مستقبل أفغانستان بعد خروج قوات الناتو

لم تكن لدى الرئيس الأفغاني حامد قرضاي حينما التقيته في الأسبوع الماضي رؤية واضحة حول مستقبل أفغانستان بعد خروج قوات الناتو المقرر نهاية العام القادم 2014، كما لم تكن لديه رؤية عن الرئيس القادم للبلاد في الانتخابات المقررة في شهر إبريل من العام القادم 2014 رغم ما يثار عن مدير المخابرات أسد الله خالد الذي تعرض لمحاولة اغتيال ونقل خارج البلاد للعلاج ثم عاد في الأسبوع الماضي، ولا أعتقد أن قوات الناتو يمكن أن تتم خروجها من أفغانستان قبل أن تأتي برئيس جديد ترضى عنه أو يكون صنيعتها كما كان قرضاي، لكن قوات الناتو التي بدأت في فقدان السيطرة الفعلية على كثير من المناطق يمكن أن تجري انتخابات دون التنسيق مع طالبان والحزب الإسلامي، ولذلك أعلن فاضل مناوي رئيس لجنة الانتخابات الأفغانية استعداده لقبول أوراق المرشحين من حركة طالبان في الانتخابات المقررة في الخامس من إبريل من العام القادم 2014 وقال في تصريحاته التي نشرت في الأول من نوفمبر الماضي «إننا مستعدون لإفساح المجال للمجموعات المسلحة المعارضة سواء أكانت من طالبان أو الحزب الإسلامي للمشاركة في الاقتراع كمرشحين أو ناخبين». وأضاف: «لن يكون هناك أي تمييز».
وهذه هي المرة الأولى التي تسمح فيها دولة أو نظام لحركة تمرد تحاربها أن تشاركها في الانتخابات التي تجرى وفي حواري معه قال قرضاي ردا على سؤالي حول ما إذا كان النظام في كابول ينظر إلى طالبان على أنها حركة إرهابية قال «هم ليسوا إرهابيين وإنما هم إخواننا ونحن نستقبلهم إذا قرروا العودة بمن فيهم الملا عمر عليهم أن يقولوا أنهم غير مسؤولين عن قتل الأفغان» هذا التراجع الكبير من النظام يعني أن طالبان التي تجري مفاوضات سرية مع الأميركان لم تضع سلاحها، وأن كل خيارات المستقبل لها لا يمكن أن تستثني حركة طالبان، ويؤكد مراقبون أنها تنتظر خروج قوات الناتو لتستعيد السلطة في البلاد، وفي هذا الاطار يؤكد كثير من المراقبين أن أفغانستان ربما تشهد حربا دموية بعد خروج قوات الناتو تكون الأعنف في تاريخها وربما تفوق الحرب التي وقعت بعد خروج السوفيات من أفغانستان، بين نظام من وجهة نظر طالبان عميل للقوات الأميركية وقوات الناتو، وبين طالبان والحزب الإسلامي ومن ينضم إليهم من القوات الأخرى، وأن هذه الحرب ربما تنتهي إلى سيطرة طالبان على الحكم في كابول من جديد، وفي هذا الإطار يقول كانداس روندو الباحث في مجموعة الأزمات الدولية «أعتقد أن انهيار حكومة كابول ليس سوى مسألة وقت وهذا أمر مؤكد، أما من سوف يحكم كابول بعد خروج قوات الناتو في العام 2014 فهما الفوضى والعنف» ويتوقع المراقبون أنه بعد العام 2014 سيكون الدعم الأميركي للنظام الأفغاني محدودا، فقد أنفق الأميركان على تدريب القوات الأفغانية التي يبلغ قوامها مائة وخمسين ألف جندي ما يزيد على خمسين مليار دولار وهذا مبلغ خرافي تبدو فيه رائحة الفساد نفاذة ولم ينكر الرئيس قرضاي هذا المبلغ حينما أبلغته به، وقال «المبلغ أنفق بالفعل لكننا لا نعلم عنه شيئا ولم ينفق عن طريقنا» ورغم ذلك فهي غير مؤهلة على الإطلاق للحفاظ على الأمن في البلاد حيث تنتشر الأمية بين صفوفها ولا تملك المعدات والأجهزة والإمكانات التي كان يملكها الناتو ومع ذلك عجز عن تأمين البلاد، ولا يوجد تفاؤل بين المحللين الغربيين في هذا الجانب إذ يرى أغلبهم أن القوات الحكومية سوف تنهار أمام هجمات طالبان وسوف تعود طالبان للسلطة في النهاية، ولولا ثقة الأميركان في ذلك لما سعوا للتفاوض مع طالبان، ولما سعى قرضاي كذلك للتفاوض وتقديم التنازلات تلو التنازلات حتى تضع طالبان السلاح وتؤمن نظامه، لكن طالبان التي لها شروط ومطالب تفضل التفاوض مع الأميركان وترفض الحوار مع قرضاي، وهذا يعني أن أفغانستان التي لم تشهد استقرارا منذ بداية الغزو السوفياتي في العام 1979 سوف تشهد المزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار وكما كان الاحتلال الأميركي حلقة من حلقات الصراع والحرب فإن خروج الأميركان والناتو لن يكون إلا مرحلة جديدة في رحلة الصراع وعدم الاستقرار الذي تعيشه هذه البلاد.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الهروب الكبير من أفغانستان (2)

التالي

عشر سنوات على تخريب العراق

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share