنت.. أنت، أنتم تعتقدون أن السياسة الأميركية الآن تجاه الشرق الأوسط هي سياسة عادلة؟

بن براد شو: أنا يسرني أن أميركا الآن أصبحت مهتمة بالشرق الأوسط، و(كولن باول) قبل قال أنه سوف يرجع إلى المنطقة. يسرني أنني قلت قبل لحظات أن ما قاله بوش قبل عشرة أيام قبل لقائه بتوني بلير رئيس وزرائنا، إن ما قاله بحر من التغيير وهو اهتمام أميركا.. في المنطقة. لو عدت قبل سنة لوجدت أن أميركا لم تكن مهتمة في الشرق الأوسط، لم يكن لديها أي رغبة في التدخل. الرئيس (كلينتون) حاول أن يصل إلى تسوية وأن يساعد وفشل، وجاء الرئيس بوش ولم يبدي أي اهتمام، ولكن ذلك تغير الآن، وهذا موضوع هام جداً، وسوف يكون مفيداً جداً في مساعدتنا على التحرك نحو التسوية السلمية والعادلة.

أحمد منصور: أميركا مهتمة بالشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، وأنا لا أسألك الآن عن الاهتمام، ولكن أسألك بشكلٍ واضح، هل تعتقد أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط سياسة عادلة؟

بن براد شو: أعتقد أن أميركا تحاول أن تفعل الشيء السليم. ومن السذاجة أن نتجاهل الحقيقة بأن هناك ضغوط محلية في أميركا لا توجد في بلادنا، مثلاً الرئيس بوش عندما قال كلمته ضد انتشار..، قال ذلك ضد الضغوط المحلية في الولايات المتحدة بأنه يريد أن يرى مشكلة الشرق الأوسط في إطار آخر مثلما يُرى في أوروبا وبقية دول العالم، ولكن علينا أن نقبل بأن أميركا هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم شئت ذلك أم أبيت. إن اهتمام أميركا في الشرق الأوسط حيويٌ جداً إذا كنا نريد أن نسعى إلى سِلم وإلى دولة فلسطينية. ومن مصلحتنا جميعاً أن نشجع أميركا أن تبقى منشغلة في الشرق الأوسط.

أحمد منصور: حياة الحويك (الكاتبة الصحفية) من الأردن. تفضلي يا سيدتي.

حياة الحويك عطية: Hello، ألو

أحمد منصور: اتفضلي يا سيدتي. أنت على الهواء

حياة الحويك عطية (كاتبة وباحثة في جريدة الحياة): مساء الخير أستاذ أحمد.

أحمد منصور: مساكِ الله بالخير.

حياة الحويك عطية: لو سمحت لي أنا أريد أن أثير نقطتين.

أحمد منصور: اتفضلي.

حياة الحويك عطية: ونقطتين في إطار ما يحرك المواقف في العلاقات الدولية في السياسات. ما يحرك المواقف هو نقطتين. الأولى: هي المصالح دون شك، والثانية: هي القيم، ولكنني سأبدأ بالقيم. السيد الوزير تحدث عن قيمة الحياة الإنسانية التي هي واحدة، عن قيمة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. أنا أسأله ببساطة في موجز الأخبار الذي رأيناه قبل دقائق من الآن أين كانت قيمة الحياة الإنسانية؟ قيمة الحرية بالنسبة لشعب فلسطيني؟ قيمة حقوق الإنسان؟

وعندما أصل إلى قيمة الديمقراطية أطرح عليه سؤالاً، هل أن المجموعة الأوروبية في الافتراق الذي شاهدناه بين موقف الشارع وموقف البرلمانيين من جهة هذا بيان البرلمانيين، وموقف الحكومات الذي اختلف كلياً عن موقف البرلمانيين والشارع تراجع سواء بتأثير ضغوط أو بتأثير حسابات أخرى. هل اقتربت المجموعة الأوروبية من الدول اللاديمقراطية؟ بمعنى عدم استجابة القرار الحكومي للقرار البرلماني الذي يمثل الشعوب؟ هذا هو سؤالي الأول.

سؤالي الثاني متعلق بالمصالح: كولن باول عام 1990م عارض الحل العسكري في الخليج وبرر ذلك بخوفه من تنامي الكراهية في العالم العربي وتأثير ذلك على المصالح الأميركية، ومثله أيضاً كتب وصرَّح (جون بييرشوفينمو) الذي كان وزيراً للدفاع في فرنسا حول الخوف من تنامي، الكراهية سواء في تأثيرها على المصالح الأوروبية في العالم العربي، أو فيما قاله من أن الاضطراب والكراهية اللذان يمكن أن ينشئا على الشاطئ الشرقي للمتوسط لم يلبثا أن يعبرا إلى الشاطئ الغربي فيما لا يتحمله التوازن الهش للمجتمعات الغربية.

أنا أسألك السيد الوزير ألا تخشون الآن –نتيجة سياساتكم في الشرق الأوسط، نتيجة هذه المجازر، هذا الهولوكست الفلسطيني، والتلويح بهولوكست عراقي ألا تخشون من نمو منسوب الكراهية، وما يمكن أن يؤثره على مصالحكم في الشرق الأوسط وفي العالم العربي تحديداً؟

أحمد منصور: شكراً لك.

حياة الحويك عطية: وأخيراً السيد الوزير مَنَّنَنَا بما مولته بريطانيا في بلادنا أو المجموعة الأوروبية، وأنا أسأل هل توازي المنح التي أُعطيت لنا ما نُهب من ثرواتنا؟

وأسأل سؤال ثاني بالنسبة للتمويل: كيف تبرر هذه الحكومات لدافع الضريبة الأوروبي ما يقتطع من رواتبه ومن دخله لتمويل مؤسسات البُنى التحتية للسلطة الفلسطينية ومن ثم تدميرها على يد الجيش الإسرائيلي؟ هذه أموال دافع الضرائب الأوروبي كيف سكتم عن تدميرها؟ كيف ستبررون ذلك؟

وأخيراً أرجو السيد الوزير أن يُجيب.. أن يجيبني بما يقنع لا بطريقة التهرب الدبلوماسي. النجاح في التهرب -يا سيدي- ليس نجاحاً في الإقناع، فأرجوك أن تقنعني، وشكراً.

أحمد منصور: شكراً.. معالي الوزير، أُعطي لك.. أُعطي لك المجال للإجابة على هذه التساؤلات سريعة الطلقات.

أحمد منصور: معالي الوزير حياة الحويك سألتك عدد كبير من الأسئلة أتمنى باختصار شديد جداً أن تعطي إجابات كما طلبت هي ليست دبلوماسية وإنما يعني إجابات واضحة. تفضل.

بن براد شو: سوف أحاول.. المشكلة ليست التهرب، ولكن تذكر الأسئلة جميعها. لقد أخذت ملاحظة فإذا نسيت شيئاً ذكرني. أولاً بخصوص تدمير البنية التحتية التي دفعت لها الاتحاد.. دفع لها الاتحاد الأوروبي ومن حقه أن يطالب بالتعويض. نحن لم نسكت على ذلك. أما بخصوص

أحمد منصور: من الذي يطالب بالتعويض، عفواً.. واسمح لي هنا في قضية التعويض، يعني سبق وأنك أنت نفسك طالبت بعملية تعويض من الإسرائيليين عن بعض الأشياء التي دمرت للاتحاد الأوروبي، قريباً أنت الذي طالبت بعملية تعويض. من الذي يطالب بالتعويض عن.. عن.. عن.. يطالب بالتعويض عن أي شيء؟!! عن البشر الذين قتلوا؟!! عن البيوت التي سحقت؟!!.. يعني الآدمية سُحقت يا سيدي في المخيمات هناك!

بن براد شو: التي سألت سألت عن التمويل الذي قام به الاتحاد الأوروبي وهذا ما أريد أن أجيبك عليه.. حول مسؤولية الاتحاد الأوروبي في المطالبة بالتعويض، أما الفارق بين الشعب الأوروبي وبين حكومته فإنني أؤكد لها أنه بدون الاستثناء من خلال تجاربي أن الشعوب الأوروبية إذا كانت لا تحب حكومتها فستتخلص منها، هذه إحدى قيمنا الديمقراطية الكبيرة. إذا كبر الفراغ بين الشعب والحكومة فإن الشعب يطيح بالحكومة.

بالنسبة للنقطة الثالثة والتي أعتقد هي الأهم، أنا أعي جيداً مستوى الغضب في العالم العربي. لقد قضيت وقتاً طويلاً في العالم العربي، وأتحدث كثيراً مع السفراء العرب في لندن، وهم يؤكدون لي ذلك، ولكن التحدي كيف نصل إلى حل؟ ونحن نريد حلاً بنفس الرغبة التي تريدونها أنتم. نريد انسحاباً إسرائيلياً ووقفاً لإطلاق النار، ومحادثات من أجل قيام دولة فلسطينية نحن نقر بأن ذلك ضروري، ليس لمجرد أن ذلك سهل ولأن، ولكن لأنه حق من حقوق الشعب الفلسطيني في القانون الدولي.

أحمد منصور: هاشم سعد من جنيف. اتفضل يا هاشم

هاشم سعد: تحية طيبة أستاذ أحمد.

أحمد منصور: حياك الله يا سيدي.

هاشم سعد: بدايةً أحب أن أحيط السيد براد شو علماً خاصة وأنه في موقع المسؤولية كوزير في الحكومة البريطانية أن الشعوب العربية والشعوب الحرة في العالم جميعاً تُحمِّل بريطانيا حكومةً وشعباً المسؤولية التاريخية عن زرع هذا الكيان الصهيوني العنصري في هذه الأرض المقدسة للعالم أجمع، وللعمل ذلك بعد أن رفضتهم كل دول أوروبا لفسادهم، والصهاينة يعلمون ذلك وهم الآن ينتهزون الفرصة ويذيقون الدول الأوروبية مرارة الإذلال الاقتصادي والسياسي بعدما تحصنوا خلف المارد الأميركي المنجر كذلك بدوره خلف أهدافهم الشيطانية، والذي سيأتي دوره أيضاً بعد انتهاء مهمته.

والسؤال هو: ماذا أنتم فاعلون كحكومات بريطانية لإزالة هذه اللعنة التاريخية التي لحقت بكم جراء هذا الزرع والتواطؤ التاريخي مع هؤلاء الشياطين خاصة بعد تعالي أصوات حرة وشجاعة في البرلمان والشارع البريطاني تنادي بالعمل على تصحيح مسار السياسة البريطانية ومحو هذه الكارثة تجاه الإنسانية جمعاء عن جبين التاريخ والأجيال البريطانية القادمة؟

أحمد منصور: شكراً.

هاشم سعد: وأخيراً تحية وتقدير إلى هذه الأصوات الشجاعة والحرة. وشكراً.

أحمد منصور: شكراً

بن براد شو: أنا أرفض كلياً ما قاله عن الأوروبيين عن التاريخ الأوروبي بأن اليهود طُردوا من أوروبا، إنما قُتلوا على يد حكومة فاشية، نازية.

أحمد منصور: أنتم طردتم اليهود من هنا قبل مائتي عام. التاريخ يا سيدي لا يتغير، قبل مائتي عام أنتم هنا في بريطانيا طردتم اليهود.

بن براد شو: من حسن الحظ أن بريطانيا لم تتعرض للغزو النازي في الحرب العالمية الثانية، ولذلك فإن الجالية اليهودية في بلادنا عاشت، ولكن اليهود معظمهم في أوروبا لم يتمكنوا من العيش.

أحمد منصور: في الكلام هنا عن الصهاينة بالدرجة الأولى ليس عن اليهود.

بن برادشو: لنتحدث عن الحاضر و المستقبل، كما فهمته لا يؤمن بحق إسرائيل في الوجود، فإذا كان هذا رأيه، فإنني أرى أنه يعيش في وهم في عالم من الأوهام، كل شخص تحدثوا إليه في فلسطين وفي إسرائيل يقبل بأن الحل الوحيد للوضع هو دولتين إسرائيل محترمة ومعترف بها من طرف جيرانها العرب وآمنة في حدودها، ودولة فلسطينية فاعلة مستقلة يمكن للفلسطينيين أن يعيشوا فيها كوطن وبحرية وبرخاء، ولذلك إن فكرة أن إسرائيل أو الإسرائيليين يجب عليهم أن يغادروا ذلك المكان من الأرض لا يقبله.. لا تقبله أي دولة في العالم حسب علمي، المهم أن نساعد الفلسطينيين والإسرائيليين ليعيشوا معاً في المنقطة نفسها بسلام وأمن.

أحمد منصور: أستاذ ساطع نور الدين (مدير تحرير جريدة السفير) معنا أستاذ ساطع؟

ساطع نور الدين: أهلاً وسهلاً فيك.

أحمد منصور: أهلاً بيك يا سيدي اتفضل.. اتفضل.

ساطع نور الدين: آسف أنا فيه عندي يعني تركيز على نقطة أساسية التناقض الحاد بين ما يصدر عن الحكومة البريطانية وبين السلوك الفعلي للحكومة البريطانية في.. وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي، أولاً: لدينا انطباع بأن بريطانيا هي الطرف الأساسي الذي يمنع ويعطل أي دور أوروبي في التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي.

ثانياً: ما يصدر عن مسؤولين بريطانيين حول القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني كلام جميل جداً هذه الأيام، ولكن فوجئنا قبل أيام أن بريطانيا لم تصوب على.. مثلاً على قرار مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي يدين المجازر الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية! أيضاً هناك يعني إحساس بأن ما يدور في النقاش الداخلي البريطاني الأميركي هناك إحساس دائم بأن بريطانيا تحاول تسويق ما يصدر عن أميركا وتحاول أن يعني تركز على أنها في بعض الأحيان على مسافة من أميركا في الموضوع الصراع العربي الإسرائيلي، لكنها في اللحظات الحاسمة وفي اللحظات الضرورية تبدو أكثر التصاقاً بالموقف الأميركي من أي بلدٍ آخر.

أود أن أسأل أولاً: حول موضوع الدور الأوروبي، لماذا تعارضه بريطانيا؟ هل.. حسب الحجة الدائمة التي نسمعها أن بريطانيا لا تريد أن تعرقل الدور الأميركي، هل هناك فعلاً دور أميركي في النقاش الداخلي البريطاني الأميركي؟

أحمد منصور: شكراً.. شكراً لك أسئلتك واضحة.

ساطع نور الدين: أو كيف..

رفض بريطانيا إدانة المجازر الإسرائيلية

أحمد منصور: التناقض الحاد بين الحكومة البريطانية، بين ما تقوله وبين الواقع، بريطانيا هي التي تعطل الدور الأوروبي فيما يتعلق باتخاذ موقف من القضية الفلسطينية، ما يصدر.. رفض بريطانيا قرار مفوضية حقوق الإنسان بإدانة المجازر الإسرائيلية، تسويق كل ما يصدر عن أميركا، هذا ساطع نور الدين (مدير تحرير جريدة السفير اللبنانية). اتفضل.

بن برادشو: النقطة الأولى حول بريطانيا بأنها تعرقل الجهود الأوروبية هذه أسطورة، إن بريطانيا في قلب السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط، ونحن نؤيد كلياً سياسة (خافير سولانا) مفوض الشؤون الخارجية الأوروبية، وكل ما فعله من مجهود في الأشهر الثمانية -العشرة الماضية منذ أن انهارت محادثات كامب ديفيد.. من أجل أن يعيد المحادثات، أعتقد أن على الذي اتصل أن يفهم النقطة التي أعتقد أن الفلسطينيين والعرب يوافقوني عليها أنه بدون تدخل أميركا لا يمكننا أن نصل إلى تسوية، ولذلك من الضروري أن نشجع أميركا أن تهتم، وهي الآن مهتمة بطريقة أفضل من قبل، أما بخصوص مفوضية حقوق الإنسانية الدولية وقرارها، نحن أدنا حتى في هذا البرنامج السلوك الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، ولكننا لم نوقع على هذا القرار بالتحديد، لأنه لم يكن متوازن.. متوازن، ونحن لم نكن الدولة الوحيدة.

أحمد منصور: تحدثت عن الدور الأميركي، وهناك انتقاد شديد للولايات المتحدة الأميركية في الصحافة البريطانية من عشرات الكتاب، ولكن افتتاحية العدد الأسبوع الماضي من مجلة “نيوزويك” كان عنوانها: “وزير الخارجية الأميركي شارون”، حيث دلل رئيس التحرير على أن شارون هو الذي يحدد للسياسة الأميركية مسارها، ومع تبعية سياسة بريطانيا لأميركا وعلى نفس القياس، أما تعتقد أن شارون هو وزير خارجيتكم أيضاً، وهو الذي يحدد لكم ما تتحدثون فيه وما تدلون به من تصريحات؟

بن برادشو: لا نتبع.. نحن نقود.. نحن نشجع وندفع، هذا هو الفارق الرئيسي، لا، لقد رأينا من الماضي أيام (جورج بوش الأب) و(جيمس بيكر) كيف إن أميركا يمكنها أن تكون صارمة مع إسرائيل، عندما يكون الموضوع ضرورياً، وهو ضروري الآن، ولهذا نريد أميركا أن تبقى مهتمة في هذه العملية.

أحمد منصور: لماذا تقفون أو تتهمون بأنكم تقفون ضد المساعي الأوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل ولمنع منتجات المستوطنات الإسرائيلية من البيع في بريطانيا وأوروبا باعتبار ذلك يخالف قوانينكم؟

بن برادشو: موضوع السلع من المستوطنات قد عالجناه قبل مدة، نحن هنا نعرقل جهود الاتحاد الأوروبي في العقوبات، لقد كان هناك إجماع تمام من وزراء الخارجية الأوروبية بأن هذه ليست قضية الآن، نحن لا نريد أن ندخل في.. في حركة رمزية تضعدع مهمة (كولن باول) أو تجعلها صعبة، هذا أمر اتفقنا معه.. مع الدول العربية وروسيا وأميركا والأمم المتحدة بأن علينا جميعاً أن نركز في هذه اللحظة على جهود دبلوماسية، ونسمح لكولن باول أن.. يحصل على انسحاب إسرائيل ووقف إطلاق النار بالتوصل إلى تسوية، هذه هي أولوياتنا.

أحمد منصور: هل لا زال مخطط المخطط الأميركي البريطاني لضرب العراق قائم؟

بن برادشو: لا توجد خطة، من الضروري أن يفهم الناس بأن كل الحديث عن العمل العسكري ضد العراق ليس وشيكاً، وليس حتمياً، إن ما على العراق أن يفعله هو أن يلتزم.

أحمد منصور: هذا يناقض تصريحات كثيرة لك أنت ولرئيس وزرائكم بلير.

بن برادشو: لا، إن ما على العراق أن يفعله هو ما أوضحته الأمم المتحدة بوضوح في عدد من القرارات بأن يسمح العراق لمفتشي الأسلحة بالعودة إلى البلاد، وهذا أمر وافق عليه صدام حسين من جملة وقف إطلاق النار في نهاية حرب الخليج، بحيث يتمكنوا من التحقق من أنه لا يقوم بإنتاج أسلحة دمار شامل، هذا مطلب بسيط والخيار إما أن يلتزم به، الخيار له، الأمر جاء من الأمم المتحدة وليس من بريطانيا وليس من أميركا، ولكن من المجموعة الدولية.

أحمد منصور: الآن أنت تؤكد الآن عدم وجود أي خطط عسكرية بالفعل لضرب العراق في هذه المرحلة؟

بن برادشو: لا يوجد.

أحمد منصور: زين العابدين من النمسا، اتفضل يا سيدي.

زين العابدين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.

زين العابدين: عدة أسئلة سريعة جداً يا أستاذ أحمد.

أحمد منصور: باختصار.

زين العابدين: لماذا يتهمون المقاومة الفلسطينية بالإرهاب رغم أنه ليس محامياً، ولم يكون محكمة دولية لإثبات ذلك أو عكسه؟ ذلك رداً على ما ادعاه في الأول إنه لابد من التحقيق نعم

2.. السؤال الثاني: هل يحتاجون بعضاً من الوقت للتأكد مما حدث، ولكنهم يحتاجون بعضاً من الوقت لكي يكمل السفاح شارون القضاء على المقاومة الفلسطينية؟

ثالثاً: مَمَ ينبع هذا الحق المدعي، حق إسرائيل في الوجود أعني، ألم يزرعها الغرب هناك للتحكم في مصادر الثروات في العالم العربي؟ ثم طبعاً كما…

أحمد منصور: شكراً لك أسئلتك واضحة، يعني يسع.. يسع الوقت للإجابة عليها اتفضل.. اتفضل معالي الوزير. ثلاثة أسئلة قال: لماذا تتهم المقاومة بالإرهاب، ورفضت اتهام شارون بالإرهاب وقلت إنك لست محامياً؟

هل تحتاجون بعض الوقت لكي يكمل شارون مذبحته أم لكي تتأكدوا من المذبحة التي ارتكبها؟

ومن الذي أعطى حق إسرائيل في التواجد على أرض ليست من حق الإسرائيليين، أليس من أجل التحكم في مصادر الثروات في العالم العربي؟

بن برادشو: لم أستخدم كلمة إرهاب ولا مرة في هذا البرنامج، وقد حرصت كثيراً.

أحمد منصور: ذكرتموها يا سيدي في تصريحات صحفية كثيرة، ليس بالضرورة في هذا البرنامج، أنت تراعي أنك تخاطب العرب.

بن برادشو: ممكن أن نقضي وقتاً طويلاً في هذا البرنامج نحاول الاتفاق على تعريف كلمة الإرهاب، قادة العالم الإسلامي في مؤتمرهم الأخير في كوالالمبور قضوا يومين في محاولة تعريف الإرهاب وفشلوا، إنه تجربة عقيمة يجب علينا جميعاً أن نعترف بأن الأعمال غير الأخلاقية وغير القانونية ضد المدنيين إرهاب، أما محاولة التوصل إلى تعريف للإرهاب فإنه لن يحل أي مشكلة في الشرق الأوسط، الأمر الذي يحتاج إلى انسحاب إسرائيلي فوري كما جاء في قرار الأمم المتحدة (1402) ووقف لإطلاق النار ومحادثات سياسية تتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية، هذا ما يريده المجتمع الدولي، هناك مستوى فريد من الموافقة الجماعية على مبادرة الأمير عبد الله وموافقة أميركا عليها لأول مرة، وكما قال الملك حسين أنه يريد قيام دولة فلسطينية، ونحن نريد من جميع الأطراف أن يركزوا على هذا الجهد للتوصل إلى حل عادل وسليم.

أحمد منصور: لديَّ مئات المداخلات على الإنترنت كلها تنتقد السياسة البريطانية، كنت أود أن يسع الوقت لكي أسمعك الكثير حتى تعلم نبض الشارع العربي بالنسبة لسياستكم.

مداخلة رقم: 210: ما مدى قوة تأثير بريطانيا في القرارات الدولية في ظل الهيمنة والتعنت الأميركي؟

من رجل أعمال مصري اسمه مجدي ألا يخاف البريطانيون من هجمة مماثلة لما حدث في 11 سبتمبر نتيجة للغضب العربي؟

ألا ترى.. ألا ترى المجازر التي تحدث في جنين؟

أنتم البريطانيون لازلتم تخادعون الأمة الإسلامية بإظهاركم أنك أصحاب مبادئ وتقفون بجوار الحق، وتتناسون ما فعلتم أيام الانتداب من فظائع؟ هذا هاني علي نصر الله – صحفي لبناني.

بريطانيا وحدها تتحمل مسؤولية الجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والعربي وعليها أن تصحح الخطأ الذي قامت به.

نحن دائماً نسمع إلى وعود من المسؤولين الأجانب بخصوص القضية الفلسطينية، ولكن السؤال لماذا اجتاح.. حينما اجتاح العراق الكويت تجمعت 43 دولة أوروبية، وأين أنتم حينما اجتاح شارون.. الإرهابي شارون الأراضي الفلسطينية؟ ولماذا تقفون متفرجين؟

عشرات الأسئلة التي جاءت والمداخلات عبر الإنترنت كلها تحاول أو تبين موقف مضاد لسياستكم ومضاد لموقف بريطانيا من المنطقة، أما تدركون في حزب العمال البريطاني تحديداً أن سياساتكم المؤيدة على الإطلاق للولايات المتحدة ضد المصالح العربية والقضايا المصيرية، وهذا الموقف غير المضاد.. غير المضاد بشكل أساسي لما يقوم به شارون يمكن أن يضر بوضعكم الانتخابي، لا سيما وأن هنا في بريطانيا أربعة ملايين مسلم لهم حق التصويت؟

بن برادشو: لا أعتقد أنك سمعت تعليقاتي في البرلمان الليلة الماضية، كنا منتقدين كثيراً لسياسة شارون، والحكومة العمالية تبنت سياسة منذ مدة طويلة تؤيد قيام دولة فلسطينية وكل جهودنا الدبلوماسية وعلاقاتنا بأوروبا وفي العالم العربي وبأميركا هي لمحاولة التحرك نحو هذا الهدف، نحن نشعر أن لدينا مسؤولية تاريخية بسبب ماضينا في المنطقة، وهذا يبقى التزامنا، ولكن على الناس أن يتساءلوا بطريقة عملية: كيف نحقق انسحاباً إسرائيلياً؟ وكيف نتوصل إلى وقف لإطلاق النار؟ وكيف نستأنف المحادثات؟ وكيف نجمع بين الطرفين حول طاولة المفاوضات للاتفاق على التسوية؟ كلنا نعلم كيف سيكون شكل التسوية، نحن وأنت وأميركا والعالم العربي، والمهم أن نكون هنا.

أحمد منصور: معالي الوزير، أشكرك شكراً جزيلاً. معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني (بن برادشو)، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.

في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من لندن والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فهرس موضوعات حوار بن برادشو

00:00 المقدمة (اقتحام جنين)

04:00 أسباب صمت الغرب تجاه المجازر الإسرائيلية.

07:55 سياسة الكيل بمكيالين في حالتي إسرائيل والعراق.

09:47 تعيين اللورد (ليفي) المعروف بولائه لإسرائيل مبعوثاً لقضية الشرق الأوسط.

17:37 إسرائيل تستخدم مصفحات وأسلحة بريطانية ضد المدنيين الفلسطينيين.

23:29 المسؤولية التاريخية والأخلاقية لبريطانيا تجاه ما يحدث للفلسطينيين.

31:46 ما هي الفوارق الأساسية بين ما ارتكبه (شارون) وما ارتكبه (ميلوسوفيتش)؟

33:17 تبعية السياسة البريطانية لأمريكا في المنطقة .

42:13 هل اقتربت أوروبا من الدول اللاديمقراطية ؟ بانحيازها لإسرائيل ضد رغبة شعوبها؟

52:13 انحياز بريطانيا لإسرائيل في الصراع العربي الإسرائيلي.

Total
0
Shares
السابق
ديفيد إيرفينغ

ديفيد إيرفينغ: حقيقة الهولوكوست

التالي
بودكاست كواليس مع أحمد منصور

بودكاست كواليس: خفايا حوار أحمد ياسين في شاهد على العصر

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share