خـلـط الأوراق فـي مصـر

جانب مما يجري في مصر الآن قائم على سياسة خلط الأوراق، فالنائب العام السابق عبد المجيد محمود الذي كانت إقالته أحد المطالب الأساسية لثورة الخامس والعشرين من يناير من أول يوم من أيامها تحول الآن إلى بطل تاريخي للفلول وأعداء الثورة وبعض الثوار الذين أصبحوا يكنون كراهية للنظام على الهوية وليس على أي شيء آخر، وبعد الحكم الذي أصدرته محكمة استئناف القاهرة تحول عبد المجيد محمود الذي أحال الآلاف من السياسيين إلى المحاكم خلال سنوات مبارك إلى بطل، مع علم هؤلاء أن عودة عبد المجيد محمود إلى النيابة العامة هي من سابع المستحيلات، حتى لو صدر به مائة حكم قضائي لاعتبارات كثيرة يفهمها من يعرف كيف تدار الدول، وإذا كان الرئيس مرسي قد تسببت تراجعاته في كثير من القرارات وعلى رأسها قرار النائب العام أول مرة في هزة لهيبة الرئيس والدولة، فإن قرار عودة عبد المجيد محمود معناه نهاية مرسي حتى وإن بقي في القصر الجمهوري باقي السنوات الأربع المقررة له، والعجيب أن الشعب المصري ضعيف الذاكرة نسي بسرعة ما فعله عبد المجيد محمود طوال سنوات عمله كنائب عام، ونسي أن من مطالبه الاساسية خلال الثورة إقالة النائب العام، وليس معنى أن الشعب غير راض عن أداء الرئيس محمد مرسي الآن أن ينسى أن عبد المجيد محمود كان إحدى أدوات مبارك التي كان يستخدمها لضرب خصومه السياسيين، وأن عشرات الآلاف من المصريين قضوا سنوات طويلة في السجون وبعضهم أعدم في قضايا سياسية من خلال الأدلة الباطلة التي كان يقدمها عبد المجيد محمود خلال المحاكمات.
من سياسة خلط الأوراق القائمة في مصر أيضا هو تحول الإعلاميين إلى قادة سياسيين يوجهون الشارع ويملأون ثقافة المصريين بالأكاذيب والتوجيهات المختلقة ويشعلون كل يوم مزيدا من النيران في الشوارع وهذا ليس عبثا ولكنها سياسة ممنهجة تقف وراءها الجهات التي تدفع الملايين كرواتب غير مسبوقة لهؤلاء، والعجيب أن كل هؤلاء أو معظمهم كانوا من رجال مبارك وفلوله وكثير منهم كان يعمل لصالح النظام حتى آخر يوم سقط فيه هذا النظام وبينما كان الشباب يتساقطون في ميدان التحرير وميادين مصر المختلفة شهداء على أيدي النظام المجرم كان هؤلاء يطبلون ويهللون لمبارك ولنظامه، الآن بعد سقوط النظام ركب هؤلاء الموجة معتمدين على الذاكرة السطحية للشعب، وأصبحوا ثوريين بل أصبحوا قادة الثورة في ظل عودة الثوار إلى أشغالهم وأعمالهم ركب هؤلاء موجة الثورة وأخذ كل منهم يبث سمومه على الشعب بالليل والنهار ويزيد النار تأججا ويخلط الأوراق بعضها ببعض وتناسى الشعب بشكل سريع ما الذي فعله هؤلاء حينما كانوا أذناب النظام حتى آخر يوم، وكثير منهم متورطون في قضايا فساد ورشاوى وربما تفتح ملفاتهم أو بدأ فتح بعضها حتى يعرف الشعب حقيقتهم.
من سياسة خلط الأوراق أيضا في مصر هو أن رجال الأعمال والدول والأنظمة التى تمول الفوضى في مصر انتبهت إلى ما فعلته الثورة في قطاع كبير من المصريين وهو قطاع عمال اليومية وقطاع أطفال الشوارع وقطاع البلطجية، فاستخدمت كثيرا من هؤلاء حيث تدفع يوميات لهم مقابل الذهاب إلى ميدان التحرير وإلى أماكن الاشتباك للبقاء هناك طوال اليوم لعمل القلاقل والتظاهر وغلق الطرق وغيرها من الممارسات التي يراها الناس على شاشات التلفزة كل يوم، وقد قبض في الفترة الأخيرة على الكثير من هؤلاء واعترفوا أنهم يتقاضون أموالا للقيام بهذه الأعمال وكانت قصة حمادة الذي تم تعريته أمام قصر الاتحادية نموذجا صارخا لهذه الممارسات، الجانب السيئ من الموضوع أن الإعلاميين المدلسين يعرفون قصة هؤلاء ومع ذلك يظهرونهم على الفضائيات على أنهم ثوريون شرفاء ومعارضون أقوياء للنظام القائم، وهؤلاء لا عمل لهم إلا إغلاق الطرق والتظاهر حيث أصبح الأمر حرفة ويدر دخلا كبيرا وأصبح له مقاولون يجلبون هؤلاء ولا يعرف هؤلاء حينما يقبض عليهم سوى المقاولين الذين يجلبونهم حيث لا يعرفون المعلم الكبير الذي عادة ما يكون مختفيا، وكما صرح وزير الداخلية قائلا عادة ما نصل إلى نقطة مغلقة ونفقد الخيط.
إذن نحن أمام منظومة تخريب وتدليس متعمد يقودها فريق من الإعلاميين المدلسين وفريق من الساسة السابقين الفاسدين وعمال بسطاء مضللون وثوريون اختلط عليهم الأمر، وشعب ذاكرته ضعيفة .. إنها سياسة خلط الأوراق.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

هموم الرئيس التونسي المنصف المرزوقي

التالي

تطهير الميدان..وتطهير القضاء

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share