تحديات انتصار حركة حماس

” العالم يعيش حالة من الصدمة وعدم التوازن ” قالها لي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الأسلامية حماس حينما اتصلت به يوم الجمعة الماضي لأسأله عن أثر الفوز الكاسح الذي حققته حركة حماس فى الأنتخابات التشريعية الفلسطينية والذي فاق كل التوقعات ، وأوقع العالم كما قال مشعل فى حالة من ” الصدمة وعدم التوازن ” ، لكني اعتبرت علي الفور أن الفائز الأول فى هذه الأنتخابات هو محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الذي أجري واحدة من أفضل الأنتخابات النزيهة فى العالم العربي فاستحق أن يدخل التاريخ من هذا الجانب ، حيث أن التزوير هو السمة البارزة لمعظم الأنظمة العربية حتى أن الأنتخابات المصرية لم يكتف القائمون عليها بالتزوير بل قتل خلالها وجرح ما يزيد على خمسمائة مصري فى جريمة بشعة لازال مرتكيوها لم يقدموا للقضاء بعد .
كما أن الفائز الثاني هم حركة فتح الذين وإن كان بعض قادتهم قد بلغت بهم الصدمة مبلغا عظيما إلا أنهم أعلنوا على الفور التزامهم وقبولهم بقواعد اللعبة الديمقراطية وأنهم سوف يتركون لحماس تشكيل الحكومة القادمة .
أما الفائز الثالث فهم حركة حماس التى أصبحت أمام تحديات ربما تكون أكبر بكثير من قدراتها ، فالوضع الفلسطيني المعقد وعدم وجود خبرة سابقة للحركة فى إدارة الدولة أو حتى المشاركة البرلمانية ربما كان أحد الدوافع لدي كثير من قيادات فتح لأغراق حماس فى مستنقع الحكم ، وهي تجربة لاشك ستكون صعبة للغاية لاسيما فى مراحلها الأولي ، فالحديث من مقعد المعارضة مفتوح وليس عليه مسئوليات أما ممارسة السلطة أو الحكم فإن لها توابع ووسائل وأساليب أخري لاسيما فى مناطق السلطة الفلسطينية التى لازالت فعليا تخضع للأحتلال الأسرائيلي .
لقد نجحت حماس فى التكتيك الدعائي و الأنتخابي ولجأت إلي خبراء ومستشارين عالمين فى مجال الدعاية الأنتخابية ، ودربت كوادرها بشكل علمي على كيفية حشد الناخبين وراء مرشحي الحركة ، كما أنها ابتعدت عن إثارة مشاعر الناس كما فعل الأخوان فى مصر حينما رفعوا شعار ” الأسلام هو الحل ” وأثاروا كثيرا من الزوابع ضدهم فكانت حماس أكثر وعيا من الناحية السياسية فطرحت شعارا وبرنامجا يجمع عليه كل الناس هو ” الأصلاح والتغيير ” وهو مطلب شعبي عام علي الأخوان فى مصر أن يستفيدوا منه إن أرادوا أن يجمعوا الشارع حولهم ، كما أن البرنامج الذي طرحته حماس من الناحية النظرية إذا نجحوا فى تطبيقه فإنهم سيخرجون المجتمع الفلسطيني من المعاناة الشديدة التى يعيشها إلى حياة أفضل .
أما حالة الهلع التى سيطرت على الغرب فإنها كشفت مقدار الزيف الذي يمارسه الغرب بالنسبة للديمقراطية ، فالديمقراطية لديهم يجب أن تكون على هواهم وأن تأتي بالتابعين لهم ، لكن خيار الشعوب العربية كما حدث فى الأنتخابات الأخيرة فى كل من مصر وفلسطين أثبت أ ن الشعوب لها خيار آخر ، أما الحرس القديم الذي أشار إليه بوش فإنه السبب الرئيسي وراء كثير من الكوارث التى تعيشها الشعوب ، ومن ثم فإن الغرب الذي ينادي بالديمقراطية عليه أن يحترم خيارات الشعوب العربية ، وأن يتعامل مع الواقع الذي تفرزه الأنتخابات ، وقد سألت إسماعيل هنية قائد حماس فى فلسطين فى حوار أجريته معه فى الأٍسبوع الماضي عن اعتراض الغرب على وصول حماس للسلطة وتحفظات على التعامل معها ، فقال إن الجميع سوف يرضخ للأمر الواقع ، وقد أخذ الخطاب الغربي مناحي مختلفة لكنه فى النهاية سوف يرضخ لخيارات الشعب الفلسطيني وقد أخبرني مسئول سياسي بارز فى حركة حماس أن الخطاب الأوروبي الأعلامي يختلف عن الخطاب الرسمي الذي أبلغت به حماس قبيل الأنتخابات من أطراف أوروبية عديدة بأن أوروبا سوف تتعامل مع حماس إن كانت هي خيار الشعب الفلسطيني .
إن زلزال حماس لن يتوقف عن الضفة وغزة وإنما سوف يمتد إلى كل الجوار إن نجحت حماس فى تحمل مسئولية الأنتصار وعلى الحكام العرب أن يكون أبومازن لهم قدوة ليعطوا شعوبهم الفرصة الحقيقية فى الأختيار وليدخلوا التاريخ بدلا من أن يكون مصيرهم مزبلته .

Total
0
Shares
السابق

التصويت ضد الحزب الحاكم في مصر

التالي

الخوف من حركة حماس

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share