أصغر نائبتين فى ليبيا والمغرب

جاءت تخطو نحوى بخجل وارتباك بينما كان بعض أعضاء البرلمان الليبى يسلمون علىّ ويتداولون الحديث معى قبيل افتتاح الجلسة المسائية للمؤتمر يوم الجمعة 10 أغسطس الماضى، حيث بدأ المؤتمر أعماله فى العاصمة الليبية طرابلس يوم الأربعاء 8 أغسطس بتسلم السلطة من المجلس الوطنى الانتقالى الذى قاد ليبيا خلال شهور الثورة وما بعدها. وقفت أمامى خجولة ورأيت بطاقة العضوية معلقة على صدرها فقلت لها: «من المؤكد أنك أصغر نائبة فى المؤتمر الوطنى»، قالت: «نعم»، قلت لها: «قالوا لى إنك من مواليد العام 1985»، قالت وهى تتلعثم فى خجلها: «نعم»، قلت لها: «هل سأبقى أنا أسأل وأجيب وأنت تقولى نعم؟»، زاد خجلها وقالت لى: «أنا جئت لأسلم عليك وأرحب بك فى بلدك الثانى ليبيا وألتقط صورة معك، ولم آت حتى تجرى معى حوارا»، قلت لها: «سأمنحك الصورة لكن بعد أن تحكى لى القصة وحدك وتعترفى دون أسئلة بكل شىء، بعدها سأطلق سراحك». رفعت يديها نحوى كأنها تستسلم ثم قالت لى: «سأعترف وأروى لك كل شىء»، قلت لها: «أراك خجولة، ما الذى دفعك إلى أتون هذا المعترك الذى يحتاج إلى مقاتلين أشداء لهم قدرة على الجدال والمواجهة؟!»، قالت: «اسمى علا فتحى السنوسى، أعمل مهندسة كمبيوتر، وأنا من مدينة مسلاتة التى تقع شرق العاصمة الليبية طرابلس، وقد نجحت بعد منافسة شرسة فى دائرتى مع عشرة من الرجال، وأنا أنتمى إلى التحالف الوطنى الذى يضم طيفا واسعا من الأحزاب السياسية، وكنت أعمل رئيسا لقسم التوثيق والمعلومات فى المعهد العالى للتقنية الطبية فى مدينة مسلاتة، وبالمناسبة عدد سكان مدينة مسلاتة نحو سبعين ألف نسمة. قبل الثورة لم تكن لى علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة، وكنت أخشاها وأركز فى عملى ودراستى، وحينما اندلعت الثورة فى 17 فبراير 2011 وجدتنى مثل باقى الليبيين أتابع شئونها، لكن كانت عندى مخاوف من المشاركة حتى جاء يوم 3 يونيو 2011، وجدتنى أنخرط فى الثورة وأوزع المنشورات، وقد دفعنى إلى هذا ما رأيته من جرائم النظام، ولأن لدىّ خبرة فى الكمبيوتر فقد كانت مهمتى هى طباعة المنشورات وتوزيعها، ثم المشاركة فى العمل الثورى حتى تحررت ليبيا، عدت بعدها إلى عملى. لم أفكر فى يوم من الأيام أن أرشح نفسى أو أصبح عضوا فى المؤتمر الوطنى، لكن تشجيع أهلى لى كان الدافع الأساسى وراء ذلك، والدافع الثانى هو حرصى على أن أساعد أهلى وعشيرتى وعائلات الشهداء والجرحى فى استرداد حقوقهم لاسيما الذى تعرضوا للمظالم فى عهد القذافى». انتهى اعتراف أصغر نائبة فى المؤتمر الوطنى الليبى أعلى سلطة منتخبة فى البلاد منذ العام 1965، وقد تعجبت لتشابه ما رأيته فى ليبيا وما رأيته قبل ذلك بشهر فى المغرب حينما حضرت المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم، كان تنظيم المؤتمر دقيقا إلى حد بعيد، وكان الدكتور رضا بن خلدون رئيس لجنة الشئون الخارجية فى الحزب قد أعد فريقا للعلاقات مع الضيوف الذين جاؤوا من دول كثيرة كلهم من الشباب والشابات. جاءت إحداهن لتبلغنى بترتيب موعد كنت طلبته، وكان يقف إلى جوارى الدكتور رضا بن خلدون، قال لى: «يا أحمد، هذه أصغر نائبة فى البرلمان المغربى»، قلت لها: «إذن عليك أن تجيبى عن أسئلتى»، فأجابت وهى تبتسم فى خجل: «اسمى اعتماد زاهدى، وعمرى سبعة وعشرون عاما، وأعمل مهندسة كمبيوتر، وأنا أصغر نائبة منتخبة فى البرلمان المغربى». تذكرت اعتماد زاهدى حينما رأيت علا السنوسى ولاحظت أشياء كثيرة تجمع بين علا واعتماد؛ فعمر كل منهما سبعة وعشرون عاما، وكلتاهما متخصصة فى هندسة الكمبيوتر، وكلتاهما محجبة، وكلتاهما خجولة، وكلتاهما أصبحت عضوة فى البرلمان، بعد ثورة فى ليبيا وشبه ثورة فى المغرب. غير أنهما تختلفان فى شىء واحد؛ اعتماد زاهدى المغربية متزوجة ولديها طفلان، أما علا السنوسى الليبية فهى لم تتزوج بعد، ورغم تمنعها عن الزواج فمن المؤكد أنها تنتظر العريس.

Total
0
Shares
السابق

مهمة سفراء مصر الجدد

التالي

الأخضر الإبراهيمى .. وسيط للإيجار

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share