الدستورية تشل الحياة التشريعية والسياسية فى مصر

«حكم سياسى جديد بامتياز».. هذا هو مجمل التعليقات التى صدرت على حكم المحكمة الدستورية فى مصر يوم الأحد 2يونيو الماضى بحل مجلس الشورى وتأجيل التنفيذ لحين انعقاد مجلس النواب الذى لم يعد أحد يعرف متى تجرى انتخاباته ومتى ينعقد بسبب تعقيدات المحكمة الدستورية للمشهد السياسى فى مصر.

فرغم الإعلان الدستورى الذى حصن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من الحل إلا أن المحكمة الدستورية ضربت عرض الحائط بهذه التحصينات وأصدرت أحكامها على مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور لتفتح جدلا واسعا حول الدستور نفسه الذى منحه الشعب حجية أعلى من حجية المحكمة الدستورية.

ولن أخوض هنا فى السجال القانونى الذى فتحه الفضائيون من خبراء القانون والدستور الذين يفتون فى كل شىء كل حسب هواه السياسى، ولكننى أستشهد برجل واحد احترمه وأحترم آراءه لأنه لم يغير موقفه من أحكام المحكمة الدستورية منذ العام 1990، حيث قال الدكتور ثروت بدوى أستاذ القانون الدستورى: لقد تغولت المحكمة الدستورية على محكمة الموضوع لأنه ليس من صلاحيات المحكمة الدستورية إصدار الأحكام وإنما تفسير النصوص التى تحال إليها من محكمة الموضوع سواء كانت مجلس الدولة أو محكمة الجنايات أو غيرها وفقا للدستور، ثم إعادتها لمحكمة الموضوع لتصدر هى الحكم وتتوسع فيه أو تقتضب حسب الحالة.

ومن ثم فإن كل ما يصدر عن الدستورية من أحكام هو فى حكم المنعدم «هذا هو الكلام الذى يرتاح له العقلاء، لكن ما تقوم به المحكمة الدستورية التى عين قضاتها المخلوع مبارك، أصبحت منذ حكمها بحل مجلس الشعب تصدر أحكاما سياسية مباشرة وتغتصب حق محاكم القضاء الإدارى فى إصدار الأحكام، وهذا يعنى أن قانون المحكمة الدستورية بحاجة إلى مراجعة تشريعية وتوضيح للصلاحيات والاختصاصات والأحكام، كما أن أحكامها بحاجة إلى المراجعة فى ظل ما كتب ونشر حول أنها معيبة وبها تغول بل واغتصاب لحق المحاكم الأخرى المنوط بها إصدار الأحكام.

كما أن إدخال البلاد فى حالة الشلل السياسى والتشريعى الذى وصلت إليه بسبب أحكام المحكمة بحاجة أيضا إلى أن نتذكر الظروف التى أسس بها جمال عبدالناصر المحكمة فى 31 أغسطس 1969 حينما ارتكب مذبحة القضاء الشهيرة، وسمح للقضاة بالدخول إلى عالم السياسة بالانتساب ظاهريا للاتحاد الاشتراكى وسريا للتنظيم السرى الطليعى ودفع بهم ليكونوا خدم النظام يصدرون الأحكام التى يراها ويضربون عرض الحائط بالقانون، وارجو من القراء أن يعودوا للمقالات التى كتبتها حول هذا الموضوع خلال الأيام القليلة الماضية. ورغم أن رئاسة الجمهورية أعلنت بعد صدور الحكم أن مجلس الشورى له حق التشريع الكامل حتى بعد إصدار الحكم إلا المستشار حاتم بجاتو القاضى السابق فى المحكمة ووزير الشئون القانونية والمجالس النيابية قال «إن مجلس الشورى له حق التشريع الكامل وفقا للدستور الحالى لكنه يرى من وجهة نظره أن الظروف الحالية تقتضى بألا يشرع مجلس الشورى أى قانون إلا فى حالة الضرورة القصوى» والضرورة القصوى من وجهة نظر الوزير تعنى أن تصاب الحالة التشريعية فى مصر ومن ثم السياسية بالشلل حتى إشعار آخر

.

Total
0
Shares
السابق

مفاتيح الدنيا التى بيد غيرنا

التالي

الذين يرفضون دعوة الرئيس

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share