مآسي الحرب على الإرهاب

رغم مرور ما يقرب من ست سنوات علي الحرب التى أعلنتها الولايات المتحدة وحلفائها علي ما يسمي بالإرهاب إلا أنه بشهادة الخارجية الأمريكية فى تقريرها الأخير الذي نشر في بداية مايو الماضي فإن ضحايا الأرهاب فى العالم قد زاد عددهم فى العام الماضي 2006 بنسبة أربعين فى المائة ، أما مركز الأمن و القانون الأمريكي فقد نشر دراسة في مارس الماضي قال فيها :” إن الحرب علي الإرهاب قد حولت العالم إلي مكان مخيف ”  ، أما صحيفة الأنبدنبت البريطانية فقد نشرت دراسة معمقة في سبتمبر 2006  قالت فيها : ”  إن حرب أمريكا وحلفائها علي الأرهاب قد أدت إلي مقتل مائة وثمانين ألف شخص وتحويل أربعة ونصف مليون شخص إلي لاجئين  ومشردين ، كما أن الأموال التى أنفقتها الولايات المتحدة علي الحرب علي الأرهاب كانت تكفي لسداد جميع ديون الدول الفقيرة علي وجه الأرض  ” ، وقد دفع هذا مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي إلي أن يشن هجوما حادا علي الولايات المتحدة وحلفائها فى مقال نشره في منتصف إبريل الماضي قال فيه : ”  إن الولايات المتحدة هي التى أوصلت العالم بسياساتها  إلي ماهو عليه بعد خمس سنوات من غسيل الدماغ والتخويف ” وأضاف بريجنسكي الذي يصنف علي أنه أحد أبرز خبراء الأمن القومي فى الولايات المتحدة : ” ” الحرب علي الأرهاب كلمة مكونة من ثلاث كلمات فقط ، لكنها أوجدت ثقافة خوف عامة فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وتلك الكلمات التى جعلت منها إدارة بوش شعارا وطنيا منذ أحداث 11 سبتمبر لها تأثير بالغ الضرر علي الديمقراطية فى أمريكا ” وشن بريجنسكي هجوما  علي ما يسمون في الولايات المتحدة وغيرها باسم خبراء الأرهاب قائلا : ” هذا الترويج للخوف يستمد زخمه فى الواقع من قبل مجموعة من المقاولين الأمنيين حيث أن هناك مجموعة من مقاولي الأرهاب يطلقون علي أنفسهم خبراء فى الأرهاب ويتنافسون فيما بينهم من أجل الترويج لبضاعتهم التى يبررون بها وجودهم وهي إقناع الشعب الأمريكي بأن بلاده تواجه تهديدات جديدة ” .وحينما صوت البرلمان الأوروبي فى 7 مارس الماضي علي إدانة الدول الأوروبية التى تواطأت مع الولايات المتحدة وساعدت فى مرور مئات الرحلات عبر أرضيها لمشتبه بهم نقلتهم الولايات المتحدة إلي معتقلات مجهولة أو مارست عليهم التعذيب شن النائب الأيطالي فى البرلمان الأوروبي جيوستو كاتنانيا هجوما شديدا علي الولايات المتحدة ، وانتقد ما سماه  ” المنهج الأجرامي ”  الذي تتبعه الولايات المتحدة فى حربها علي الأرهاب ، أما النائبة  الألمانية سيلفيا إيفون كوفمان فقد وصفت  التورط الألماني والأوروبي مع السي آي إيه بأنه ”  مذل ” ، وقد كشفت وثيقة مسربة تعود للخارجية البريطانية نشرت فى 19 يناير من العام 2006 ضمن تحقيق أجرته صحيفة الجارديان البريطانية ، أن الطائرات الأمريكية التجارية التى استخدمت فى عمليات نقل المعتقلين حطت فى المطارات البريطانية فى 210 رحلات وذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 ، وأن كثيرا من هؤلاء الذين تم ترحيلهم إما تعرضوا للتعذيب أو أودعوا فى سجون مجهولة ،  ويدور جدل كبير الآن فى بريطانيا حول التعاون اللامحدود الذي قدمته وتقدمه بريطانيا للولايات المتحدة فى حرب تبدوا أنها حرب أشباح في ظل غياب تعريف واضح حتى الآن لما يسمي بالأرهاب ، وأن بريطانيا والدول الأوروبية تدفع الآن ثمن انزلاقها فى حرب الأشباح ، تلك الحرب التي حذر منها الجنرال البريطاني ألبرت واتلي الذي كان أعلي ضابط بريطاني عمل مع الأمريكيين فى الحرب علي العراق ، حيث نقل عنه مايكل جوردون وبرنار ترينر فى كتابهما ” كوبرا 2 ” أنه أرسل رسالة من بغداد لقادته في بريطانيا بعد عدة أسابيع من مشاركته فى الحرب علي العراق قال فيها ” قد نكون انزلقنا فى المشاركة في أمر سوف نندم عليه ” ، وفي 17 سبتمبر 2005   نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا قالت فيه إن عدد الجلسات التى عقدها الكونجرس في العام 2004 للنقاش حول دقة التقارير الأستخباراتية التى دفعت أمريكا لشن حربها علي العراق بلغ ألف جلسة ناقش خلالها أربعة آلاف وثيقة استخباراتية قدمت من قبل السي آي إيه وقد اتضح أنه كانت هناك عملية تدليس كبيرة بشأن هذه المعلومات كشف عنها بعد ذلك مدير المخابرات المركزية جورج تينيت أثناء شن الحرب فى كتابه في عين العاصفة ، لكن الحرب علي ما يمسي بالإرهاب جعلت   الولايات المتحدة وحلفائها يمارسون الأرهاب علي مئات الآلاف من الناس عبر اعتقالهم وتوجيه اتهامات لهم دون أدلة بدعوي أنهم إرهابيون وقد نشرت جامعة سيراكوز الأمريكية دراسة أشارت لها صحيفة الأهرام فى 5 سبتمبر 2006 جاء فيها أن 75% ممن اعتقلوا في إطار الحرب علي ما يسمي بالأرهاب لم يمثلوا أمام القضاء الأمريكي لعدم وجود أدلة لأدانتهم كما أن القضاء الأمريكي يرفض 9 قضايا من بين كل عشرة لعدم كفاية الأدلة ، ورغم كل ذلك فإن السي آي إيه تطلق يدها فى أنحاء العالم لممارسة كل أشكال الأرهاب بدعوي الحرب علي الأرهاب وهذا ما سوف نبينه فى الأسبوع القادم . 

Total
0
Shares
السابق

الاقتصاد : معركة أردوغان القادمة

التالي

كوندليزا فى بيروت من أجل الرئيس القادم

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share