الأمية .. كارثة الأمة العربية

لم يلتفت أحد الى أن يوم الأربعاء الماضي 8 يناير كان يصادف «اليوم العربي لمحو الأمية» وهو يوم تم اختياره من قبل الجامعة العربية في العام 1970 للتذكير سنويا بنسبة الأمية والتعليم في العالم العربي. وقد أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي يقع مقرها في تونس تقريرا عن الأمية في العالم العربي لم تلتفت اليه أو تركز عليه أو حتى تشير اليه معظم وسائل الاعلام العربية
مع أن الأمية هي الخطر الدامغ الذي يهدد حياة الأمم ومستقبلها، وقد كان هدف المصلحين والقادة السياسيين في كل أمة هو القضاء على الأمية، وأذكر أني حينما التقيت مع رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان في العام 2005 قال ان تركيا سوف تقضي على الأمية خلال عام وقد نجح بالفعل في ذلك، والأكثر من ذلك أن الانترنت وصل الى كل المدارس التركية حتى تلك التي في القرى البعيدة في أعالي الجبال وربما هذا أحد أسباب النهوض السريع في تركيا، أما في العالم العربي، فقد أشار تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الى أن عدد الأميين في العالم العربي وصل الى حوالي 98 مليون أمي من بين عدد السكان البالغ حوالي 354 مليون نسمة، وأوضح التقرير أن نسبة الأمية بين الأناث تبلغ حوالي 60% بينما تبلغ حوالي 40% عند الرجال، وهذه النسبة لم تتغير منذ مدة طويلة وتختلف من دولة لأخرى الا أنها تعكس أن اليوم الذي اختارته الجامعة العربية قبل أكثر من أربعين عاما لم يكن له أي دور فاعل من الحكومات للقضاء على الأمية بل على العكس تماما أدركت معظم الأنظمة الديكتاتورية أن القضاء على الأمية معناه زيادة الوعي السياسي لدى المواطنين ومن ثم فإن انتشار الأمية هو خير ضامن لهذه الأنظمة أن تبقى أطول فترة ممكنة دون أن تظهر أجيال متعلمة تدرك ما يجري حولها من مفاسد ومظالم وواقع مخز تسعى لتغييره من خلال معرفتها وعلمها، ورغم أن معظم دول العالم تفرض عقوبات على العائلات التي تمنع أولادها من الالتحاق بالتعليم فإن هناك ما يزيد على ستة ملايين طفل عربي لم يدخلوا المدارس على الاطلاق هذا بخلاف من يتسربون في سنوات الدراسة الأولى دون أن تكون لهم القدرة على الكتابة والقراءة، هذا بخلاف الأطفال الذين يعانون من الحروب والظروف القاهرة في بلادهم مثل سوريا والصومال واليمن وغيرها من الدول الأخرى.
فشل الدول العربية طيلة أكثر من أربعين عاما من القضاء على الأمية بل ان رقعتها تتسع في بعض الدول يعني عدم وجود أية خطط استراتيجية للقضاء على الأمية وهي السلاح الرئيسي لتفشي الجهل وتراجع التقدم في حياة الأمم، كما أن عدم وجود أية برامج واضحة لدى معظم الحكومات للقضاء على الأمية يعني أن كثيرا من الدول العربية مرتاحة لأوضاع شعوبها، والا اذا كان هناك ما يقرب من مائة مليون أمي في أمة «اقرأ» فهذا هو أحد أسرار تراجع الأمة عن باقي الأمم لأن العلم والتعليم هو مصدر القوة والرفاه والتقدم وطالما أن الأمية متفشية في أمتنا الى هذا الحد فسوف نبقى في ذيل الأمم.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

أذرع الظلم في مصر

التالي
أحمد المستيري

أحمد المستيري ج7 : استفحال مرض الحبيب بورقيبة..واعترافه بفشل تجربة التعاضد

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share