الخطاب الذى ينتظره الشعب المصرى

«الذى أريد أن أقوله للمغاربة هو ما يلى: حتى نكون واضحين، لقد جئت فى ظروف صعبة كانت فيها أمور كثيرة مهددة وأشياء كثيرة مختلة، وأنا لا يمكن أن أصلح الاختلالات وأخرج من منطقة التهديدات وحدى، أو خلال فترة وجيزة.. أنا لا أملك عصا سليمان حتى أغير الدنيا خلال ستة أشهر.. يجب أن يستعدوا معى للتضحية والصبر والشد على الحزام، هذه هى الحقيقة، وأكون واضحا مع المغاربة، حتى ننجز الإصلاحات لا نريد أن يتغير كل شىء بسرعة ولفترة محدودة، وإنما نريد أن نضع الأسس العميقة لإصلاحات حقيقية تدوم لعشرات السنين، يتطور فيها المغرب بطريقة متصاعدة، وأعتقد أننا بمؤسساتنا ومجتمعنا المدنى، وعموم مواطنينا، إذا صلحت نوايانا فى هذا التوجه فنحن قادرون على صناعة المعجزات».. كان هذا ما وجهه رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران فى نهاية حوار مطول معه أجريته فى البرنامج التليفزيونى «بلاحدود» بث خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك إجابة على سؤالى الأخير الذى قلت له فيه: ما الذى تريد أن تقوله للشعب المغربى فى هذه المرحلة، هذا الكلام الذى قاله بنكيران يختلف كثيرا عن الوعود التى أطلقها خلال الحملة الانتخابية، لأن وعود الحملات الانتخابية فى كل الدنيا شىء وواقع إدارة الدول والأنظمة شىء آخر. من المؤكد أن بنكيران لم يكن مطلعاً على واقع الحكم وصعوباته والتعقيدات الموجودة داخل الجهاز الإدارى للدولة لأنه لم يمارس الحكم من قبل ولم يشارك فيه، وقد قال هذا الكلام بعدما اطلع على دهاليز السلطة ومشاكلها وملفاتها الشائكة، ورأى من الداخل صراع القوى والنفوذ، وأقر بأنه يفضل السعى فى البناء وصناعة المستقبل والاستقرار بدلاً من الغوص فى ملفات الفساد التى هى أشبه ما تكون بملاحقة الساحرات، ورغم أن تصريحاته أغضبت المغاربة فإنها الحقيقة التى ينبغى لكل حاكم صالح أن يواجه بها شعبه، وهكذا فعل ونستون تشرشل بعد الحرب العالمية الثانية حينما خاطب البريطانيين بأنهم سوف يواجهون أياما سوداء فى إعادة بناء بلدهم بعد الحرب. إنها الفوارق الأساسية بين شعارات الانتخابات، وواقع الحكم والملفات. لقد وعد الرئيس المصرى محمد مرسى الشعب المصرى بأمور كثيرة أصعبها وعود المائة يوم التى قال إنه سيعيد فيها الأمن والاستقرار ويحسن وضع رغيف الخبز، لكن أمور إدارة دولة كبيرة مثل مصر تختلف كثيرا عن إدارة حزب هو العدالة والتنمية عمره كان شهورا ويعتمد بالدرجة الأولى فى أعضائه على الولاء والسمع والطاعة، وبما أن بنكيران قضى ثمانية أشهر يطلع فيها على خبايا الحكم ومنظومة الدولة من الداخل وتركيبتها العميقة فخرج على المغاربة بهذا الخطاب الذى أغضب الكثيرين منهم لكنه وضع الحقائق أمامهم، بالمقابل فقد أتيحت الفرصة للرئيس المصرى محمد مرسى أن يطلع خلال أكثر من شهر قضاه فى القصر الجمهورى الآن على بعض الملفات والحقائق التى تستدعى منه أن يخرج على الشعب بخطاب صريح يطلعهم فيه على حقيقة الوضع الذى تسلم فيه البلاد، من الناحية الاقتصادية والسياسية والأمنية وقصة الماء والكهرباء والمرور والبلطجة وكافة الجوانب الأخرى، وأن يكون أمينا مع الشعب ويخبره بالحقيقة وأن يطلب منه التعاون معه إن كان لديه خطة واقعية للإنجاز مدتها، كما يقول كثير من السياسيين الذين سألتهم ومنهم وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو، لا تقل عن ثلاث سنوات، يجب أن يكون الرئيس مرسى صريحا مع الشعب المصرى ويقول له إنه لن يستطيع أن يصلح شيئا دون دستور يُعد الآن ودون مجلس شعب مغيب، ودون انتخابات محليات جديدة ودون محافظين جدد، لأنه دون هذه الأجهزة يحرث فى الماء. أما الدوران فى دوامة العمل اليومى وردود الأفعال فإنه سوف يقود إلى الهاوية دون شك. يا سيادة الرئيس كن أمينا مع نفسك وصارح الشعب المصرى بالحقيقة واطلب منه كما طلب غيرك أن يلتف حولك حتى تحقق به المعجزات، حتى لو غضب الشعب عليك اليوم فسوف يقدر صراحتك غدا وإلا فإن الطوفان قادم لا محالة.

Total
0
Shares
السابق

السفيرمحمد مرسى؟!!

التالي

إهانة الرئيس

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share