لحية رئيس الحكومة

«يا هشام، أنا ملاحظ إنك بدأت تربى دقنك.. وانت شخصية مجدة ولك مستقبل، ودقنك ممكن تمنعك تبقى وزير».. هذه الرواية انتشرت بعدما تم تكليف وزير الرى هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة فى مصر، وكان قد رواها لأصدقائه فى وزارة الرى حينما تم اختياره وزيرا للرى فى حكومة عصام شرف التى شُكلت فى أعقاب الثورة، وكان الذى حذره هو وزير الرى ورئيسه الأسبق فى العمل الوزير حسين العطفى، وكان أول ما تبادر إلى ذهنى بعد إعلان الرئاسة فى مصر عن تكليف وزير الرى هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة هو لحية الوزير، فقد كنت على يقين من أن المرجفين فى مصر والذين هم الأكثر ضجيجاً وصراخاً فى كل وسائل الإعلام سوف يتركون كل شىء يتعلق بتاريخ هشام قنديل وخبرته ودراسته ونجاحاته فى وزارته ويركزون فى الحديث على لحية رئيس الحكومة، وهذا ما حدث بالفعل، لم يلتفت أحد إلى خبرته الواسعة بملف المياه والنيل الذى هو عصب الحياة للمصريين، تركوا كل هذا وأخذوا يتحدثون عن لحيته، بل اخترعوا قصة مفادها أن قنديل هو أحد أفراد النتظيم السرى للإخوان المسلمين وأنه كان مندساً فى حكومتى عصام شرف والجنزورى، وحينما لاحت الفرصة كلفه مرسى برئاسة الحكومة، ومن ثم فإن مرسى خان تعهده للقوى السياسية بالمجىء بشخصية وطنية مستقلة لرئاسة الحكومة وفى النهاية كلف بها إخوانياً، ومع التفاهات الكثيرة التى انشغل بها المرجفون فإن المجدين وحتى الغربيين ركزوا على تاريخ الرجل ومهنيته، فالمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند ركزت على دراسة قنديل وشهاداته وخبرته، وقالت فى المؤتمر الصحفى للخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضى: «إن قنديل حصل على جزء من تعليمه فى الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة يوتا عام 1988 بينما حصل على درجة الدكتوراه فى جامعة نورث كارولينا عام 1993»، وهذا ما جعل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تصفه بأنه «مهندس أمريكى التعليم»، ولم تقف نيويورك تايمز عند لحية رئيس الحكومة وإنما قالت بأنه «متدين رغم عدم انتمائه للإخوان المسلمين»، وأكدت أنه «واحد من أصغر رؤساء الحكومات فى تاريخ مصر الحديث»، وأشارت إلى خبرته مؤكدة أنه «متمرس فى العمل مع المنظمات الدولية». الطامعون فى المناصب والمتكالبون على الوزارات والذين يقيسون مستقبل مصر وما يحدث فيها بقدر ما يحصلون عليه من مكاسب شخصية كان لهم تقييم آخر تجاوز المهنية والتكنوقراط والخبرة الواسعة للرجل فى مجالى الإدارة وملف المياه التى هى عصب الحياة لمصر، وقضوا نصف الوقت فى الحديث عن لحية رئيس الحكومة ونصفه الآخر فى الحديث عن مؤامرة الإخوان وخيانة مرسى لتعهده للقوى السياسية، وهذا أمر طبيعى ومشكلة وجدتها فى بلدين آخرين هما تونس والمغرب، فرئيس الحكومة التونسية حمادى الجبالى ملتح أيضاً وهو الأمين العام السابق لحركة النهضة التى هى امتداد للإخوان المسلمين فى مصر، ورئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران هو ملتح أيضاً ورئيس لحزب العدالة والتنمية الإسلامى، وبالمناسبة أجريت معه حواراً على حلقتين فى برنامجى التليفزيونى «بلاحدود» بثت إحداهما الأربعاء الماضى وتبث الأخرى الأربعاء القادم، كما سبق أن حاورت حمادى الجبالى رئيس الحكومة التونسية أيضا، الشاهد هنا هو أن قنديل ليس رئيس الحكومة العربى الوحيد الملتحى، هناك رئيس حكومة ملتح فى تونس وآخر فى المغرب، وما يجمع رؤساء الحكومات الثلاثة فى مصر وتونس والمغرب ليس اللحية فقط ولكن يجمعهم أن وسائل الإعلام فى بلادهم تخضع معظمها لسيطرة الليبراليين والعلمانيين والمرجفين الذين بينهم وبين اللحية وأصحابها معارك وحروب، فاللحية هى زينة الرجال بغض النظر عن كونها سنة، فقد خلقها الله للرجل حتى يطلقها لا ليحلقها ومع احترامنا لخيارات الجميع فلم لا يحترمون خيار رئيس الحكومة فى إطلاق لحيته وتزيين رجولته بها؟ ولماذا لا يركزون كما يركز الجادون فى الحياة على شهادات الرجل وأمانته وتواضعه وأعماله وخبراته وقبوله أن يتحمل المسئولية فى هذه المرحلة الدقيقة التى تمر بها البلاد بدلاً من إضاعة الوقت فى الحديث عن لحية رئيس الحكومة؟

Total
0
Shares
السابق

البلطجة تحكم مصر

التالي

حسن مالك يشترى مصر؟!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share