حوارات في شوارع اسطنبول

نشر المقال فى 20 يوليو 2016

منذ أن وطئت قدمي مطار اسطنبول يوم الاثنين الماضي 18 يوليووأنا أتحدث مع كل تركي أقابله وأجد لديه قابلية للحديث عن الانقلاب الفاشل وانعكاساته وموقفه منه، بدءا من سائق التاكسي الذي أقلني من المطار إلى الفندق مرورا بموظفي الفندق إلى العاملين في المطاعم والمرافق والأماكن التي ذهبت إليها، علاوة على الصحفيين والزملاء العاملين في مكتب شبكة الجزيرة وغيرهم، أي أن الحوارات كانت مع خليط من الناس من مشارب ووظائف شتى ومستويات ثقافية واجتماعية مختلفة، كان هناك شبه إجماع منهم سواء من الذين يتوافقون مع سياسة الرئيس أردوغان أو الذين يخالفونها على أنه لا يمكن السماح للعسكر بالعودة إلى حكم تركيا مرة أخرى، مهما كان الثمن، كما لاحظت أن الجميع يتابع الأخبار بشغف وبشكل غير مسبوق حتى أن سائق التاكسي كان يقطع حديثه معي فجأة بإشارة منه باليد ثم يرفع صوت الراديو في السيارة ليتابع خبرا بإنصات شديد، ثم يترجم لي أهم ما جاء فيه، حيث كانت أخبار الانقلاب والانقلابيين هي المسيطرة على كل الاهتمامات والأخبار، سائق تاكسي آخر قال لي: لقد تركت سيارتي في الشارع ونزلت حينما سمعت نداء الرئيس أردوغان أن ننزل للشوارع واتصلت على إخوتي وأولادي حتى يخرجوا للشارع فوجدتهم جميعا قد سبقوني ونزلوا، قلت له كيف واجهتم الدبابات وأنتم عزل من السلاح قال: «العالم كله يهاب الأتراك نحن أقوياء ولا نخاف وطالما أننا جميعا سنموت في النهاية فلنجعل موتتنا شريفة ومن أجل الوطن».
لقد كانت البطولة المطلقة في كل مشاهد الانقلاب للشعب التركي الذي هجم على العسكر بأيديه الفارغة وجردهم من السلاح وقبض على كثير منهم وسلمهم للشرطة، كما أن كثيرا من الناس أوقفوا سياراتهم البسيطة في مواجهة الدبابات أو ناموا تحت جنازيرها ليمنعوها من الحركة.. بعض الدبابات رضخت ووقفت وبعض الدبابات سارت على أجساد الناس ففتتها، وبعضها دهس السيارات بمن فيها، شاهدت فيديو لهجوم الشعب على الاذاعة التركية لتحريرها من العسكر، وكيف أن العسكر كانوا مذعورين رغم بنادقهم، وأن الذي كان يحميهم من بطش الشعب كان جنود الشرطة الذين كان لأغلبهم مواقف بطولية هي التي ساعدت على إفشال الانقلاب، أما الفيديوهات التي أظهرت رجال الشرطة في أنقرة وهم يواجهون الطائرات بمسدساتهم فقط فقد كانت بطولة غير مسبوقة، سألت أحد مديري البنوك عن رؤيته للوضع الاقتصادي قال: لقد استعادت الليرة عافيتها بشكل سريع لم نتوقعه على الاطلاق وهذا ما يجعلنا نتفاءل باستقرار الاقتصاد سريعا.. سألت مدير الاستقبال في الفندق الذي كنت أجده دائما مزدحما: مالي أرى الفندق شبه خال من الناس، ابتسم وقال لي: لقد خاف كثيرون وسافروا لكن الغريب أن آخرين مددوا إقاماتهم، لكني سعيد لأن كثيرا ممن ألغوا حجوزاتهم عادوا لتأكيدها مرة أخرى. إن ما حدث كان عملية جراحية صعبة لكن الجسد التركي سوف يتعافى بعدها ويصبح أقوى.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

تورط أمريكا في الانقلاب الفاشل

التالي

هاكان فيدان الذي لم يستمع له محمد مرسي (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share