قصة الحاج شعبان (3)

نظرت إليه بابتسامة وهو ما زال مندهشاً ثم بدأت أشرح للحاج شعبان ما هى السفارة ومن هو القنصل؟ فتح فمه وقال ««ياه يا حاج أحمد ده القنصل ده حاجة كبيرة قوى أنا لازم أبوس القنصل» قلت له يا حاج شعبان اصبر هنروح نسلم عليه وأعرفك عليه الآن، قال لى: أبداً لازم أبوسه ده الحكومة بتحج معانا، أخذت الحاج شعبان وعرفته على القنصل المصرى فى الدوحة آنذاك زياد أبوغزالة وكان شاباً خدوماً ودوداً ذا أصل كريم، فأصر الحاج شعبان أن يقوم ويقبل القنصل وما زالت عندى صورة له وهو يضمه ويمسك رأسه بين يديه ويقبله، جلسنا مع الحاج زياد وجلس إلى جوارى الحاج شعبان ثم مال علىّ بعد ذلك وقال لى «إلا قول لى يا حاج أحمد هو القنصل ده جاى يحج على حساب الكفيل برضه زينا؟ غرقت فى الضحك.. ولم أتمكن من التوقف مع دهشة زياد ومن حوله ثم اضررت أن أقول له سبب الضحك فغرق فى الضحك هو الآخر، وسرعان ما اقترب من الحاج شعبان وأحبه مثلى، وقد طلبت من زياد أن يحاول مساعدة الحاج شعبان فى أمر ابنه إن كان هناك من يعرفه لمساعدته للمجىء والعمل فى قطر، وأعتقد أنه حاول بعد ذلك. وفى يوم وجدت الحاج شعبان جاءنى وكنت أجلس فى العيادة مع طبيب الحملة الذى عرفته أيضاً على الحاج شعبان وأصبحا أصدقاء، جلس الحاج شعبان صامتاً قبالتى ووجهه غير باسم على غير عادته، وأطرق برأسه إلى الأرض، قلت له: خير يا حاج شعبان حد مزعلك؟ رفع رأسه وقال لى: «بصراحة إنت اللى مزعلنى يا حاج أحمد» قلت له: «خير يا حاج شعبان؟ أنا من يوم ما عرفتك مفيش بيننا إلا الخير؟» قال لى: «كنت فاكرك راجل غلبان على باب الله زى حالاتى، وقاعد أتكلم معاك وأحكى لك همومى، والآخر فى جماعة مصريين بيحجوا معانا قالوا لى: إنت تعرف أحمد منصور منين؟ إنت بلدياته؟ قلت لهم: أحمد منصور مين؟ قالوا لى اللى انت قاعد معاه ليل ونهار متعرفش اسمه؟ قلت لهم: قصدكم الحاج أحمد؟ هو اسمه أحمد منصور؟ ماله ده راجل طيب وعلى باب الله زى حالتنا» فضحكوا وقالوا: على باب الله إيه يا حاج شعبان؟ صحصح ده صحفى خطير ومذيع فى قناة الجزيرة إنت قلت له إيه؟ إوعى تكون قلت له حاجة كدة ولا كدة؟ قلت لهم: يا خبر ده أنا حكيت له كل حاجة وبعدين إيه قناة الجزيرة دى؟ قالوا لى بتاعة سياسة وأنا راجل غلبان وعلى باب الله ومليش فى السياسة، فأربكونى وأخافونى منك، وقلت إزاى الحاج أحمد الطيب ده يخبى عنى الموضوع ده ويخلينى أحكى له عن كل حاجة، ضحكت وقلت له: ما تخافش يا حاج شعبان سيبك من اللى الناس دول قالوه، إنت شفت منى حاجة غير إنى راجل على باب الله زى حالاتك؟، قال: أبداً يا حاج أحمد، قلت له: إنس كل الكلام اللى قالوه وتظل تتعامل معايا إنى الحاج أحمد اللى اتعرف عليك أول يوم، انفرجت أسارير الحاج شعبان، وقمت فعانقته حينما وجدت الدموع تترقرق فى عينيه، ولم تتوقف المواقف الطريفة بيننا طوال أيام الحج، وحينما ذهبنا لنرمى الجمرات كنت أمشى حاملاً مظلتى وسمعت صوته يتحدث وكان يمشى مع مجموعة من الحجاج وكان قد حلق رأسه بالموس، وكانت الشمس حامية فجئت من خلفه وظللت رأسه بمظلتى، فقال دون أن يلتفت: «محدش يعمل الحركة دى غير الحاج أحمد» ثم التفت فرآنى فعانقنى وعانقته، ثم قال لى: إنت عارف يا حاج أحمد اللى مش هيقولى يا حاج شعبان بعد ما أرجع هزعل منه قوى قوى، ده أنا تعبت وشقيت ولازم يقولى لى يا حاج شعبان وإلا.. تذكرت الحاج شعبان وقصته بعد مرور عدة سنوات عليها وأنا أؤدى مناسك الحج هذا العام، فدعوت له ولمصر وشعبها الطيب أن يخرجها الله مما هى فيه ويفتح لها ولشعبها أبواب الخير والعزة.

Total
0
Shares
السابق

قصة الحاج شعبان 2

التالي
الطريق إلى الجمرات

الطريق إلى الجمرات (1 - 7)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share