خطوات صناعة الديكتاتور في مصر (1)

حضرت لقاء الرئيس محمد مرسي مع الجالية المصرية في العاصمة القطرية الدوحة في الأسبوع الماضي على هامش حضوره القمة الإسلامية، وخرجت بانطباعات غير مريحة مما رأيت لاسيما من قبل رجال الأمن المحيطين بالرئيس وكثرة تحركاتهم وطريقة أدائهم فمن حق رجال الأمن المحيطين بالرئيس تأمينه لكن أسلوب المبالغة في التأمين يعني عزله عن الناس ووضعه تحت السيطرة شيئا فشيئا حتى دون أن يشعر، وحينما تبدأ عملية العزل لأي حاكم عن شعبه تبدأ عملية صناعة الديكتاتور دون أن يدري الحاكم ما يرتب له لأنها خطوات متتابعة ومتداخلة من يعيش فيها لا يدركها ولكن يراها الذي يرقب المشهد من الخارج، أذكر أني حينما توجهت بعد تولي الرئيس محمد مرسي السلطة للمسجد الذي أصلي فيه الجمعة عادة حينما أكون في القاهرة وهو مسجد الحمد في القاهرة الجديدة وكانت الجمعة الأولى له في المسجد، فوجئت كما فوجئ معظم المصلين بالرئيس مرسي يصلي الجمعة بين الناس دون أن يدري به معظمهم، وأذكر كيف تلقف الناس مرسي بالهتافات بعد صلاة الجمعة، وشعروا أن الرئيس واحد منهم، وكتبت حينها مقالا نشر في هذا المكان تحت عنوان «الجمعة الأولى للرئيس مرسي» وصفت فيها سلوك الرئيس البسيط ومشاعر الناس الإيجابية نحوه وشعورهم أن الحاكم الذي اختاروه ليس سوى رجل بسيط مثلهم يصلي بينهم ولا يشعر به أحد، صليت بعدها بعدة أسابيع الجمعة في مسجد مجاور له هو مسجد حسن الشربتلي حتى ألقى صديقا هناك وصادفت أن مرسي يصلي الجمعة هناك أيضا حيث أنه يتجول بين مساجد المنطقة كل جمعة، لكن هذه المرة عرفت أن الرئيس مرسي يصلي في المسجد قبل أن أوقف سيارتي في الخارج من خلال إجراءات الأمن المشددة التي بدت ظاهرة حول المسجد، وحينما اقتربت من بوابة المسجد وجدت جهازا لكشف الأسلحة والمتفجرات يمر منه المصلون الذي أبدى كثير منهم غضبهم حتى أن أحدهم قال للضابط: نحن لا نريده أن يصلي معنا نريد أن ندخل ونخرج دون أن يفتشنا أحد، وحدث يومها هرج ومرج في المسجد كتبت عنه ايضا في حينه حينما وجدت وسائل الإعلام المصرية بالغت وكذبت كالعادة حينما تنقل شيئا من هذا كما كتبت عن سلوك الرئيس ومحاولته احتواء الموقف، كنت أعلم من البداية أن المحيطين بأي رئيس أو مسؤول يحاولون عزله عن الناس وأن يضعوه دائما تحت رقابتهم وتقاريرهم تحت ذريعة الحفاظ على أمنه وأن هذا عملهم وعليه أن يمتثل وأن يقبل هذا وشيئا فشيئا يصبح أسيرا لهم وما كان يرفضه بالأمس يقبله اليوم وسرعان ما تتغير الأمور يوما بعد يوم حتى يجد نفسه داخل حلقة ضيقة من الناس، وبعضهم لاسيما رجال الأمن يصلون إلى مرحلة التحكم به في تحركاته ومن أين يذهب ومن أين يعود، وماذا يأكل وماذا يشرب ومن يقابل ومن لا يقابل إلى غير ذلك من الأمور الأخرى التي سرعان ما تحول الحاكم دون أن يدري إلى ديكتاتور معزول عن الناس الذي هو واحد منهم، قبل عدة أشهر كان محمد مرسي شأنه شأن كل مصري عادي يمشي في الشارع ويركب سيارة عادية، حتى أنه حينما جاء للحوار معي في برنامج «بلاحدود» في شهر فبراير من العام الماضي 2012 في مكتب الجزيرة في القاهرة وكان وقتها رئيسا لحزب الحرية والعدالة رأيته جاء وحده ومعه أحد أبنائه كان يقود السيارة وكان يركب سيارة بسيطة، قلت له : أليس معك حارس، قال : أنا لست بحاجة إلى حارس. قلت له : أنا أفضل أن يصحبك شخص إضافي. قال : الحامي هو الله، خلال الأيام الأولى له في السلطة كان يرفض المظاهر الأمنية الكبيرة وكان ومازال يصر على السكن في شقته ذات الثلاث غرف رغم الـتكلفة الأمنية للموضوع، لكني علمت أنه سوف ينتقل إلى أحد القصور الصغيرة أو الفلل المحيطة بقصر الاتحاديه وهذا حقه وسوف يوفر الكثير من تدابير الأمن.. نكمل غدا.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

تطهير الميدان..وتطهير القضاء

التالي

خطوات صناعة الديكتاتور في مصر (2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share