يناقش أحمد منصور مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في حلقة من برنامج الشريعة والحياة جرى بثها بتاريخ 29/03/1998 مآلات الصراع العربي الإسرائيلي من منظوره الإسلامي، وموقف حركة حماس من تسوية أوسلو .
في بداية الحلقة تحدث خالد مشعل عن أسباب إعلان إسرائيل عزمها على اغتياله، واعتبر ذلك يعود إلى حالة الضعف العربي الذي أعطى الجرأة لإسرائيل على الإعلان عن نواياها دون الخوف من العواقب، إضافة إلى محاولة الموساد الإسرائيلي تحسين صورته أمام الشعب الصهيوني بعد فضيحته وفشله في محاولة اغتياله الأولى، واعتبر مشعل أن إعلان إسرائيل عزمها على تصفيته هو استباحة للأراضي العربية، كما يضع الأنظمة العربية في موقف حرج، مطالبا بوضع حد للعربدة الصهيونية وتبني استراتيجيات جديدة تحفظ أمن المواطن وسيادة الدول العربية من الاختراق الصهيوني.
وحول اتهامات إسرائيل ودول غربية لحركة حماس بالإرهاب أكد مشعل أن حماس تمارس حقا مشروعا بالدفاع عن أرض فلسطين من احتلال إسرائيل لها، كما أكد أن الكيان الصهيوني هو الذي يمارس إرهابا منظما ويستخدم الأسلحة الكيماوية والتكنولوجيا لارتكاب مجازر ضد الشعب الفلسطيني.
وحول اتفاقية أوسلو مع إسرائيل أكد خالد مشعل أن عملية التسوية مع الكيان الصهيوني محكومة بالفشل لأن العقلية الصهيونية لا يمكن أن تجنح للسلم، كما أن جميع الأطراف الدولية عاجزة عن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإيقاف الاستيطان واعتقال الفلسطينيين وقتلهم.
وأوضح مشعل أن العدوان على الفلسطينيين لن يتوقف إلا بضغط المقاومة.
وعن استهداف المدنيين بالعمليات الاستشهادية أوضح مشعل أن الشعب الفلسطيني في موقف دفاع عن أرضه ونفسه ضد احتلال غاشم، كما بين أن العمليات الاستشهادية جاءت ردا على الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل يوميا ضد المدنيين الفلسطينيين من مجازر وهدم المنازل وعمليات التهويد الممنهجة، مؤكدا أن الحركة أعلنت أنها ستتوقف عن استهداف المدنيين حال توقف الكيان المحتل عن استهداف الفلسطينيين العزل.
وأشار مشعل إلى أن العلاقة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية ليست جيدة خاصة بعد تمسك السلطة بالتسوية التي أفشلتها الممارسات الصهيونية وعجز الإدارة الأميركية على الإيفاء بتعهداتها في اتفاقية أوسلو، إضافة إلى استمرار السلطة في ممارسات الاعتقال والتعذيب وتضييق الحريات
نص حوار خالد مشعل عن الصراع العربي الإسرائيلي من منظوره الإسلامي
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج( الشريعة والحياة)، حيث نتناول اليوم طبيعة الصراع العربي الصهيوني من منظوره الإسلامي، فقد أثار تهديد وزير البنية التحتية الإسرائيلي (أرييل شارون) قبل أيام بأن إسرائيل لن تتوقف عن مطاردة خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس) حتى تصفيته في أي مكان آخر غير الأردن بعد فشل محاولة اغتياله الأولى هناك، أثار هذا التهديد ردود فعل واسعة حول إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل بشكل علني، كما أظهرت حجم الصراع والعداوة بين إسرائيل وحركة حماس وقيادتها، فما هي دوافع شارون لإطلاق تهديده العلني؟ وما هو رد حماس المرتقب إذا نفَّذت إسرائيل تهديدها؟ ولماذا ترفض حماس -حتى الآن- الصلح مع إسرائيل رغم أن الكثيرين قد جنحوا للسلم؟ وما هي المرجعية الشرعية والإسلامية لحماس في استمرار مقاومتها لإسرائيل؟ وما هي مرجعياتها الشرعية -أيضاً- في عمليات التفجير التي تقوم بها وسط المدنيين الإسرائيليين؟ وما هي شروط حماس للصلح أو الهدنة مع إسرائيل؟ تساؤلات نطرحها على ضيف حلقة اليوم السيد خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس) الذي نستضيفه عبر الأقمار الصناعية من عمان…
خالد مشعل: أهلاً وسهلاً بكم.
أحمد منصور: أبو الوليد.. في البداية من المعلوم أن الموساد الإسرائيلي يحيط عملياته بكتمان شديد وسرية إلا أنه هذه المرة وربما تكون المرة الأولي في تاريخ الموساد -كما يشير بعض المراقبين- التي يعلن فيها عن تحديد هدف معين والسعي لتصفيته في أي مكان خارج مكان سبق له أن حاول فيه تصفيته وفشل.. ما هي -في تصورك- الأسباب التي دفعت الموساد إلى أن يعلن بهذا الوضوح عن اختياركم هدفاً لإحدى عملياته القادمة؟
خالد مشعل: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً الشكر والتحيةِ.. والتحيةُ لكم في قناة (الجزيرة) على هذا الجهد الكبير ولك –شخصياً- على هذا البرنامج الناجح.
تصميم الموساد على اغتيال خالد مشعل
خالد مشعل: وأما بخصوص السؤال فالصهاينة اليوم باتوا من الجرأة والوقاحة في ظل الضعف العربي للأسف، باتوا يتجرؤون على الإعلان عن نواياهم بكل صلافة، فضلاً عن أنهم فشلوا في حادثة الاغتيال، ولذلك يريدون أن ينجحوا حيث فشلوا، فلم يعد الأمر سراً، فعملية الموساد الأولى افُتضحت وفشلت، ولذلك هم يريدون أن ينجحوا أو يحاولوا النجاح مرة أخرى من أجل أن يردموا هذه الهوَّة والثغرة التي شُرخت ووُجدت في جدار الموساد الصهيوني، ومن باب رفع المعنويات لدى العاملين في ذلك الجهاز ولدى الشعب الصهيوني، لأن فشلهم في عملية الاغتيال السابقة أدت إلى ضرب معنوياتهم وإلى تحطيم أو شرخ تلك الأسطورة التي تكونت عبر السنوات الماضية حول جهاز الموساد.
أحمد منصور: لكن أود أن أسألك هناك بعض التقارير أشارت إلى أن وصلتك رسالة شفهية من ارئيل شارون عبر وزير المياه الأردني السيد منذر حدادين وأبلغك بها –شفاهة- قبل أن يعلن شارون عن تعقبك حتى عملية اغتيالك تفيد –أيضاً- بأن الموساد الإسرائيلي لن يتوقف عن متابعتك حتى تصفيتك، ما مدى دقة هذه المعلومات؟ وهل تلقيت –فعلاً- رسالة شفهية من شارون؟
خالد مشعل: يعني نحن في حركة حماس لسنا بحاجة إلى رسائل حتى نعي طبيعة الاستهداف الصهيوني، الخطر قادم في كل لحظة والصهاينة يتحدثون عن تهديداتهم عبر وسائل الإعلام والفضائيات وليسوا بحاجة إلى رسائل، الوزير الأردني منذر حدادين تحدث معي كنصيحة من طرفه ليس أكثر، لكن نحن نعي مخططات العدو جيداً.
احراج الأردن
أحمد منصور: هل.. هل سبَّبت هذه التهديدات أي حرج للأردن لاسيما وأن حدث توتر شديد بين إسرائيل والأردن بعد عملية الاغتيال الأولى؟ وبصفتك أيضاً مواطن تحمل الجنسية الأردنية، هل سببت هذه التهديدات حرجاً للأردن؟
خالد مشعل: بلا شك التهديدات الصهيونية السلوك الصهيوني يحرج ليس الأردن فقط، بل كل الدول العربية والإسلامية، حين يصرح قادة الصهاينة بأنهم يستبيحون البلاد العربية والإسلامية وكل مواطن عربي أو فلسطيني فإنهم بلا شك يحرجون الوضع العربي بصورة عامة، ولذلك نحن نقول ينبغي على كل الدول العربية والإسلامية أن تضع حدَّاً لهذه العربدة الصهيونية، وأن تتخذ من السياسات ومن الموقف، بل أن تبني استراتيجية جديدة من أجل أن تحافظ على المواطن وتحافظ على الأرض، وتحافظ على الأمن والسيادة في هذا الزمن الذي يتصرف فيه الصهاينة دون أي اعتبار لأي بلد حولهم أو بعيداً عنهم.
أحمد منصور: ما تفسيرك للتوقيت الذي جاءت فيه التهديدات؟ من المعروف أن التهديدات جاءت في أعقاب زيارة قام بها أرئيل شارون إلى الأردن وفي أعقاب زيارة قام بها ولي العهد الأردني الأمير الحسن إلى إسرائيل، هل هذا التهديد مقصود.. الوقت الزمني لعملية التهديد مقصودة في أعقاب هاتين الزيارتين؟
خالد مشعل: يعني أنا أعتقد أن الصهاينة ليسوا بحاجة إلى توقيت مناسب أو غير مناسب، لأن سلوكهم الإرهابي متواصل دائم، في كل لحظة هناك إرهاب، إرهاب في فلسطين المحتلة، إرهاب في الخارج، إرهاب يمس الفلسطينيين، إرهاب يمس العرب والمسلمين، ولذلك ليسوا لا يبحثون عن توقيت مناسب، ومن هنا فإن.. فإنني لا أنظر إلى اعتبار لمسألة التوقيت بقدر ما هو سلوك صهيوني طبيعي دائماً يتجلَّى في كل لحظة.
أحمد منصور: لكن شارون أكد في تصريحات إلى صحيفة (أيديعوت احرنوت) الإسرائيلية إلى أن السبب أو الدافع الرئيسي وراء هذا التهديد يعود إلى أن حركة حماس تعتبر حركة إرهابية وهي تهدد إسرائيل وتهدد الاستقرار في المنطقة، وبالتالي فعملية تصفية الإرهابيين يجب أن تتم حتى يحدث استقرار في المنطقة، فأنتم الآن أصبحتم مصدر عدم استقرار بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لعملية السلام القائمة.
حماس والمقاومة المشروعة
خالد مشعل: يعني قالت العرب في القديم: “رمتني بدائها وانسلت”. الصهاينة سدنة الإرهاب الذين يمارسون إرهاب الدولة، الإرهاب المنظم ويستعملون السلاح الكيماوي وتكنولوجيا الإرهاب، الذين يرتكبون كل يوم مجزرة وآخرها ولن تكون الأخيرة مجزرة (ترقوميا) هؤلاء لا.. لا.. لا يحق لهم أن يتحدثوا عن الإرهاب، حماس ليست إرهابية، حماس تمارس حقاً مشروعاً، وفي النهاية –أيضاً- كل فلسطيني يعتبر –في المنظور الصهيوني- إرهابياً يشكل خطراً، المرأة والرجل والسياسي والمجاهد، الجميع يعتبر في المنظور الصهيوني إرهابياً ومصدر خطر على الصهاينة، نحن..
أحمد منصور: لكن هناك مسيرة تسوية عفواً
خالد مشعل: نحن لا نتقيد بمعاييرهم ..
أحمد منصور: أبو الوليد..
خالد مشعل: نحن نمارس حقاً مشروعاً ونحن لنا الشرف أنه حماس تمثل هذا الإزعاج لأنها حركة مؤثرة فاعلة قوية فاجأت الكيان الصهيوني في اللحظة التي ظن أنه قد حسم المعركة ضد شعبنا وأمتنا.
أحمد منصور: لكن…
خالد مشعل: لنا الشرف أننا نشكل هذا التحدي أمام المشروع الصهيوني وأمام الاحتلال الذي يمس شعبنا.
أحمد منصور: لكن هناك مسيرة تسوية في المنطقة ومعظم الأطراف دخلت فيها ولازلتم أنتم الطرف الـ… ومع بعض الأطراف الأخرى التي تصر على استمرارية المواجهة، لماذا لا تدخلون في إطار هذه التسوية وفق شروط تضمن أيضاً الحد الأدنى لما تطالبون به؟ لماذا تستمرون في المقاومة رغم أن الكثيرين قد جنحوا للسلم وإسرائيل بدأت تشعر بشكل من الاستقرار؟
خالد مشعل: من الذي جنح للسلم؟ لا أرى جنوحاً لدى الصهاينة للسلم، أرى جنوحاً وتصعيداً لإرهابهم، وأما عملية التسوية فقد حكم أصحابها عليها بالفشل وقال السيد عرفات أنها تلفظ أنفاسها وأولبرايت..
رفض حماس التسوية
أحمد منصور: لكن هناك تقدم اليوم بعد محاولة روس
خالد مشعل: لا ليس هناك تقدمَّ وإنما هو بحث في السراب وهناك وعود مخدرة، وكما يرى الجميع الأميركان عاجزون تماماً عن ممارسة ضغط صهيوني، لأنهم قد رهنوا قرارهم الأميركي السياسي لصالح هذه الحفنة الصهيونية، اللوني الصهيوني في أميركا، والأوروبيون عاجزون عن ممارسة دور، ونتنياهو يعلنها صراحة أنه ضد أوسلو، وأنه ضد.. الآن نتنياهو -يا أخي- يحاسب الفلسطينيين على كل صغيرة وكبيرة، ودخل معهم في بحث تفصيلي بنسب مأوية، الآن يقيس المسألة بـ 1% من مساحة الضفة، ويعتبر أن تزحزحه أو إعادة الانتشار عن 1% هي تمثل مساحة كبيرة بحجم تل أبيب، ولذلك هو غير مستعد أن.. أن يساوم على 1% من الضفة، فكيف بكل فلسطين؟! فالمسألة الآن.. أنا أعتقد أن مسيرة التسوية عبثية، غير مجدية، جُربت 6 سنوات منذ مدريد، جربت 4 سنوات منذ.. من أوسلو والسلوك الصهيوني في تصاعد وهم لم.. لم يجنحوا للسلم ولا أعتقد أن العقلية الصهيونية التي لا ترى حرمة لدماء وأرواح وأعراض الأغيار غير اليهود، لا أعتقد أن هذه العقلية الصهيونية يمكن أن تجنح للسلم، ولا يمكن –بالتالي- أن ترحل من فلسطين وأن يتوقف العدوان والاحتلال إلا بضغط المقاومة، وأعتقد أن أي بحث في غير ذلك هو وهم وسراب ومضيعة في الوقت وخسارة، أقول أنا: منذ 4 سنوات هل.. هل التسوية لا أقول أنجزت حقوقاً، هل أوقفت الاستيطان؟ هل أوقفت الاعتقال؟ هل أفرجت عن خمسة آلاف فلسطيني معتقلون في سجون العدو الصهيوني يسامون سوء العذاب؟ هل توقفت..؟
أحمد منصور: هناك مفاوضات جارية من أجل تحقيق هذه المطالب لازالت قائمة ومن الصعب أن تتحقق -كما يقول أنصار السلام- في خلال أيام أو في خلال سنوات قليلة والحرب استمرت بين العرب وإسرائيل 50 عاماً.
خالد مشعل: نحن لسنا مستعدين أن نجرب خياراً فاشلاً، أنا أقول -بكل وضوح لكل من يتكلمون عن التسوية والسلام -هل هناك في التاريخ احتلال رحل بلا مقاومة؟ هل هناك شواهد في التاريخ تُدعم أن احتلالاً ليس طبيعياً مثل احتلال الصهيوني، يمكن أن يرحل عن أرض فلسطين بلا مقاومة، بلا جبهة فلسطينية وعربية وإسلامية قوية؟ فلماذا نبحث عن السراب؟ لماذا نجرب خيارات فاشلة؟ وأقول جربناها، والآن الصهاينة لم يتركوا لنا مجالاً للحيرة حتى نلجأ إلى التحليلات والتخمين والاستنتاج، هم يعبرون عن تطلعاتهم ومشروعهم تعبيراً واضحاً صارخاً، فلماذا نريد أن نكون كالنعام ندفن رؤوسنا في الرمال ولا نبصر الحقيقة؟ الحقيقة نراها كل يوم، والموقف الأميركي المنحاز الذي لم يعد هناك موقف أميركي مستقل في.. في سياسته في المنطقة أصبح مختبئاً ومختفياً خلف الموقف الصهيوني، فعلاما يُعوِّل دعاة التسوية خاصة بعد الذي جرى؟
خالد مشعل: التسوية تسير نحو الفشل كما قلت باعتراف أصحابها، ورعاتها، وأعتقد أن الخيار لشعبنا الفلسطيني وهو يعرف هذا الخيار جيداً، وأعتقد أن الشعب الفلسطيني في الداخل اليوم في كل لحظة يصوِّت وينحاز لصالح خيار المقاومة، وأعتقد أيضاً أن خيار الأمة العربية والإسلامية هو خيار المقاومة، و..بدليل أن العدو لا يفكر في الحديث عن الانسحاب وعن التراجع ويتحدث عن لغة التسوية إلا حين يمارس عليه الضغط، كما يجرى في فلسطين، كما يجرى على أيدي إخواننا في حزب الله في جنوب لبنان، هذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، وأعتقد أن لا مجال ولا خيار لنا غير ذلك، وأعتقد أن.. أن حتى الإدارة الأميركية حين تتحدث عن التسوية في المنطقة ليس حباً في شعبنا الفلسطيني ولا حباً في أمتنا العربية، ولكن رغبة في تبريد الصراع -حسب النظرية الأميركية- حفاظاً على إسرائيل ومصلحتها وحفاظاً على مصالح أميركا في المنطقة، هم يرون أن تأجيج الصراع يخدم النهوض العربي والإسلامي في المنطقة، وهذا من شأنه أن يشكل خطراً على المشروع الصهيوني وعلى المصالح الأميركية في المنطقة، ولذلك ينبغي ألا نثق بهذه الوعود، بصراحة إذا لم نحترم أنفسنا لن يحترمنا أحد، إذا لم ننتزع حقوقنا لن يقدمها أحد لنا على طبق من فضة.
أحمد منصور: أبو الوليد.. فيه هناك مصادر ذكرت بأن عملية زيارة حضرتك ووفد من حماس إلى الشيخ أحمد ياسين في القاهرة قد تم الاعتذار عنها من السلطات المصرية بعدما تم.. جهاز الاستخبارات المصري اكتشف أن هناك محاولة إسرائيلية لتصفيتكم في القاهرة، ما مدى المعلومات المتوفرة لديكم حول هذه المحاولة؟ ومعني ذلك أن.. أنكم بذلك لم تستطيعوا أن تتحركوا خارج الأردن.
رفض القاهرة زيارة خالد مشعل للشيخ أحمد ياسين؟
خالد مشعل: لم نبلغ بمثل ذلك وهذه المعلومات لا علم لنا بها، وأنا أعتقد أن الأخوة في مصر –بحكم قدراتهم وخبراتهم- قادرون على حماية ضيوفهم، ومن ثم هذا لا يشكل إزعاجاً لنا في حركة حماس من حيث أن مثل هذه التهديدات يمكن أن تحد من حركتنا، بالعكس نحن في غاية الطمأنينة والسكينة الذين يهددوننا هم الخائفون ونحن في غاية الطمأنينة، ونحن نخيفهم رغم أننا الضحية، وإذا كانوا يظنون أن تهديدهم لنا سيضعف حركتنا أو يحد منها فهم واهمون، سيتضاعف جهدنا وسيتضاعف دورنا إن شاء الله في خدمة قضيتنا وشعبنا.
أحمد منصور: أبو الوليد.. تصريحات شارون ومحاولة اغتيالك الأولى أما تعتبر نقل لساحة المواجهة بين حماس وإسرائيل من داخل فلسطين إلى الخارج؟ وما هو استعدادكم، أو ما هي ترتيباتكم للدخول في مواجهات مع إسرائيل خارج نطاق فلسطين وأنتم دائماً تعلنون أن حماس ستظل تقاوم في الداخل فقط؟
خالد مشعل: بالطبع الصهاينة نقلوا المعركة منذ لحظة الاغتيال وليس فقط من خلال التهديدات اللاحقة، حماس حين اختارت خيار مقاومة الاحتلال داخل فلسطين المحتلة لم يكن ذلك عن عجز، ولكنه كان سياسية، وإسرائيل غير قادرة أن تستدرجنا لتخوض المعركة وفق تقديراتها ووفق تحديداتها الزمنية والمكانية، حماس قادرة أن تخوض المعركة في اللحظة التي تقررها وبالصورة التي تحددها، وحماس في النهاية قادرة على أن تواصل مشروع الدفاع عن الشعب وعن القضية.
أحمد منصور: هل لدى حماس القدرة –أيضاً- على أن تقوم بعمليات مواجهة في الخارج؟
رد فعل حماس إذا نقلت إسرائيل المواجهة إلى الخارج
خالد مشعل: أنا قلت حركة حماس حين اختارت طريق المقاومة من أجل انتزاع حقوق شعبنا ومن أجل الدفاع عن أمتنا أمام هذه الغزوة الصهيونية فإنها قادرة أن تحشد كل طاقتها، والصهاينة حين يواصلون استفزازاتهم التي نراها ونعايشها ونكتوي بنارها فإنهم يستفزون مليار ونصف مليار مسلم في العالم، وهم في مواجهة مع هذا.. مع هذه الأمة العريقة التي ستستيقظ يوماً وتعرف مسارها جيداً.
أحمد منصور: عندي سؤال من الأخ عبد العزيز سعد أبو الخير من السعودية يقول: حركة حماس تتواجد وحدها في الساحة، ما هي الجدوى من مقاومتها وهي لن تستطيع أن تغير شيئاً؟ وما هو رأيكم في بناء قاعدة من كل الحركات المعارضة للتسوية مع إسرائيل ليكون هناك دور فاعل أكبر من مجرد تحرك حماس وحدها على الساحة؟
خالد مشعل: حماس تؤمن أن قضية فلسطين هي قضية الأمة وقضية الشعب الفلسطيني كله، وبالتالي هي لا تحصر المقاومة في نفسها فقط، ونحن نتمَّنى أن ينخرط الجميع في تيار المقاومة سواء كانت قوى فلسطينية وأن تأتي اللحظة المناسبة التي تنخرط فيها الأمة في هذه المعركة، وحماس تمد يدها إلى كل قوى المعارضة الفلسطينية، ولدينا علاقات جيدة، ونتمنى أن يتمكن الجميع من مواصلة دوره.
أحمد منصور: هل هناك علاقات وتنسيق بينكم وبين القوى الفلسطينية الأخرى الموجودة على الساحة؟
خالد مشعل: نعم، منذ 6 سنوات وحماس لديها علاقات تنسيقية تحالفيه مع تسعة منظمات وفصائل فلسطينية، والحمد لله العلاقة جيدة ونحن في هذه الأيام نسعى إلى تطوير هذه العلاقة عبر تكوين جبهة فلسطينية واسعة تضم مختلف القوى والشخصيات والطاقات الفلسطينية من أجل حشدها في برنامج نضالي يعمل على إنقاذ هذه الحالة الفلسطينية المتراجعة والتي تسير في اتجاه الانهيار، ونحن واثقون أن..
أحمد منصور: منذ.. منذ مدة طويلة.
خالد مشعل: التجاوب سيكون كبيراً إن شاء الله.
أحمد منصور: نعم. منذ مدة طويلة لم تقم حماس بأيَّة عمليات عسكرية، ويشير المراقبون إلى أن إسرائيل نجحت -بالفعل بالتعاون مع السلطة الفلسطينية- في إجهاض المقاومة العسكرية المسلحة لحركة حماس، والدليل على ذلك هو عجز حماس عن القيام بأي عمليات طوال الفترة الماضية، ما تعليقك على هذا الأمر؟
خالد مشعل: ليس هناك عجز، والمجاهدون لا يعرفون لغة العجز، يا أخي (إيل عمون) نعم… قال قبل فترة: إن هناك قرابة 463 عملية تمت في عام 97، وهناك 6 عمليات كبيرة وعدد القتلى الصهاينة 29، والجرحى أكثر من 150، فلذلك العمليات متواصلة غير متوقفة، ولكن التباعد أو التقارب في العمليات لا يقرأ هذه القراءة الخاطئة، نعم الظروف صعبة، هناك معوَّقات سواء بالجهد الاستخباري وبالقمع الصهيوني المتواصل، وللأسف –طبعاً- بالتعاون الأمني الذي يتصاعد، رغم انهيار التسوية، بين الأمن الفلسطيني والأمن الصهيوني، هناك معوقات، قد تعيق هذه المعوقات، لكنها –بالتأكيد- لن توقف مسيرة المقاومة، وشعبنا الفلسطيني قادر أن يجترح في كل فترة إبداعات جديدة و.. وأساليب جديدة، وبالتالي نحن واثقون أن هذه المسيرة الجهادية متواصلة، ونحن كقيادة سياسية للحركة واثقون جدا في إخواننا المجاهدين في فلسطين سواء من أبناء حماس أو من كل أبناء شعبنا الفلسطيني.
أحمد منصور: شارون أعلن أن، يعني، إسرائيل ستقوم إذا قامت بعملية تصفية ستستخدم وسائل حديثة غير التي استخدمتها، مثل عملية السم التي استخدمت في المحاولة الفاشلة الأولي، وكل العمليات التي تقوم بها حماس هي عمليات تفخيخ أصبحت معروفة إلى الآن، إذا كانت إسرائيل ستطور من وسائلها من.. ما هو الموجود لديكم أو الجديد لديكم –أيضاً- في قضية الوسائل غير قضية الشعارات التي يمكن أن تطلق في هذا المجال؟
خالد مشعل: نحن لا نزعم –في حركة حماس- أن لدينا تكافئاً أو نديةً في القدرة العسكرية والتكنولوجية مع العدو الصهيوني، ولكننا نزعم، بل واثقون أننا نملك إرادة أقوى من إرادتهم، المعركة ليست فقط رهينة بالتكنولوجيا، إنما المعركة معركة إرادات، وأحياناً الوسيلة التقليدية عندما لا يتاح إلا مثلها، يكون فعلها مؤثراً جداً ما دام خلفها إرادة حديدية، خذ ،مثلاً، الحجر في الانتفاضة، هذه ليست وسيلة تقليدية فحسب، بل هذه من العصور الحجرية، ومع ذلك هذه أقضت مضاجع الكيان الصهيوني، وأجبرت قادته أن يقولوا: لتدفن غزة في البحر وتقذف فيه، وأجبرتهم أن يتحدثوا بلغة التسوية رغم أنهم كاذبون في ذلك، خذ، مثلاً، هم استعملوا السلاح الكيماوي المتطور الذي لم يعرف تكوين هذا السم الذي استعملوه ضدي في عملية الاغتيال، ومع ذلك تم إحباطه ببطولة مرافقي محمد أبو سيف، فإذن القضية ليست تكنولوجيا، القضية إرادة، مهما تفوقوا علينا، مهما أمدتهم أميركا بمائة مليون دولار هذه –فقط- من أجل التجهيزات الأمنية بعد شرم الشيخ لن يكسروا إرادتنا، نحن في حماس وكل الشعب الفلسطيني يملك إرادة ستهزم نتنياهو وشارون وكل هذه الحفنة المجرمة من قادة الصهاينة.
خالد مشعل: أنا قلت ليس هناك تكافؤ وندية من حيث التكنولوجيا والإمكانات الفنية، لكن لا يعني أيضاً أن حركة حماس لديها عجز أو لديها جمود عند وسائل محدودة، أضرب لك مثلاً آخر: خذ( يحيي عياش) الشهيد البطل الذي كان المطلوب رقم 1 أمام (رابين) و(بيريز) وكل القادة الصهاينة، هذا الرجل لم يتدرب لا في أميركا لا في المعسكر الشرقي ولا عند أي دولة في العالم، ومع ذلك -وهو خريج جامعة- ومع ذلك استطاع أن يبدع ويوظف دراسته وعقليته المبتكرة المبدعة استطاع أن يوظفها في تطوير قدرات فنية استطاعت أن تزعج الصهاينة وأن تقض مضاجعهم وأن توقع فيهم الخسائر الباهظة. نحن واثقون أن شعبنا الذي يمتاز بالإدارة وبالتحدي وبما منحه الله من خبرة وتجربة وذكاء هو قادر أن يبذل قصارى جهده في هذه المعركة، قد لا يصل إلى.. إلى مستوى الندية، ولكنه –قطعاً- قادر أن يضعف الصهاينة وأن يجبرهم في النهاية على الرحيل حتى تتحرر هذه الأرض المباركة.
أحمد منصور: أبو الوليد.. الآن معظم الأطراف دخلت في التسوية والواقع المستقبلي –ربما- سوف يجبركم، بعد ذلك، على ألا تستطيعوا –والضغوط الدولية- على ألاَّ تستطيعوا أن تواصلوا ما تقومون به من عمليات جهادية، لماذا لا تقبلون الأمر الواقع الآن وتدخلون في صلح أو في هدنة مع الإسرائيليين؟
خالد مشعل: يعني ليس معقولاً أن حماس التي رفضت منطق التسوية ومشروع أوسلو في أيامه الأولى، يوم أن كان مشفوعاً بالأماني المعسولة وبالأحلام والآمال، أن توافق عليه اليوم بعد أن كشفت عورته، وبعد أن بدأ يلفظ أنفاسه كما يتحدث أصحابه.
أحمد منصور: يمكن أن تدخلوا في شكل آخر من أشكال التسوية، ليس بالضرورة أوسلو يعني.
خالد مشعل: أقول –أيضاً- إن العلة ليست في الضغوط الخارجية، نحن في حماس لسنا حالمين، نحن نعلم أن الظروف صعبة، وأن هناك ضغوطاً هائلة على شعبنا الفلسطيني، وأن ميزان القوى مختل لصالح عدونا، ولكن الخلل يحدث في مسيرة أي شعب أو أي فصيل أو حركة عندما تكون هناك بذور انحراف وخطأ ذاتية، عند ذلك تكون للضغوط الخارجية تأثيرات. أنا أطمئنك يا أخي أحمد وأطمئن كل المستمعين أن حركة حماس لن ينكسر عودها أمام هذه التحديات، هي قادرة أن تواصل مسيرة الصمود والمقاومة، ميزان القوى الذي يميل لصالح عدونا لن يجبرنا على التفريط في شبر واحد من فلسطين، فالأرض أرضنا والقدس قدسنا، ومنطق التسوية -كما قلت لكم- فشل في الأمر الواقع، اصطدم على صخرة الواقع وعلى صخرة الإرهاب الصهيوني والعقلية الصهيونية البشعة الإرهابية المسكونة بكل القيم اللاإنسانية .
أحمد منصور: أما.. أما يوجد هناك مجال…
خالد مشعل: فمن العبث أن نبحث عن مسيرة سلمية.
أحمد منصور: أبو الوليد.. أما يوجد مجال هناك للهدنة أن تدخلوا في هدنة؟ والهدنة شرعاً، وأنتم تعتبرون المرجعية.. المرجعية الشرعية هي أساس لكم في انطلاقاتكم الهدنة استخدمت مع.. على مدار التاريخ الإسلامي واستخدمها الرسول –صلى الله عليه وسلم- أيضاً مع الأعداء لماذا لا تدخلون في هدنة أو تفاوضون على هدنة مع الإسرائيليين؟
خالد مشعل: نحن في أكثر من تصريح لقادة حماس وآخرها تصريحات الشيخ أحمد ياسين عندما تحدث عن الهدنة وأن حماس يمكن أن تقبل بعقد هدنة لفترة زمنية محددة في حال انسحبت الدولة العبرية من الضفة والقطاع والقدس وفككت المستوطنات مع عودة الشعب الفلسطيني وتفاصيل أخرى تم نشرها حماس قالت السلام ولكن…
أحمد منصور: هذه الشروط مستحيل أن تقبل…
خالد مشعل : ولكن.. ولكن هنا أريد أن أقول حقيقة: الإمكانية العملية لمثل هذه الهدنة تتحقق حين ينحاز الطرف الآخر إلى السلم، أو يجنح، كما في الآية القرآنية، ولكن من.. هل هناك جنوح للسلم عند الصهاينة اليوم؟ فحماس، نعم، يمكن أن تقبل بالهدنة دون أن تفرط في الحق الفلسطيني الكامل، وإنما هي هدنة مؤقتة، ولكن العدو الصهيوني اليوم لم يجنح للسلم، وهو يتصرف بكل غطرسة، ولذلك ينبغي أن يكون الجهد الحقيقي اليوم هو في الحديث عن التقوية، عن تقوية موقفنا، عن الصلابة، عن الصمود، عن تصعيد المقاومة، بصراحة.. حتى في المنطق، يعني لا يجوز أن يلجأ العرب، وكذلك الفلسطينيون أو أي شريحة من الشرائح، أن تتحدث اليوم عن موضوع الهدنة، وعن التسوية، وعن منطق التعايش بينما العدو الصهيوني يرفع راية العنف وراية الإرهاب والتهديد، ولا يكتفي بمجازره ضد شعبنا الفلسطيني وبالحصار والتجويع وتهويد القدس والخليل وبناء المستوطنات، بل يمد عدوانه ويبسطه نحو عالمنا العربي الإسلامي: في الأردن وفي تركيا، ويهدد إيران، ويهدد العراق، ويريد أن يُعطِّش مصر.
أحمد منصور : معني ذلك أنكم ترفضون حتى.. ترفضون حتى مبدأ الهدنة مع الإسرائيليين؟
خالد مشعل: لا، أنا لم أقل هذا، أنا قلت: أن الهدنة يمكن أن تتحقق عندما تتوفر ظروفها الموضوعية، لكن أقول: أن عدونا اليوم لم يجنح إلى السلم وبالتالي من العبث اليوم أن نغرق أنفسنا أو أن نشغلها في الحديث عن التسوية، ينبغي أن نستفرغ الجهد اليوم من أجل توحيد الشعب الفلسطيني، توحيد الأمة، بناء استراتيجية مواجهة وليست استراتيجية خضوع أو.. أو أن نركض وراء الإملاءات الأميركية والصهيونية..
مرجعية المقاومة
خالد مشعل: يعني أنا أولاً في المسألة الأولي بلا شك نحن لا نثق في الصهاينة، لأن تاريخهم وعقليتهم وسلوكهم اليوم الذي نراه ونعيشه يدل على أنهم قوم غزاه محتلون، وليس بيننا وبينهم إلا المواجهة حتى ينجلي هذا الاحتلال الظالم عن فلسطين، أما أن يكون هناك في كل بلد مجاهد ومن يمثل تيار الصمود والثبات فنحن نتمنى ذلك، وهذه رسالة إلى كل الشعوب العربية والإسلامية، بل إلى الدول ذاتها، ونتمنىَّ أن تتواصل هذه النهضة وهذا الشعور المتصاعد في البلاد العربية والإسلامية حتى يدرك الجميع أن هناك مواجهة قادمة لابد منها ولابد من الاستعداد لها.
أحمد منصور: هل مرجعيتكم في المقاومة مرجعية شرعية تعود إلى أصول دينية وحركة حماس هي حركة حماس الإسلامية، أم أن مرجعيتكم في المقاومة هي مرجعية وطنية وطرد.. والرغبة في أن تخرجوا المحتل من بلادكم، ما هي المرجعية الأساسية لكم في عملية المقاومة التي تقومون بها ضد إسرائيل؟
خالد مشعل: وهل تعتقد أن هناك تعارضاً بين هذه المشاعر الوطنية وبين هذه البواعث الدينية؟ نحن فلسطينيون ونحن عرب، ونحن مسلمون، ونحن نقاوم الاحتلال لأنه احتل أرضنا وشرد شعبنا ودنس مقدساتنا، ونحن حين نقاوم هذا الاحتلال نحن نحافظ على هويتنا الفلسطينية والعربية والإسلامية، ونعتز بإرثنا الحضاري وهو عدتنا في المعركة، وإذا كان أعداؤنا لا يستحيون من التعبير عن معتقداتهم فلماذا نستحي من التعبير عن معتقداتنا؟ نعتقد أن الإسلام يعزز البعد الوطني، ولكن يضعه في الإطار الصحيح ويوجِّهه الوجهة الصحيحة.
العمليات الاستشهادية
أحمد منصور: لماذا لا تخرجون المدنيين من عمليات المواجهة بينكم وبين الإسرائيليين؟ حماس من خلال العمليات المفخخة أو العمليات العسكرية تطال كثير من المدنيين الإسرائيليين، وهناك من يرى أن هذا أمر فيه شكل من أشكال الإرهاب أو الاعتداء على أناس ليس لهم دور في المعركة، لماذا لا تجنبون المدنيين هذه العمليات وتقتصرونها على العمليات العسكرية فقط؟
خالد مشعل: لاحظ أخي أحمد معي، متى بدأت العمليات الاستشهادية لمجاهدي حماس؟ بدأت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، فجاء الرد في (العفولة) و(الخضيرة) وما بعدها، أي أن العمليات هذه جاءت رداً على مجازر العدو ضد شعبنا، من أيام قليلة كانت مجزرة (ترقوميا) ضد عمال، والذي ارتكب المجزرة ليسوا مستوطنين أو مختلين عقلياً، ولكن جنود يخدمون في.. في جيش نظامي وفي حالة الخدمة، فأمام هذا السلوك الصهيوني الذي لا يفرق بين امرأة ولا بين رجل ولا طفل، لاحظتم معي -قبل أيام- في نشرات الأخبار هذه المرأة الفلسطينية (زهور الأطرش) هذه التي جروها وهدموا بيتها مرتين، وجروها بصورة بعيدة عن أي قيم أو خلق، ماذا تتوقع من الشعب الفلسطيني حين يرى هذا الفعل، حين يرى الإساءة لشخص الرسول –صلى الله عليه وسلم- وللسيدة مريم العذراء، ويمزق المصحف الشريف، وتهود القدس، وتهود الخليل، والإمعان في الاستيطان، بينما أربعة ملايين أو خمسة ملايين فلسطيني يحرموا من حقهم في الوطن وفي العودة؟ وحتى الأربعة ملايين فلسطيني الذين يعيشون في الضفة والقطاع وفي فلسطين المحتلة عام 48 هؤلاء يعانون –أيضاً- من الظلم ومن العنصرية الصهيونية، ومن القمع، ماذا تتوقع عن الشعب الفلسطيني؟ ومع ذلك حركة حماس في الماضي وبشكل متكرر أعلنت أن الصهاينة إذا توقفوا عن قتل الشعب الفلسطيني، عن قتل المدنيين وهدم البيوت والعقوبات الجماعية فإن الحركة عندها استعداد أن تتوقف عن استهداف المدنيين، فهل استجاب القادة الصهاينة لذلك، بالعكس يمعنون، رغم معرفتنا أن الصهاينة في مجملهم وفي غالبيتهم شعب مسلح، هناك حوالي 350 ألف مستوطن في الضفة وفي القطاع، هؤلاء غير سكان القدس، وهؤلاء مسلحون ويمارسون القتل ضد أبناء شعبنا ويجرون الأطفال وبأعقاب البنادق يقتلونهم، فأعتقد أن من حق الشعب الفلسطيني أن يدافع، الشعب الفلسطيني اليوم هو الضحية وهو في موقع الدفاع عن النفس، ولذلك ينبغي أن توجَّه الاتهامات وأن توجه الأسئلة إلى الصهاينة الذين بدأوا جريمته.. بدأوا الجريمة، هم بدأوا العدوان، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يدافع عن نفسه.
خالد مشعل: .. نحن لا ننتظر الآخرين، نحن نمارس المقاومة، ونمارس الجهاد، ونمارس الصمود، ونمارس عملية الإيقاظ والتوعية سواء على الصعيد الفلسطيني أو العربي والإسلامي، ومع ذلك، وفي ذات الوقت وبشكل موازن نحن –أيضاً- ننطلق في هذا العالم العربي والإسلامي الرحب رغم معرفتنا بحالة العجز العربي والإسلامي ولكن لا.. لابد من حالة اليقظة والنهوض العربي والإسلامي،” والخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة” والأمة -وإن استنكفت عن الطريق قليلاً وإن ضعفت في فترات تاريخية- ولكن التاريخ علمنا أن الأمة تنهض بعد كل كبوة، نحن واثقون في أمتنا، واثقون في شعوبنا، حالة الضعف هذه طارئة ليست أصيلة في أمتنا، ليس على مستوى الشعوب وحدها، حتى على مستوى الأنظمة والحكام، نحن نزورهم ونتصل بهم ونبلغهم الموقف ونحث الجميع أن يقف صفاً واحداً أمام المشروع الصهيوني، لأن الجميع مستهدف، فنحن من موقع العمل، من موقع المقاومة نمارس التواصل مع عمقنا العربي والإسلامي، مع أمتنا، هذه هي سندنا، والخير كما قلت كامن في الأمة يحتاج إلى استثارة، وهذا السلوك الصهيوني المستفز بدأ يوقظ، وهناك -الحمد لله- ملامح صحوة، وهناك -حتى على الصعيد الرسمي- بعض الصحوة و.. و التحسن في الموقف السياسي نأمل أن يتطور إلى الأفضل، ولذلك نحن واثقون ومتفائلون ومستبشرون وستكون العاقبة لنا إن شاء الله.
أحمد منصور: أبو الوليد.. هناك سؤال أساسي حول عملية التمويل التي تتم لحماس الآن بعدما أشار الأخ في سؤاله إلى عملية الحصار التي تتم على حماس وفي الولايات المتحدة يعتبر من يقدم أي دعم لحماس يدعم منظمة إرهابية، وأيضاً في بعض الدول الأخرى، من أين لحماس التمويل سواءً للقيام بعملياتها العسكرية أو بعملية الدعم العام للحركة؟ بإيجاز ووضوح أيضاً أرجو ذلك.
مصادر تمويل حماس
خالد مشعل: إن شاء الله، أولاً رأس مالنا الكبير في المقاومة هو المجاهد، هو الإنسان، وهذا ليس بحاجة أن نشتريه، هو يقبل على المقاومة والموت إقبالاً، أما بالنسبة للمال فنحن نعتقد بما نقوم به من دور في مواجهة العدو وصد خطره عن الأمة نعتقد أن لنا حقاً أصيلاً وكبيراً لدى الأمة جميعاً، ولدى الدول أن تدعم حماس وأن توجِّه أموال الدعم ليس إلى المؤسسات التي تخلت عن المقاومة، ولكن إلى الحركة التي تقود المقاومة وهي حماس، حتى تقوم بواجبها، وحتى تثبت الشعب الفلسطيني وتعينه على الصمود وتسد حاجة المحتاجين في فلسطين، وأسر الشهداء والمعتقلين، وحتى يكون الإنسان الفلسطيني قادراً على المواجهة.
أحمد منصور: لكن هناك معلومات…
خالد مشعل : نحن لنا هذا الحق، أما على الصعيد من أين تأتي حماس اليوم بأموالها؟ تأتي من أهل الخير، من هؤلاء الذين يستمعون إلينا الآن في هذه اللحظة، وكما قلت ثقتنا في أمتنا كبيرة رغم كل تهديدات كريستوفر سابقاً، وأولبرايت لاحقاً وكل القادة الأميركان أو الصهاينة، فإن شعبنا العربي والمسلم شعب أصيل يوصل المال إلى حماس بطرق لا تستطيع الإدارة الأميركية أن توقفها.
أحمد منصور: يقال أن هناك بعض الدول تدعمكم ومنها إيران.
خالد مشعل: ليس هناك دعم، نحن نقدر الموقف الإيراني جيداً، فموقفها السياسي وموقفها في نصره حماس و.. و القضية والشعب الفلسطيني موقف عظيم وكبير، ولكن نقول: نحن أموالنا التي نتلقاها هي أموال شعبية، لا تزال في هذا الإطار، ومع ذلك نحن لا نستحيي من المطالبة، ونقول: نريد من كل الدول أن تدعمنا، ونريد.. إذا كان.. إذا كانت الدول العربية اليوم بسبب اختلال موازين القوى غير قادرة على الدخول في المعركة العسكرية والمواجهة فلا أقل من أن تدعم المجاهدين، هذا حقنا، ولذلك نحن بكل وضوح نطالب بهذا الحق ونقول: إن المال الذي يأتينا من الشعوب هو مال مبارك، ولكنه لا يكفينا بكل صراحة، وهذه نقطة معاناة و.. ولولا أن هذا المال مبارك، ولولا أن حماس لديها –الحمد لله- نظافة في.. نظافة مالية كما عندها النظافة السلوكية والخلقية وإلا فإن هناك أزمة كبيرة كانت ممكن أن تنشأ داخل حركة حماس، الحمد لله أيدي حماس نظيفة وأمينة، والمال يذهب إلى المحتاجين وإلى مجالات الإنفاق الحقيقية، ولكن تبقى حاجتنا كبيرة ونأمل كل من يستمع لنا أن يبادر إلى الدعم وأن يبلغ غيره للدعم، وهذه رسالة أوجِّهها للجميع.
أحمد منصور: ما طبيعة العلاقة ما بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية في ظل التدهور القائم الموجود الآن، إلى أين وصلت العلاقة بينكم وبين السلطة؟
طبيعة العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية
خالد مشعل:يؤسفني أن أقول: إن العلاقة ليست جيدة، ليس من طرفنا ولكن من طرف الأخوة في السلطة الفلسطينية، كان من الطبيعي، في ظل تدهور التسوية وفي ظل الممارسات الصهيونية خاصة في عهد نتنياهو، وفي ظل عجز العالم كله وخاصة الإدارة الأميركية، أن تقدم حقاً للشعب الفلسطيني، أو أن تفي بتعهداتها في تطبيق أوسلو التي وقعتها السلطة مع العدو، كنا نأمل أن تنصرف السلطة الفلسطينية إلى خيار آخر وتعود إلى شعبها، وتفتح صفحة جديدة، وتتوقف عن الممارسات السابقة رغم أنها مدانة في أي لحظة سواء اعتقال، إغلاق الحريات، التعذيب، إغلاق المؤسسات التي هي أصلاً بنية تحتية للشعب الفلسطيني.
أحمد منصور : لكن هناك بعض المعلومات.
خالد مشعل: كنا نتمنَّى… عفواً أخ أحمد..
أحمد منصور: تفضل.
خالد مشعل: كنا نتمنى أن يتحول الموقف السياسي للسلطة باتجاه إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفتح حوار جاد مع حماس وبقية القوات، لكن –للأسف- هذا لم يحدث، وبقيت… كأن السلطة تراهن على هذه الزيارات المكوكية العبثية الفارغة لبعوث الإدارة الأميركية، أو تراهن على الوعود التي يقدمها نتنياهو، ومع ذلك حماس لا تزال تفتح قلبها من أجل فتح صفحة جديدة، لأننا نعتبر أن الشعب الفلسطيني في النهاية مستهدف ولابد من تعزيز وحدته، ولابد من هذا الحوار بين كل قواه على قاعدة التمسك بالحقوق الفلسطينية ومواجهة الاحتلال.
أحمد منصور: يا أخ خالد هناك بعض المعلومات تشير إلى أن هناك محاولات لجمع أو لعقد لقاء أو مفاوضات أو حوار بين حماس والسلطة الفلسطينية في القاهرة على غرار ما حدث في عام 95، باختصار ما مدي صحة ذلك؟
خالد مشعل: نعم كان هناك ترتيبات عبر بعض الوسطاء من أجل ترتيب لقاء في الخارج، وكان موقف حماس إيجابياً جداً، رحبنا وكنا –دائماً- نحن المبادرين وقلنا لينعقد اللقاء في أي عاصمة عربية أو إسلامية لتكن القاهرة أو غيرها، ولكن للأسف بعد ذلك لم تكن هناك أي خطوة بالاتجاه الإيجابي من طرف السلطة، وكما قلت لعل السلطة رأت أن المراهنة على وعود (دينيس روس) و(أولبرايت) و(كلينتون) أولى من أن تعود إلى شعبها، ومع ذلك، اسمح لي يا أخ أحمد..
أحمد منصور: تفضل.
خالد مشعل: يعني أنا عبر شاشة (الجزيرة) التي تُكن لها كل تقدير، عبر هذه المحطة الجادة، أنا أُوجِّه دعوة إلى القيادة الفلسطينية، وإلى قيادة السلطة الفلسطينية، إلى الأخ أبو عمار إنه يكفي ما أُعطي لأوسلو من السنوات الماضية، يكفي 4 سنوات، ويكفي سنة كاملة من هذه المفاوضات العبثية العقيمة في ظل (نتنياهو)، وتعالوا تفتح صفحة جديدة، هذه دعوة صادقة مخلصة نفتحها لكل أبناء شعبنا وفي مقدمتهم إخواننا في السلطة الفلسطينية، تعالوا لنعيد ترتيب البيت الفلسطيني، تعالوا نثق من جديد في قدرات شعبنا التي يمكن أن تركع الصهاينة، ويمكن أن تجبرهم على الرحيل، ولعل نموذج جنوب لبنان كيف أصبح غلاة الصهاينة مثل شارون يتحدث عن انسحاب بلا شروط، تعالوا نفتح هذه الصفحة الجديدة ونعضد جهودنا ونبني استراتيجية فلسطينية ثم ندعمها باستراتيجية عربية وإسلامية حتى نخرج من هذا النفق المظلم، من هذه الأزمة التي بدأت تجني على شعبنا من جديد، وهناك تراجع.. ليس هناك مجرد جمود، بل هناك تراجع كل يوم، هذه الدعوة مخلصة لكل الشعب الفلسطيني، للسلطة الفلسطينية تعالوا نفتح هذه الصفحة وحماس جادة فيما تقول، ومستعدة أن تتحمل تبعات هذا الجهد الوحدوي وأن نبني وحدة وطنية فلسطينية عميقة من أجل أن ننتزع حقوقنا من الصهاينة ونعلمهم إنه شعب فلسطين أعظم من كل هذه الحفنة المجرمة من الصهاينة، لأنه -والله- إنه المنظر اللي بنشوفه كل يوم من موقف الوفود الفلسطينية هذا الضعف، هذا الهوان اللي بنعيشه كل لحظة أمام هذه العنجهية الصهيونية، هذه العربدة، هذا الاستخفاف الحقيقة إنه مؤلم، لأنه في النهاية يمس شعبنا، وشعبنا أعظم من أن يتحول جزء منه إلى هذه الحالة المذرية، فيا أخ أبو عمار أنت الآن في مرحلة حساسة وحرِجة ولتسجل نقطة مضيئة في تاريخ هذه القضية بدل أن نبقى نتآكل وتنحت هذه الأحداث المؤلمة في صخر صمود شعبنا، وفي حقوق شعبنا، تعالوا نفتح صفحة جديدة، وأنا واثق أن شعبنا قادر أن يصنع المعجزات وأن يجبر الإدارة الأميركية أن تغير لهجتها، أخ أبو عمار.. ألا ترى تصريحات (نيلسون مانديلا) هذا الرجل العظيم الذي قاد جنوب أفريقيا للتحرير، جاءة (كلينتون) لم يستح من (كلينتون) وتكلم بكل صراحة، بكل قوة، لم يساوم في علاقته مع إيران أو كوبا أو ليبيا، وقال اللي مش عاجبه يشرب من البحر أو يفعل اللي بده إياه، كان رجلاً واضطر (كلينتون) أن يحترمه، ما اغتاله ولا.. ولا أنهى جنوب أفريقيا وبقيت جنوب أفريقيا، دولة شامخة بشموخ قائدها، فلماذا نصغر أنفسنا عند هذه الحفنة المجرمة من أمثال (شارون) و(نتنياهو)؟ هؤلاء.. هؤلاء حفنة مشوَّهة من البشر، لماذا نُصغِّر أنفسنا أمامهم؟ أخ أبو عمار.. كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إحنا حوالي 8، 9 ملايين فلسطيني ومعنا أمة عريقة، أنا عارف الأمة ضعيفة اليوم، ولكن هذه لحظة تاريخية لا يجوز إنه نتنازل فيها، أنا أقول هذه الدعوة صادقة وآمل أن تلقى آذاناً صاغية، ونحن مستعدون للترحيب بأي دور عربي أو إسلامي ليكون شاهداً على هذه اللحظة التاريخية التي يتكاتف فيها الجهد الفلسطيني من أجل إنقاذ حقوق شعبنا والتصدي للهجمة الصهيونية.
أحمد منصور: كيف تصل المساعدات إلى أبناء الشهداء أبو الوليد؟
خالد مشعل: الحمد لله أن حماس تعطي الأولوية في إنفاقها لأسر الشهداء وأسر المعتقلين، ولا شك أنهم يعانون معاناة كبيرة، هذه الأسر اللي ضحت بأبنائها وفلذة أكبادها، هذه حق كبير لها علينا، أن نقدم لها العون خاصة ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك، فالعوائل في كل العالم العربي والإسلامي تفرح وتلبس الجديد وتعيش بين أطفالها.. بين آبائها وأمهاتها ويعيشون الحياة الفرحة السعيدة، ينبغي أن نُدخل السرور على قلوب هذه العوائل كما أدخل الشهداء وهؤلاء الأبطال المعتقلون خلف السجون.. كما أدخلوا الفرحة إلى قلوبنا حين مارسوا نضالهم وأفرحونا بمجاهدة هؤلاء الأعداء الصهاينة، حماس –الحمد لله- لديها طريقتها، رغم كل هذا الحصار، رغم كل هذا التضييق، رغم كل الجهود الأمنية التي تلاحق حماس وتلاحق أموال حماس وتلاحق شباب وأبناء حماس، لكننا –الحمد لله- نوصل الأموال، أموال الدعم إلى هذه الأسر فاطمئنوا من هذه الزاوية، القنوات آمنة وتصل، ولكن –بصراحة- المال قليل، خاصة هناك غلاء كبير وفاحش سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، وللأسف أن المبالغ التي نوصلها تبقى محدودة، لأن الذي بين أيدينا محدود، نتمنَّى أن تتضاعف المبالغ التي تقدم لأسر الشهداء والمعتقلين وهذا التضاعف يحتاج إلى جهودكم جهود كل الخيِّرين في العالم العربي والإسلامي الذين نقدرهم وندعو لهم، لأنه الشعب الفلسطيني حتى يواصل مقاومته يحتاج إلى إسناد ودعم، شعبنا مهما بلغت حالته لن يتخلى عن المقاومة، ولكن بحاجة إلى دعمكم وإسنادكم والأجر على الله، ولتشتركوا مع مجاهدي حماس في المعركة من خلال الدعم، فالله خضنا على الجهاد بالنفس وبالمال.
أحمد منصور: شكراً لك، يإيجاز أبو الوليد ممكن تروي لنا القصة، قصة محاولة الاغتيال الأولى بإيجاز؟
خالد مشعل: أولاً: أحب أن أجيب على الأخ الأول الذي سأل عن موضوع الحساب، رقم الحساب، فأقول طبعاً أنت على الهواء مباشرة وليس بهذه الطريقة يقدم الدعم، فالآذان الأميركية صاغية الآن، ولكن إبحث عمن تثق فيهم فسيوصلون المال إلى حماس إن شاء الله، فمؤيدو حماس وأنصارها مبثوثون في العالم كله ولله الحمد، لن تعجز أن توصل المال لنا إن شاء الله.. أما فيما يتعلق بالحادثة: لقد مضى زمن طويل عليها بالحادثة ولا داعي للحديث عنها، لكن –على الأقل- الجهد الذي بذله مرافقي وأخي محمد أبو سيف والمرافق الآخر كان جهداً –بلا شك- كبيراً بسبب الإخلاص والصدق والثقة بالنفس والإخلاص للمهمة التي يقومون بها مع توفيق الله –سبحان وتعالى- قبل كل ذلك طبعاً، فعملاء الموساد بعد أن ارتكبوا جريمة المحاولة للاغتيال هربا واستقلا سيارة كانت بانتظار المجرمين، وطبعاً الأخ أبو سيف لاحقهما وكان هناك فترة انقطاع، فأوقف سيارة وهذا الرجل يعني سمح له أن يركب معه –كان رجل من أبناء الشعب- وقاده واستطاع الأخ أبو سيف أن يتعقب سيارة العملاء رغم أنه مضت فترة زمنية بينهما، وهذا كله من توفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بعد حوالي نصف كيلو من المسير رأى –الأخ أبو سيف- رأى عميلي الموساد فنزل من السيارة وركض خلفهم واستمرت الملاحقة لمسافة حوالي 400 متر، ثم استطاع أن يمسك بهما وبدأت طبعاً صراع بينهما واستعملوا معه آلة حادة ضربوه على رأسه وكاد يفقد وعيه ونزل الدم غزيراً على عينيه وعلى وجهه، ولكن الله -سبحانه وتعالى- أعانه واستطاع أن يثبت.. أن يمسك بهما وأن يوثق هذين العميلين إلى أن جاء أيضاً واحد من أبناء الشعب من.. وهو من جيش التحرير الفلسطيني في الأردن واستطاع أن يمسك بهما ثم يسلمهم إلى الأمن الأردني الذي بعد ذلك واصل دوره .
أحمد منصور: الأخ..
خالد مشعل: فالحمد لله هذا يدل على إنه أبناء شعبنا كلهم أخيار وفيهم شهامة ورجولة، وهذا العدو المتغطرس لن ينتصر علينا بإذن الله حتى لو بأصابعنا المجردة سوف ننتصر على هؤلاء الصهاينة الذين يملكون كل هذا السلاح المتطور، الـ 200 رأس نووي اللي تملكهم إسرائيل وفق التقديرات القديمة لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن نقبلها لتسويغ وتسويق الاستسلام والانهيار، ولذلك نحن متفائلون وواثقون إن شاء الله.
خالد مشعل: نحن لنا علاقات واسعة مع كل القوى الفلسطينية والعربية والإسلامية بما فيها إخواننا في حزب الله، وهي علاقات نعتز بها، ونحن أمة واحدة في النهاية يجمعنا الهدف المشترك والمصير المشترك، ونحن جميعاً في معركة واحدة أمام المشروع الصهيوني، ولذلك نعم علاقاتنا طيبة وجيدة مع الجميع. السؤال الأول اللي ذكره بالنسبة لموضوع الترتيبات.
أحمد منصور : حجم الاحتياطات الأمنية حولك نعم.
خالد مشعل : والحماية نعم، نحن لا نأخذ تهديدات الصهاينة باستخفاف، نعلم أنهم أناس مجرمون وإرهابيون، ولكن نقوم بإجراءاتنا الوقائية بكل سكنية وطمأنينة، هكذا -الحمد لله- هو شأننا، وهناك إجراءات جيدة تقوم بها الحركة وفق الإمكانات المتاحة، وأنا أقول بكل صراحة أنا ثقتي كبيرة بكل شاب من شباب حماس، هؤلاء الشباب رغم أنهم لم يتلقوا ما تلقاه غيرهم من أجهزة الأمن في العالم، ولكن هؤلاء الشباب أثق في قدرتهم وإبداعهم ونضالهم، وكم من أجهزة أمنية لم تحفظ زعماءها في اللحظة المناسبة، ولكن شبابنا رغم أنهم لا يملكون إلا القليل من الإمكانات، ولكنهم يملكون إرادة ودربة وخبرة إن شاء الله سيتفوقون على الموساد الصهيوني.
أحمد منصور: أبو الوليد.. أبو الوليد لم يعد لدي سوى ثوان معدودات، لكن أريد -بعيداً عن الشعارات وفي نطاق إنساني وفي نطاق المشاعر الإنسانية- يعني أنت كأب وكزوج ما هي مشاعرك الإنسانية تجاه هذا التهديد وأنك أصبحت المطارد رقم واحد الآن من الإسرائيليين؟ في كلمات معدودة.
خالد مشعل: صدقاً يا أخ أحمد ولكل المشاهدين: أنا ممتلئ طمأنينة وسكينة، وعائلتي تشاطرني هذه الطمأنينة، بعد هذه التجربة وبعد أن اقتربنا من حافة الموت، الموت لا يخيفنا، هو رفيقنا في هذا الدرب، والموت بوابة إلى الخلود والشهادة في سبيل الله وهو ما نتمناه، ثم يا أخي.
أحمد منصور: شكراً أبو الوليد، شكراً أبو الوليد.
خالد مشعل: إذا سمحت لي دقيقة.. لحظات.
أحمد منصور: لم يعد.. أصبحنا خارج الوقت، ولكن إذا هناك كلمات معدودة بعد إذنك.
خالد مشعل: معدودة، أنا أقول: إن الشعب الفلسطيني كله مستهدف، وهؤلاء إخواني في السجون، هؤلاء الأبطال، هؤلاء المطاردون من مجاهدي حماس، هؤلاء هم الذين نعيش معهم لحظة بلحظة، فهم –أيضاً- مستهدفون من الموساد الصهيوني، ثم حماس -يا أخي- ليست خالد مشعل وحده، حماس تيار عريض في شعبنا وأمتنا، لن تتوقف حماس باستشهاد مشعل أو غيره من القيادات.
أحمد منصور: شكراً.. شكراً، شكراً الأخ خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس)، كما نشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الختام هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.