أقباط مصر.. وأرثوذكس تركيا

«منذ قيام الجمهورية التركية بداية الثلاثينيات من القرن الماضى لم تأت حكومة وأنصفتنا وأعادت لنا الكثير من حقوقنا وأوقافنا وحتى مقابرنا مثل حكومة حزب العدالة والتنمية» بهذه العبارة وصف لى أحد كبار المسئولين فى البطريركية العالمية للروم الأرثوذكس التى يقع مقرها فى اسطنبول فى تركيا أوضاع المسيحيين الأرثوذكس هناك، وتعتبر هذه البطريركية للأرثوذكس بمثابة الفاتيكان بالنسبة للكاثوليك فهى رأس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية فى العالم وحسبما ذكر لى المسئول الذى اشترط عدم ذكر اسمه تجتمع فيها جميع الكنائس الأرثوذكسية فى روسيا واليونان وصربيا والإسكندرية وغيرها لاسيما حينما يكون هناك أمر مهم يتعلق برؤية مصيرية لقضية من القضايا تتعلق بالكنيسة الأرثوذكسية.

حينما دخلت إلى المقر الباباوى للبطريركية الذى يقع على إحدى ضفاف خليج القرن الذهبى فى منطقة الفنار وتأملت المبنى القديم الذى يعود تاريخه إلى ألف وثلاثمائة عام وجدت رسما محفورا فى أعلى المدخل لصقر برأسين ويدين أحدهما تحمل الصليب والأخرى تحمل العالم، ولما سألت عن الرسم قيل لى إنه كان شعار الدولة البيزنطية التى سقطت بعد فتح اسطنبول على يد محمد الفاتح عام 1453 للميلاد وهو شعار البطريركية حتى الآن، على المدخل تقدم الشموع المصنوعة من شمع عسل النحل الأصلى بلونه الذهبى، وفى داخل البهو الذى لا يبدو كبيرا يوجد كرسى البابا وحوله كراسى البطاركة وهى مرفوعة ولا توضع إلا حينما يكون هناك اجتماع أو احتفال حيث لا يسمح للجمهور بالدخول للساحة وإنما المشاهدة من خارجها، فى هذه البطريركية يوجد الأرشيف التاريخى الأكبر للأرثوذكس فى العالم، كما توجد بها عظام بعض القديسين داخل صناديق من الرخام.

حينما سألت المسئول الكنسى عن وضع الروم الأرثوذكس فى تركيا قال: حينما أعلن أتاتورك الجمهورية اضطهد الجميع وكنا من بين المضطهدين فتم تهجير ثلاثة ملايين من الروم الأرثوذكس من تركيا إلى اليونان وقتل وفقد مليونا ونصف المليون آخرين، وصودرت ممتلكاتنا وأغلقت كنائسنا وحتى مقابرنا وأوقافنا صودرت وأصبحنا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة بالكاد نحافظ على ما تبقى لنا، وبقينا على هذا الوضع حتى جاء حزب العدالة والتنمية للسلطة فأعادوا لنا الاعتبار كمواطنين أتراك متساوين فى الحقوق والواجبات، كما ردوا إلينا الكثير من أملاكنا وأوقافنا، وبلغت ذروة تكريمهم لنا حينما أرسلوا إلينا يطلبون رأينا فى التعديلات الدستورية وهذا أمر لم يحدث لنا من قبل من أى من الحكومات التى قامت خلال سنوات الجمهورية.

قلت له: عادة ما تسعى الأقليات إلى تضخيم نسبتها وعددها فما هى نسبتكم من عدد سكان تركيا البالغ عددهم حوالى 75 مليون نسمة، قال: عددنا قليل جدا لسنا وحدنا وإنما الأقليات الدينية فى تركيا من الأرثوذكس واليهود وغيرهم لا تزيد على 1% من عدد السكان وربما أقل.

تمنيت من كل قلبى أن ينال الأقباط فى مصر فى ظل رئاسة محمد مرسى ما ناله الأرثوذكس فى تركيا فى ظل حكومة أردوغان وربما أكثر، كما تمنيت أن يكون الأقباط فى مصر بنفس الشفافية والمصداقية والعدالة التى تحدث بها المسئول الكنسى الأثوذكسى التركى.

Total
0
Shares
السابق

التغيير الوزارى فى مصر

التالي

كنائس إسطنبول القديمة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share