قصة الحاج شعبان 2

قلت له: لا.. . توفيت وأنا صغير وأنا أحج هذه المرة عنها لأنى سبق أن أديت الفريضة عن نفسى، قال: يا سلام.. إزاى بعد ما ماتت تحج عنها؟ هو ده ينفع برضه؟ «شرحت الأمر للحاج شعبان، وذكرت له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، فقال لى وهو يتعجب: «يعنى ينفع أحج عن أمى الله يرحمها»، قلت له: «أكيد يا حاج شعبان بعد أن تؤدى الفريضة عن نفسك يجوز لك أن تحج عنها والقبول من عند الله» قال: والله فكرة، أدينى برضه أؤدى شيئاً من الدين الذى فى عنقى لها، صحيح أنا متعلمتش لكن كفاية إنها ربتنى وإنى علمت أولادى، لكن منين أجيب فلوس الحجة لأمى والكفيل هو الذى دفع لى مصاريف الحج بتاعى، إنت أكيد مثلى يا حاج أحمد الكفيل دفع لك فلوس الحج بتاعتك أنا شفت مصريين كتير فى الحملة فقلت ده الكفلاء دول ناس كويسين إنهم مطلعين كل المصريين دول يحجوا على حسابهم، إحنا ناس غلابة والتكاليف كبيرة، ابتسمت وصمت ولم أتكلم ثم قال لى: الكفيل بتاعك راجل طيب كدة زى الكفيل بتاعى يا حاج أحمد؟ أنا الكفيل بتاعى راجل طيب قوى؟ لكن سبحان الله معندوش غير ولد واحد جاله بعد سنين طويلة من عدم الخلفة، ماهو ربنا عادل يا حاج أحمد، فيه ناس ربنا أعطاها مال، وناس ربنا أعطاها صحة؟ وناس ربنا أعطاها أولاد، وناس أعطاها مال ولم يعطها صحة ولا أولاد، سبحانه الحمد لله على ما أعطانا؟ ثم أكمل الحاج شعبان الحاج حديثه عن الكفيل فاكتشفت أن حياته كلها فى قطر تدور حول المزرعة التى يعمل فيها والتى تقع خارج الدوحة بحوالى ساعة بالسيارة والكفيل الذى يملك المزرعة وبعض أصدقائه الذين يترددون فى نهاية الأسبوع على المزرعة وغير ذلك لا يعمل الحاج شعبان شيئاً عن قطر أو الحياة فيها، حتى إنه لم يذهب للدوحة ولم يرها طوال سنوات عمله فى قطر سوى مرات محدودة للغاية فهو يعيش فى المزرعة ولا يرى إلا العاملين معه والكفيل وأصدقاءه حينما يأتون للسمر فى المزرعة، وأصبحنا أصدقاء دون أن يعلم عنى شيئا سوى أننى الحاج أحمد المصرى الذى يعمل فى قطر مثله واللى «على باب الله» مثله أيضاً، فكان وقت الصلاة حينما يرانى داخلا للمسجد ينادينى بأعلى صوته فى أى مكان يجلس فيه «ياحاج أحمد» فكان معظم من فى المسجد يلتفتون وأنا أدير وجهى خجلا ثم يشير لى أن أذهب لأجلس إلى جواره، وإذا كان المكان مزدحما يطلب بطيبة قلب ممن جواره أن يوسعوا للحاج أحمد مكاناً، كنت أتقبل منه كل شىء بسعادة وحب، وكان حديثه كله يدور فى إطار الكفيل والمرزعة والقرية التى ولد فيها ونشأ وترعرع فيها وعالمه الصغير المكون من زوجته وأولاده، كم كان عالمه صغيراً لكنه كان سعيدا به، وكنت أقول فى نفسى: «يا إلهى لقد خلق الله كل إنسان لدور فى الحياة بدءا من هؤلاء البسطاء وحتى الذين يديرون شئون ملايين الناس وحمل كل إنسان أمانة ودورا فى الحياة وكل إنسان يعيش عالمه، بدءا من عالم النفس البسيطة وحتى عالم عشرات الملايين من البشر، وكل يأتى طائره فى عنقه يوم القيامة بما حمل من عالمه، وما بسط له من الرزق، وجدنى الحاج شعبان أجلس مع أحد الحجاج فقال لى: هو الحاج اللى كنت قاعد معاه ده مصرى؟ قلت له: ده القنصل المصرى فى الدوحة يا حاج شعبان، قال لى يعنى إيه قنصل؟قلت له: ألم تذهب للسفارة المصرية فى الدوحة يا حاج شعبان؟ قال لى: يعنى إيه سفارة؟ نكمل غداً.

Total
0
Shares
السابق
الحج

قصة الحاج شعبان ( 1- 3)

التالي

قصة الحاج شعبان (3)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share